العدد 4663 - السبت 13 يونيو 2015م الموافق 26 شعبان 1436هـ

سياسة وقف الدعم... الليبرالية المتوحشة

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

صورتان باهرتان تمثلان أول تباشير ما وعدتنا به الحكومة، بخصوص رفع الدعم عن اللحوم الحمراء والبيضاء، الذي سينقذ الاقتصاد الوطني من متاعبه، ويوقف الهدر في المال العام، ويوفّر ملايين الدنانير للخزانة العامة!

الصورة الأولى حين ذهبت إحدى العوائل صباح الجمعة، إلى إحدى البرادات الكبيرة، ففوجئت بوجود طابور طويل أمام قسم اللحوم، مع توزيع أرقام على المشترين، حيث حدّدتْ لكل مشترٍ دجاجتين فقط. لقد عدنا إلى نظام الحصص الغذائية الذي طُبق على أجدادنا لأول مرةٍ في الحرب العالمية الثانية، وسنفاجأ بالكوبونات التي تستخدم في الدول المتورطة في الحروب مثل العراق والسودان!

الصورة الثانية في مساء اليوم نفسه، حين ذهبت العائلة نفسها إلى محلات أخرى كبيرة، لشراء الخضروات للأسبوع الجديد، ففوجئت بارتفاع سعر الطماطم إلى 1.750 دينار، بينما كانت هناك مقصورة أخرى للطماطم وضعت عليها تسعيرة بمبلغ 550 فلساً، وكانت تالفة. فأنت مضطرٌ إما لشراء الطماطم الجيّدة بثلاثة أضعاف السعر، وإما استهلاك الطماطم الفاسدة. وهذه هي الخيارات التي تفرضها عليك آليات النظام الرأسمالي الليبرالي، ولا تسأل عن دور وزارة التجارة الغائبة ولا حماية المستهلك على الإطلاق.

بدأت الطاحونة بتسويق رفع الدعم عن اللحوم، وكانت الحكومة تخبئ تحت عباءتها سلعاًً وخدمات أخرى، ستخرجها تدريجياً لكي لا تصدم الشارع وتثير حفيظته دفعةً واحدةً. بدأت باللحوم الحمراء (البقر والغنم) والبيضاء (الدجاج والحمام والفراخ والديوك الرومية!)، ويتبعها سريعاً وقود السيارات، ثم الكهرباء والماء، ثم الدقيق الذي يُصنع منه الخبز بأنواعه، وتعتمد عليه كل أنواع المعجنات والفطائر والكعك والسندويشات، وكلها قِيَمٌ ستضاف على المستهلك، فضلاً عمّا سيضيفه رفع الدعم عن اللحوم من زيادة على أسعارها. هذه هي المعادلة الجديدة التي ستثقل كاهل 90 في المئة من شعب البحرين، يشكّلون الطبقة الوسطى والدنيا بشرائحهما المختلفة... فضلاً عن عشرات الآلاف من الأجانب من العاملين في القطاعات الدنيا ممن يعيشون على الكفاف. وهؤلاء لا يقول لنا دعاة الليبرالية غير الإنسانية، كيف ستكون أوضاعهم المعيشية بعد رفع الدعم، وكم منهم سيبقى وما آثار ذلك على الاقتصاد الوطني.

من حق النائب الأول لمجلس الشورى جمال فخرو أن يعلن دعمه الكامل لهذه السياسة الليبرالية المتوحشة، فهو لن يشعر بتأثيراتها على الإطلاق، لأنه ببساطةٍ من طبقة اجتماعية أخرى. ومن حقّنا كصحافةٍ، أن نكتب عن أوجاع الناس وما ينتظرهم من مصاعب ومتاعب كبرى، بانت نذرها تظهر في الأفق.

وزارة التنمية الاجتماعية تقدّم معونات لأكثر من 15 ألف أسرة بحرينية حالياً، (نحو 75 ألف نسمة= 10 في المئة من المواطنين)، فهل هي مستعدةٌ للدفع للأسر الجديدة التي ستنضم إلى قوائم الأسر الفقيرة؟ أم أن الحكومة قلّصت مخصّصاتها للوزارة للعام 2016؟ ألسنا في هذه الحالة أمام مشروع خطير، من شأنه أن يوسّع دائرة الفقر ويعمّم الشقاء؟

النائب السابق عبدالنبي سلمان طرح إمكانية معالجة موضوع إعادة توجيه الدعم برفع الدعم عن الغاز أو رفع أسعاره بالنسبة للشركات الكبرى، بالإضافة إلى فرض ضرائب على الشركات الكبرى. لكن هذه الفكرة البديهية البسيطة لم تكن تخطر ببال الحكومة، التي لا تفكّر إلا بتقليص ما تقدّمه للمواطنين، على قلة ما ينتاب المواطن من حصةٍ صغيرةٍ في المال العام، على شكل دعم سلع أو خدمات.

سلمان أشار أيضاً إلى إمكان تخفيض الموازنات المخصّصة للعسكرة والتسلح والأمن، فضلاً عن ضبط المصروفات، لإبقاء الدعم على السلع الرئيسية بهدف تحقيق الأمن الاجتماعي. ويبدو أن هذه الفكرة لا تروق للحكومة أيضاً، بعد أن وضعت كل فكرها وتفكيرها على اللقمة الرخيصة التي تصل إلى أفواه المواطنين.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4663 - السبت 13 يونيو 2015م الموافق 26 شعبان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 31 | 9:41 ص

      اللبرالية الجميلة

      على أيام اللبرالية قبل دخول الإسلاميين من الوفاق والإخوان والسلفيين كان أي مواطن يستطيع الزواج وبناء بيت والعيش بكرامة، لكن بعد سياسة الإسلاميين بالدعم، فبدأوا ببدل السكن واليوم حتى الأغنياء لا ستطيعون شراء أرض بسبب سياسة الدعم التي جعلت السكن يتضخم، ثم زادوا عليها بعلاوة الغلاء حتى أصبح الشاب بعمر الخمسة وثلاثين والأربعين يتقاعد مبكرا ويعتمد على دعم الدولة وينتظر بيت الإسكان ويأخذ باص ويوصل طلاب المدارس، لماذا يعمل المواطن والدولة تدعمه وهو لا ينتج.

    • زائر 24 | 6:02 ص

      ....

      جلبوا كل هذا الكم الهائل من الاجانب كي تلهي الشعب بمشاكل لا حصر لها والان بعد ان زاد العبء عليها اخذت تتملص للمواطن لتعيل الاجانب والوافدين الجدد من كيس المواطن وهذا بالضبط مايريده صندوق النقد وما ما امريكا واليهود .......

    • زائر 20 | 4:08 ص

      واقع مبكبي

      القتدم مرعب..قد يسبب هجره من كان لا بفكر في الهجره. ..وسيجعل التاس ماديين ووحوش على بعضها البعض. .رحمتك يا رب

    • زائر 19 | 3:57 ص

      إ ليبرالية لا تعرف أي عنصرية ولا تصادم مع المختلف

      وأغلب دول العالم المتقدم والديمقراطي يتبعها ونشوف شعوبها عايشين بسلام مع بعض وكلا في دينه ومذاهبه ولا يعملوا قنوات تطعن في بعض

    • زائر 18 | 3:28 ص

      ويلكم يا شعب البحرين من القادم

      تراكم سياسات الفشل والحلول القشرية والتسويف سيدخل البلد في مستنقع لن تخرج منه

    • زائر 17 | 3:20 ص

      الميزانية

      الحل يكمن ف الميزانية العسكرية والداخلية فتصور أن تقليص تلك الميزانية ب 1.5% يحل المشكلة بدل من رفع الدعم عن اللحوم يتبعها السلع الاستهلاكية الاخرى التي تمس حياة الغالبية العظمى من المواطنين قد تصل ال90% منهم.

    • زائر 14 | 2:34 ص

      الحل موجود

      1 الغاء مجلسي النواب والشورى ومافيه اي حسافه
      2- ايقاف التجنيس فورا وترجيع من جنس الى بلاده
      3- ايقاف ترقيات العسكريين وتخفيض رواتب الهوامير سواء في السلك العسكري او المدني
      4- تقليص اعداعد المستشاريين اللي وصلونا الى هذا الوضع
      5- تقليص موازنه الامن وحل الاستجابه لمطالب شعب البحرين الاصلي مو الجاكويتوه
      6- احترام راي المواطن

    • زائر 12 | 2:28 ص

      العراق مثالا

      ماذا فعل حكم الإسلاميين في العراق؟ هل الدعم جعل العراق منتجا ؟ والعراق غني بثرواته النفطية والمائية ويستورد الخضراوات من الأردن ! تصور العراق يستورد الخضراوات من الأردن البلد اللبرالي الذي لا يقدم أي نوع من الدعم بينما العراق الإسلامي الغني بدجلة الفرات وبالثروة النفطية والغازية لا يزرع الخضراوات ويستوردها من الأردن، والكهرباء لا تنقطع في الأردن ولا تعمل في العراق، والعراق غني بالنفط والغاز والأردن يستورد الطاقة، العراق يدعم والأردن لا يدعم.

    • زائر 26 زائر 12 | 7:06 ص

      الذي يده في النار غير الذي يده في الماء

      وهل ترك لهم البعث من قبل والارهاب الآن اي مجال لينتجوا ؟.. فقد تركمت عليم المصائب مو كل جهه.. وسؤال لك ماذا انتجت ا؟؟

    • زائر 11 | 2:16 ص

      الان ونحن مثقلون بالديون والهموم

      خافوا الله فينا نبغي نعيش حالنا حال البشر
      الرواتب ماتجي 5 الشهر الا كملت شتبغون يصير فينا اكثر من جدي

    • زائر 10 | 1:47 ص

      احسنت سيدنا

      كلام سليم سيد والمتضرر هو الفقير

    • زائر 9 | 1:32 ص

      يشقى بنوها و النعيم لغيرهم

      السبب الرئيسي وراء ذلك هو ان هناك شعب اخر و على الحكومة ان توفر له الغذاء وكل مستلزمات الحياه بل و ان له الاولوية في كل شىء الاسكان والتعليم و الصحة

    • زائر 8 | 1:12 ص

      مقاطعة المحلات اللتي ترفع من الاسعار

      يجب مقاطعة كل محل يرفع سعر السلعه ولا احد يشتري منهم شي .. والحين رمضان صومو وخلهم يولون لا احد يشتري خل اللحم والخضره والفواكه تخيس عندهم وغصبا عنه بينزل سعره

    • زائر 25 زائر 8 | 6:10 ص

      نتمنى.

      نتمنى تفاعل الناس مع هالموضوع المهم.

    • زائر 6 | 12:52 ص

      ما ينقصنا كيفية دعم المواطن فقط

      وتوجيه المال العام لتحسين الأسر البحرينية في جميع مجالات الحياة

    • زائر 4 | 12:37 ص

      صباح الخير .

      حكم الاخوان لم ينفع هناك امثله كثيره على فشل الاقتصاد السيأإسلامي ايضاً الديمقراطيه فشل تلو فشل ومع ذلك يتم تخويف الناس من الليبراليه لأن كثيرين من السياسيين سيخسرون مصالحهم من عدة اتجاهات .الليبراليه واقع ولكن لا أحد يعترف بوجودها مع أنها حاضره في واقعنا الآن.

    • زائر 3 | 12:33 ص

      ليبرالية متوحشة ؟

      أجد أن الكاتب لا يفرق بين كلمة الليبرالية والرأسمالية والإشتراكية، أستغرب كيف لليبرالية أن تكون متوحشة، أردتُ أن أرى مقالاً يشجع على قطع الدعم عن الغاز لأنه يكبد الحكومة خسائر فادحة كل سنة ويمكن تعويض المواطنين بزيادات معينة. ثم كيف لنسبة 90 بالمئة من شعب البحرين سيُثقل كاهله من هذه المعادلة الجديدة فمن أين أتت هذه الإحصائية؟ فأما هذه السياسة فليست سياسة ليبرالية أبداً، فقطع الدعم يعبر عن مسألة إقتصادية وليس له أي إرتباط بالليبرالية. أرى أن هناك الكثير من المغالطات في هذا المقال.

    • زائر 13 زائر 3 | 2:34 ص

      أؤيد كلامك 100%

      لا ارى اي ارتباط بين الليبرالية و هذا الكلام و المقال به مبالغات لا داعي لها

    • زائر 16 زائر 3 | 2:47 ص

      زدنا

      لو عرفتنا ايها الزائر بالفروقات بين الراسمالية والليبراليه بصورة سريعه
      واعتقد الاشتراكيه .مفهومه لحد ما .. بارك الله فيك

    • زائر 21 زائر 3 | 4:34 ص

      نعم لا يوجد أي ارتباط بين الاثنين

      إ ليبرالية ضد جميع العنصريات

    • زائر 22 زائر 3 | 4:52 ص

      الكاتب مصيب يا عزيزي

      ففيما يخص الجانب الاقتصادي فإن الفلسفة الليبرالية ترى عدم تدخل الدولة في السوق وتركه يرتب نفسه بنفسه، وهي المصيبة الكبرى الأزلية عندنا وهي التجزئة في التطبيقات والقراءات. فالمقارنات تأتي بما يتفق والهوى. المهم يا عزيزي أن السيد مصيبٌ فيما ذهب إليه.

    • زائر 23 زائر 3 | 5:35 ص

      حتي العدس

      بدأت المطاعم برفع اسعارها.حتى الدال اكلت الفقراء(العدس) كان الصحن الصغير.في احد المطاعم المشهوره بمدينة حمد ب500 فلس تفاجأت يوم امس يأن السعر صار. ب650 فلس. لاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.. فلنستعد للأسوأ

    • زائر 27 زائر 3 | 7:15 ص

      السيد صح

      و كل ما يتوقعه صحيح ، حلل يا اخي اقتصادات الدول التي تورد فقط و لا تصدر و تعتبر مجتمعاتها فقط مستهلكه لا منتجه ، اتوقع سقوط كامل للاقتصاد ، فمع ارتفاع سعر اللحم فقط سيتاثر العامه الفقيره و التي تشكل الاغلبيه او بالاحرى ستدخل الطبقه الوسطى مع الطبقه الفقيره و سترى تراجع للطلب على كل المنتجات ، اللحم يعتبر جزء اساسي من الحياه و لو تضاعف سعره 3 مرات فهذا يعني ان الميزانيه التي تخصصها للحم ستكون من 50 الى 150 و هذا يعني ان راتبك سيقل بمقدار 100 ، هذا للحم فقط و انتضر باقي السلع التي سترتفع تلقائيا

    • زائر 2 | 11:51 م

      سيد صدقت

      يعني حاطة عيونها على اللقمة الرخيصة التي تصل للمولطن.

    • زائر 1 | 11:45 م

      أدا الوحوش حشرت

      هل تحاسب الوحوش
      الوحوش اللذين ذكرهم القران هم وحوش بشرية سواء ليبرالية أو حتى أسلامية وغيرها الانسان الدي يعتبر باقي الانسانية ارقام يستخدمها متى ما أحتاج لها وفي اي أتجاه وقول علي ابن ابي طالب(ع) ما جاع فقير الا بما متع به غني وما رأيت نعمة موفورة الا والى جانبها حق مضيع أنظروا في باقي الميزانية أين تدهب ووزعوا بالعدل فكلها دورة أموال لا أكثر ولا أقل

اقرأ ايضاً