صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4664 | الأحد 14 يونيو 2015م الموافق 19 رمضان 1445هـ

الحرب على داعش

الكاتب: ريم خليفة - Reem.khalifa@alwasatnews.com

أنفقت الولايات المتحدة أكثر من 2,7 مليار دولار على الحملة العسكرية التي تشنها ضد تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» – (داعش)، وذلك منذ أن بدأت ضرباتها الجوية ضد أهداف للتنظيم المتطرف في شهر (أغسطس / آب الماضي)، فيما تبلغ كلفة الحرب في اليوم الواحد الآن أكثر من تسعة ملايين دولار، بحسب ما أعلن البنتاغون قبل عدة أيام.

ويأتي كشف البنتاغون عن هذه الأرقام في الوقت الذي رفض فيه الكونغرس تشريعاً يهدف إلى منع أَيّ إنفاق على العمليات الحربية، قبل تمرير قرار جديد حول تفويض الحرب.

وزارة الدفاع الأميركية أصدرت للمرة الأولى تقريراً تفصيليّاً – بحسب وكالة «الاسوشيتدبرس»- بتكلفة حربها ضد «داعش»، مشيرة فيه إلى أن ثلثي هذا الإنفاق، أي أكثر من 1,8 مليار دولار، خصصت للقوات الجوية، أما الباقي فتبلغ كلفته خمسة ملايين دولار في اليوم.

مثل هذه الأرقام التي أنفقت في الحملة العسكرية ضد تنظيم «داعش» الإرهابي، تكشف أيضاً الواقع المرير عن أن هذه الحملة العسكرية قد تطول، وأن الحرب لن تنتهي بتحالف دولي واحد. وهو ما يعني أنَّ المشهد الحالي يعكس تزايد الأحداث في المنطقة وخصوصا في العراق وسورية وامتداد هذا الإرهاب إلى مناطق وبلدان أخرى.

وهنا نتساءل: هل أثر هذا الإنفاق الضخم في اجتثاث هذا التنظيم؟ أسئلة كثيرة تدور حول كيف يمكن القضاء على «داعش» التي مازالت تنشر سموم أفكارها عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وأيضا عبر كتب توزع بالمجان هنا وهناك مثل المكتبات، وأيضا أماكن دور العبادة المختلفة. وهو ما يؤدي إلى بثّ ونشر ثقافة الكراهية ضد أي مكون داخل المجتمع، وأيضاً يدفع بالشباب إلى التجنيد نحو أفكار تحوله إلى أداة قتل تستخدم لإرهاب الدول، وتركيع الشعوب نحو مفاهيم تؤسس للرجعية وتقضي على حس التسامح والإنسانية داخل الفرد.

واليوم الغرب يدافع بالقول: إن «داعش» ليست صناعة غربية؛ لأنه أيضاً عاش الإرهاب وكان ضحيته، ولذلك فإن ظهور «داعش» هو نتيجة للفشل السياسي في المنطقة العربية، وللغياب الحقيقي لوجود حكومة تمثل كل الأطياف داخل المجتمع الواحد. لذلك فإنَّ هناك حلقة مفرغة بين التطرف والإرهاب والقمع، ولا يمكن السيطرة على الإرهاب بالقمع؛ لأنه لابد أن يكون هناك طريق ثالث بين التطرف من جهة والاستبداد والفساد من جهة أخرى.

فمن البلدان التي كان فيها التطرف والاستبداد، العراق، والآن اليمن.

مسئولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني كانت صرحت بأن «القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية لن يتم، إلا إذا تمت معالجة الأسباب الرئيسية وراء وجوده في سورية والعراق».

موغيريني، التي كانت تتحدث أثناء تسلمها جائزة العام من معهد الدراسات السياسية الدولية في روما الشهر الماضي، أشارت إلى أن الرد العسكري على مسلحي التنظيم ضروري، لكنه ليس الحل الوحيد، موضحة أنه «سيكون من الممكن التغلب على ‹داعش› لو يصبح العراق صلباً وديمقراطيّاً، ويتم دمج جميع مكوناته»، و«إذا تمكنت سورية من انتهاج طريق التحول الديمقراطي والمصالحة الوطنية».

من دون شك، هناك توق ورغبة لدى شعوب المنطقة في إيجاد مجتمعات تتمتع بالحرية والكرامة، وبالحكم الرشيد، وهناك قناعة لدى الشعوب من أجل الإصلاح والتغيير، إلا أن هذا الأمر لا يمكن أن يتحقق إلا بتوافر الشروط الأساسية للحوكمة، وهي الكرامة ممثلة بحرية الإنسان على كل الأصعدة، الفكرية والعقدية والسياسية، وضمان حقوق الإنسان الأساسية. ولذلك فإن السبب الرئيسي لوجود التطرف في البلاد العربية، وخصوصاً في سورية والعراق، هو البيئة الحاضنة للإرهاب والفكر المأزوم، بالإضافة إلى الأنظمة الممولة لها، والتي تزودها كل يوم بالأسلحة وتشحنها ببطارية الكراهية.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/1000166.html