صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4669 | الجمعة 19 يونيو 2015م الموافق 19 رمضان 1445هـ

الباحث المحاري: قرية محارة هُجرت قبل 200 عام بسبب غزو العمانيين

من المكتشفات الأثرية التي عثر عليها في موقع قرية المحارة، وهي المنطقة الواقعة بين قريتي القدم والمقشع وبالتحديد في المساحة التي تعرف اليوم بـ (ساحة الحرية)، واستناداً إلى نتائج التنقيبات في سبعينيات القرن الماضي والروايات الشفهية، فإن العديد من الآباء والأجداد كانوا يستوطنون أو يسكنون في قرية تعرف بأبي محارة، عند المقشع، ولهم فيها مسجد بنفس الاسم مدفون فيه أحد أجدادهم وهو الشيخ حماد، وقد هجروا القرية قبل ما يقارب 200 عام نتيجة للهجمات التي تعرضوا لها أثناء الغزو العماني للبحرين في العام 1899 ميلادية، وهو ذات العام الذي قتل فيها الشيخ حسين آل عصفور.

ويتوغل الباحث سلمان المحاري في محاضرته التي ألقاها مساء يوم الخميس 18 يونيو/ حزيران 2015 بمأتم جنوسان حول (المحاري.. القرية والعائلة)، يستهل الحديث بالإشارة أن لهذه القرية ثقل اجتماعي واقتصادي في كل الفترات التي مرت بها حتى اندثارها، فقد حاولنا جمع معلومات عن العائلة وعن القرية التي يقطنون فيها من الكتب والوثائق والمخطوطات أو من المكتشفات الأثرية أو من الرواية الشفهية التي وصلت إلينا من الآباء والأجداد، وأن هذا البحث يهدف إلى تقديم تجربة ودعوة لجميع العوائل الموجودة في البحرين وفي إقليم البحرين للبدء في توثيق تاريخها، أما الهدف الثاني الذي تناوله الباحث المحاري فهو ليس التفاخر بالحسب والأصل والتفاخر بالعدد والتاريخ، لكن الهدف هو الامتثال للحديث النبوي الشريف :»تعرفوا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم»، لا سيما ونحن في بداية الشهر الفضيل الذي حثنا ديننا الإسلامي الحنيف على صلة الرحم فيه ولم الشمل وجمع المتناثر من الأفراد في المناطق المختلفة.

وفيما يتعلق بأصل تسمية القرية، فإن الباحث أشار إلى أن الكثير من الناس يرجعون التسمية إلى الغوص وتجارة اللؤلؤ والأصداف والمحار، وبالفعل، كانت هناك مهنة يقوم بها أحد الأشخاص بجمع الأصداف من النواخذة بعد عودتهم من الغوص ويبيعها على بعض من يأتون من خارج البحرين بغرض استخدامها في تصنيع الزينة وأنواع من الأصباغ وكذلك لصناعة الجير المستخدم في المباني، ووجد الباحث في مقالة للمؤرخ العراقي أمجد الزبيدي حول تمصير البصرة، أي تنشئتها وإعطائها مركزاً علمياً، فالكثير من الصحابة ومن الرجالات في إقليم البحرين ذهبوا إلى البصرة ومن تلك الأسماء شخص اسمه أبان المحاري، وفي سيرة ذلك الشخص أنه ممن وفدوا على الرسول «ص» مع جماعة من عبدالقيس، وفي بحث آخر للشيخ محمود البغدادي، إشارة إلى عبدالرحمن بن أبي الشعثاء المحاري، وفي كتاب (منتهى المقال في أحوال الرجال) للمازندراني جاء ذكر ذريح بن محمد بن يزيد المحاري، إلا أنه في متن الكتاب كان يتحدث عن المحاربي وليس المحاري، ولا أدعي هنا أن هذا هو الصح أو الخطأ إنما وردت في بعض الأبحاث إسم المحاري وبعض آخر ورد إسم المحاربي.

ويوضح المحاضر بالقول: «حين نذكر عائلة المحاري لابد من اللجوء إلى قرية المحاري التي أوردها المؤرخ البحريني محمد علي التاجر باسم أبو محارة في عقد كتابه: «عقد اللآل في تاريخ أوال» بأنها قرية بين القدم والمقشع كانت قرية قديمة وهي الآن خربة، والنسبة إليها (محاري)، وممن ينسب إليها من الأعيان التاجر الشهير حسين المحاري المتوطن في بغداد والمتوفي في العام 1922... وقد ذكر المؤرخ ناصر الخيري القرية في كتابه قلائد النحرين في تاريخ البحرين ضمن قائمة القرى الكثيرة، ووردت باسم قرية المحارة، أما الشيخ إبراهيم المبارك فذكر القرية عندما تحدث عن الشيخ حماد بأن قبره يقع في محاري جنوباً عن المقشاع قريباً من شارع البديع وهو والد الشيخ علي بن حماد المدفون في قرية باربار.

واستعرض الباحث المحاري وثيقة تتعلق بمسجد أبي محارة تشير إلى أن هناك ساقية ممتدة من المسجد وتصب مياهها في الساحل الشمالي عند قرية الديه، كما استعرض صوراً قديمة للقرية منذ عقدي الأربعينيات والخمسينيات توضح المنازل المأهولة، وفي هذا الصدد أشار إلى أنه في الفترة من العام 1974 إلى 2005، كانت هناك عمليات تنقيب مستمرة ونتائج التنقيب أظهرت أن هذه القرية كان يخترقها في وسطها باتجاه الشرق طريق رئيسي عرضه مترين ونصف إلى ثلاثة أمتار تتفرع منه بعض الأزقة الضيقة تفصل بين بعض البيوت، وهذا يدل على أن القرية كانت من عائلة واحدة وتتميز البيوت في الموقع بشكلها المستطيل، وغالباً كانت تتكون من فناء أو «الحوش» المكشوف، بالإضافة إلى عدد غرف تتراوح بين 3 إلى 4 غرف وللبيوت بابين في اتجاهين مختلفين.

وتكشف بعض الوثائق والصور وجود المدابس التي تشير إلى أن أهل القرية التي يملكون هذه المدابس هم أناس يعيشون في درجة من التمكن والرفاهية، ومن سمات بعض غرف البيوت أن بها مسبح للاستحمام، وفي القرية مازالت موجودة وهي تل مدافن ديلمون، واستخدمت في الفترة الإسلامية كموقع للخيول والماشية، ومن خلال المكتشفات الأثرية من مواد وأواني وأدوات من الزينة عينات من الأساور الزجاجية الملونة والخرز وأحجار كريمة وتحف معمارية تدل على أن من يقطن في القرية كانوا بمستوى معيشي راقٍ ومرتفع وكانوا في رخاء وقوة اقتصادية.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/1001527.html