العدد 4252 - الإثنين 28 أبريل 2014م الموافق 28 جمادى الآخرة 1435هـ

انتقاد خطاب الكراهية ومشاركة مثقفين في «حفلة الزار»

في ندوة «المنبر التقدمي» بشأن المجتمع المدني والمستجدات الاجتماعية...

المتحدثون في الندوة (من اليمين) وسام السبع، فاضل الحليبي وهدى المحمود - تصوير : احمد آل حيدر
المتحدثون في الندوة (من اليمين) وسام السبع، فاضل الحليبي وهدى المحمود - تصوير : احمد آل حيدر

مدينة عيسى - محرر الشئون المحلية 

28 أبريل 2014

استعرضت ندوة «المجتمع المدني والمستجدات الاجتماعية في البحرين» جوانب مقلقة باتت تهدد الاستقرار والسلم الاجتماعي في البلاد، فيما برز الانتقاد الأكبر لخطاب الكراهية من قبل بعض الأصوات ومشاركة نماذج من مثقفي الحداثة في «حفلة الزار» المسيئة للمجتمع.

وتحدث في ندوة المنبر الديمقراطي التقدمي التي عقدت تحت عنوان: «المجتمع المدني والمستجدات الاجتماعية في البحرين» مساء أمس الأول الأحد (27 أبريل/ نيسان 2014) بمقر التجمع في مدينة عيسى كل من الناشطة الاجتماعية المسئولة عن مبادرة «البحرين تجمعنا» هدى المحمود والكاتب وسام السبع وأدارها عضو المكتب السياسي بالجمعية فاضل الحليبي.

الإيذاء والإيقاع و «الزار»

وفي تقديمه للندوة، وصف الحليبي أهمية موضوع الندوة لارتباطه بالمستجدات أو بالتغيرات الاجتماعية في البحرين خلال السنوات الثلاث الماضية، منوهًا إلى أن المشهد الأخطر هو خطاب الكراهية الذي مزق وشطر الوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي للوطن، متناولًا بصراحة دور السلطة في بث الكراهية من خلال الماكنة الاعلامية لإيذاء الآخر والايقاع به، وهو خطاب يحث على البغضاء والكراهية والتمييز بين أبناء الشعب من خلال إعلاميين وكتاب ورجال دين معروفين لعبوا دورًا سيئاً مع الطائفيين والمنتفعين لتقسيم شعب البحرين، وهذه أخطر ظاهرة اجتماعية برزت في البحرين خلال السنوات الثلاث ولاتزال مستمرة.

لكن الطامة، كما أوضح الحليبي، هي عندما شارك البعض مما يعرف بمثقفي الحداثة والتنوير في حفلة الزار الماجنة في الرقص على جراحات الشعب، وكرسوا وقتهم وجهدهم لخطاب الكراهية في المجتمع بدلًا من الحث على اللحمة والوحدة الوطنية، وعمقوا من الجرح الذي كان ينزف دمًا من الجسد البحريني، ولن يتشافى منه لسنوات إذا لم يعمل الحكم في البحرين على إيجاد حل سياسي جاد.

غرقى يبحثون عن قشة!

وفي ورقتها، تحدثت الناشطة هدى المحمود مسترجعة صورة أداء منظمات المجتمع المدني التي حملت ملفات كثيرة في فترة حجب الحريات وأمن الدولة والتشديد والتقييد، ووصفت تلك الأيام بأنها «الأحلى»، ضاربةً المثل بجمعية الاجتماعيين البحرينية التي عملت على مدى 35 عامًا بنجاح في مجال تنظيم المؤتمرات واصدار أفضل الدراسات وتكوين العلاقات الخليجية حتى ولادة الجمعية الخليجية للاجتماعيين، لكنها أكدت أن نكبة تلك المؤسسات بدأت في عهد الإصلاح وتشكيل الجمعيات السياسية.

وتناولت بشكل مفصل ما حل بالمنظمات بعد العام 2001 من شرح وكأن الخطة مرسومة ولم تفتح تلك المؤسسات أعينها عليها ولايزال الكثير من الناس مغمضي العين حتى اليوم، وقد استشعرت جمعية الاجتماعيين البحرينية بحكم تخصصها ومهنتها ومعرفتها التامة لهموم المجتمع الخطر، فطرحت مبادرة «وطن يجمعنا» التي بدأت عملها منذ فترة السلامة الوطنية من خلال الاتصال بالجمعيات النسائية والمهنية والسياسية أيضاً، وكذلك التواصل مع المبادرات الشبيهة في المحافظتين الوسطى والشمالية.

وقربت الصورة بالقول: «تواصلنا مع بعضنا البعض كجريح يداوي جرحه مع جريح آخر... وجدنا أن الناس وكأنهم غرقى ويريدون قشة يتعلقون بها... نسقنا مع المجالس الأهلية والمآتم لرفض التشظي وملامح التحول نحو صراع مجتمعي».

«السوشيز»... حائط صد

وعرجت نحو محطات التواصل ضمن مبادرة «وطن يجمعنا» حيث تبين أن العائلات السنية الشيعية أو ما تم تسميته بـ «السوشيز» تمثل شريحة كبيرة جدًا في البلد، وهذا ما أظهر أن الترويج للتشظي ما هو إلا صفة من «تشظي الوهم» الذي اعتنقه سياسيون ومجاميع طارئة، وزادت قولها: «على رغم معرفتنا بالاتجاه الرسمي، إلا أننا تواصلنا مع وزارة التنمية الاجتماعية التي دعمت التوجه، لكننا شعرنا بأن هناك خيوطا تشد في الخفاء لكي لا تنجح هذه المبادرة وتضع العراقيل».

وفيما يتعلق بدور المجتمع المدني مع تنامي خطاب الفتنة الشاهر الظاهر ووجود أطراف تغذيه، أوضحت المحمود أنه «أمام تلك التغذية الفجة من قبل أسماء معروفة وجماعات، أعدنا التحذير من الانسياق إلى الفتنة من خلال مبادرة «بحرينيون ضد الفتنة»، وتعرضنا لمحاربة من أولئك أيضاً، لكننا مستمرون في خطنا ومسارنا، داعيةً الجمعيات السياسية إلى ضرورة اشراك المرأة والطفل في أية خطوات تصالحية أو طاولة مفاوضات مستشهدة بما تؤكده الأمم المتحدة من اشراك المرأة والطفل ضمن حوارات الأطراف المتنازعة على اعتبار أن الرجال فقط حين يجتمعون لا تتحقق اتفاقات مستدامة كون الرجل محارب بطبيعته ويفضل العنف، أما اذا دخلت النساء، فكونهن أصحاب مصلحة في السلام والاستقرار لتربية الأجيال، فهن يقيمن الأوضاع بشكل أكثر تأثيرًا ايجابيًا».

طائفية التكوينات السياسية

وبتعميق مباشر، وجد الكاتب وسام السبع في ورقته ضرورة الإشارة إلى أن الطائفية لا يمكن أن تمارسها تكوينات سياسية لا تملك إلا وطنيتها وعقيدتها السياسية، لافتًا إلى أن الطائفية بالضرورة تهمة تصدق وتتحقق على من يملك الوطن بكل مقدراته، ومن يملك الوطن يملك معه القانون والثروة وامتيازاتها والنفوذ وهيبته والجيش المدجج والسفارات والسيادة المطلقة.

وعن العقيدة الوجدانية للدولة، أشار السبع إلى أن المصلحة المشتركة هي المكون الرئيسي لهذه العقيدة، وتترجم عبر استيعاب الناس ضمن مؤسسات الدولة لتحقيق مصالح مشتركة بين عموم المواطنين، وهو ما لم يحدث، منتقلًا للحديث عن بروز أزمة الهوية، وهي الأزمة الثانية إلى جانب الرواية التاريخية المنفرة، وهي غياب آليات الدولة الحديثة فيما يتصل بالمنظومة الحقوقية والدستورية سواءً فيما يرتبط بالشقّ المدني المتعلق بالحريات الفردية، أو الشق السياسي المتعلق بحق المشاركة في صناعة القرار وحق المساءلة.

انفجار الهويات الفرعية

أما بالنسبة للمعضلة الطائفية كواحدة من عناوين المرحلة، فقد عالج السبع هذه النقطة بالقول ان «مذهبة السياسة» في غياب دولة حديثة قادرة على حماية مواطنيها والذود عن مصالحهم - بصرف النظر عن انتماءاتهم المذهبية - تؤدي بالضرورة إلى انفجار الهويات الفرعية واستحضارها؛ وما حدث أن عملية حصلت في الرد على «مذهبة السياسة»، فقد سيّس الانتماء المذهبي في الحالة الشيعية ليكون في مواجهةٍ مع الدولة التي تقوم بمذهبة السياسة، وهو ما أدّى إلى حالةٍ من الغليان الطائفي مرت بمراحل مدّ وجزر، لكنها كرّست ديمومة الأزمة وقدرتها على إعادة إنتاج نفسها في فترات مختلفة، جعلت من الشيعة رهينةً للتسييس، وهي حالةٌ نجد لها أشباهاً ونظائر في المشرق العربي في غير واحدة من التكوينات الإثنية.

رابطة عابرة للطائفية

ولم يغفل السبع «الهوية الوطنية»، فأشار إلى أن مفهوم الدولة في الأساس يعبّر عن أمةٍ وطنيةٍ قائمةٍ على أساس تعاقدي تجمعها رابطة وطنية عابرة للانتماءات الطائفية، لا تلغي الهويات الفرعية لكنها تخلق حالةً جامعةً يشعر جميع المنتمين إلى جماعاتهم الأصلية بالانتماء إليها، إلا أنه بغياب الهوية الوطنية أو في ظل وجود دولة تقوم بالتمييز ضدهم، تنبثق الهويات الفرعية بشكل تلقائي، ما يجعل الكيانات الطائفية بديلاً ووكيلاً عن أبنائها في المطالبة بحصة ما في صراع النفوذ، وهو ما ينتج في نهاية الأمر تفتيتاً للوحدة الوطنية.

العدد 4252 - الإثنين 28 أبريل 2014م الموافق 28 جمادى الآخرة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 9:05 ص

      ازمة سياسية بمتياز

      تجير الطائفية لخدمة السياسة هي ما تفعله الانظمة المستبدة، فلبقاء الوضع القائم على ما هو عليه استخدم النظام الطائفية وبفث سمومه فيها فأخذت تنخر في المجتمع.

    • زائر 2 | 3:58 ص

      الازمة طائفية

      بعد سلسلة الندوات الأخيرة بخصوص خطابات الكراهية ثبت بما لا يدعوا للشك أن الأزمة في البحرين أزمة طائفية بإمتياز ، مما يستوجب إجراءات سريعة للتقريب بين وجهات النظر بين الطائفتين واتوقف الطرفين عن بث خطابات الكراهية لينعم أبنائنا بالسلام.

اقرأ ايضاً