العدد 4198 - الأربعاء 05 مارس 2014م الموافق 04 جمادى الأولى 1435هـ

العرب والأوروبيون ومنهجية الحوار

جعفر الشايب comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

نظمت الهيئة القبطية الإنجيلية في مصر ملتقاها الثالث للحوار العربي الأوروبي، ضمن مسعاها لتعزيز التواصل والحوار البناء بين المجموعتين من خلال دعوة شخصيات ثقافية وأكاديمية ودينية من كلا الطرفين، وتناول قضية سياسية أو فكرية معاصرة والحوار حولها. وجاء عنوان اللقاء هذا العام والذي حمل عنوان «موقع المواطنة والدين في التحولات السياسية في المنطقة العربية وتأثيرها على العلاقات العربية الأوروبية»، متزامناً مع التطورات السياسية المتسارعة التي تمر بها المنطقة.

شارك في اللقاء حوالي 80 شخصية من مختلف الدول العربية والأوروبية، بحثوا في قضايا شملت قراءة الأوضاع السياسية بعد الربيع العربي وتقييم مواقف الدول الأوروبية من هذه التطورات ومصادر الشرعية وضروراتها للأنظمة السياسية، ومفاهيم الشهادة والعلاقة مع الأقليات الدينية، إضافةً إلى مواضيع مرتبطة بتطوير العلاقات البينية العربية الأوروبية.

وعرض في اللقاء عديد من المواقف السياسية المتباينة والأفكار الثرية، وأثار كل ذلك جدلاً ونقاشاً مطوّلاً وجاداً بين مختلف المشاركين الذين يعبرون عن توجهات مختلفة، أملاً في أن تكون متوفرة للقارئ العربي كمادة فكرية وسياسية.

وبعيداً عن مجمل الأفكار المطروحة وفعاليات اللقاء، أثارتني في الوقت ذاته مجموعة ملاحظات حول أنماط وأشكال الحوار بين الطرفين ومنهجيته، ورأيت بأن منهجية الحوار تعبّر عن نمط فكري معين وتقود أيضاً إلى سلوكيات ومواقف محددة.

يميل أكثر الأوروبيين إلى النظر لما يجري في المنطقة من تحوّلاتٍ سياسيةٍ على أنها ليست نهائية، وبالتالي فليس لديهم مواقف ثابتة من مختلف الأطراف وإنّما يؤكّدون على ضرورة مواصلة مشروع التحوّل الديمقراطي وتعزيز قيمه بغض النظر عن الأطراف المشاركة فيه. في المقابل فإن أغلب المتحدثين العرب لديهم قناعات ثابتة ونهائية حول مجمل الحراك العربي وحول أطراف الصراع، ويصل الموقف لحالة من الصدامية، وينحى باتجاه إقصاء الآخر المختلف وتحميله جميع الأخطاء.

أغلب أعضاء الجانب العربي ينبش في الماضي ويقيم الحاضر استناداً على ما كان، ويبتعد عن الاقتراب من التوجّهات المستقبلية وبالتالي تحديد موقعه ودوره فيها. نقد السياسات والممارسات وأنماط التفكير السابقة واستدعاء استشهادات ونماذج لتأكيد الفشل هي منهجية معظم المشاركين العرب. في الوقت الذي كان الأوروبي يتجاوز النظرة إلى الماضي ويعي مقاربةً مستقبليةً عبر استنطاق السيناريوهات المحتملة والدور المطلوب فيها، وضرورة تغليب الاتجاه الأكثر ملائمة.

العلاقات البينية بين الأطراف العربية العاملة كمؤسسات المجتمع المدني والقوى السياسية متوترة وغير متكاملة أبداً، وبذلك فهي لا تؤثر سلباً على العلاقة بين هذه القوى فقط وإنما تمتد أيضاً إلى العلاقة مع المؤسسات الأوروبية خصوصاً الجهات المانحة التي ترى في ذلك حالةً من النميمة المجتمعية لا تؤدي لبروز قوى مدنية فاعلة.

أنماط أخرى في منهجية الحوار تمثلت في حالة احتكار المعرفة، بدلاً من تبادلها وتكاملها، وسيادة حالة التوتر في التعبير عن الفكرة والرأي في مقابل طرح الرأي بتوازن وترو، وكذلك خلط المفاهيم لجرها قسراً إلى تأكيد رأي معين.

رأيت ضرورة في الابتعاد عن المواقف والأفكار التي تم تناولها مع أهميتها وعرض انطباعات شدتني من خلال المشاركة في هذا اللقاء القيم، بهدف تلمّس أنماط ومنهجية الحوار، ولعلها تكون من الأمور التي نستفيد منها.

إقرأ أيضا لـ "جعفر الشايب"

العدد 4198 - الأربعاء 05 مارس 2014م الموافق 04 جمادى الأولى 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً