صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4694 | الثلثاء 14 يوليو 2015م الموافق 18 رمضان 1445هـ

عودة إبراهيم شريف

الكاتب: يعقوب سيادي - comments@alwasatnews.com

لم تطق الجهات الرسمية صبراً، أكثر من شهر وثلاثة أيام، في 2011، على الحركة المطالبة بحقوق المواطنة، التي أهدرتها جهات رسمية، بدايةً بما يتعلق بمنح وسحب الجنسية، استكمالاً لسياسات التمييز ضد طائفة في المجتمع، وكذلك ضد شخصيات قوى المعارضة السياسية من كل التلاوين، ومطالبات أخرى تبدّت ضرورة فكرة المطالبة بها، بعد تجربة الوعود الرسمية من فبراير 2001 حتى فبراير 2011، فكان الموعد 14 فبراير 2011.

الذكرى العاشرة كانت القشة التي قصمت ظهر الآمال الشعبية الجامعة، في تحقيق المملكة الدستورية بمبادئ أورَد يَسِيرَها الميثاق، وبناء الدولة الجديد عبر جسور تصريحات حول «إن التغيير والتطوير لا يكون إلا من داخل السلطة التشريعية»، انتهاءً بشعار «بصوتك تقدر»، فقد ضاع الأمل في الاستطاعة الشعبية التي تم تكبيلها ببعض من نصوص دستور 2002، التي أبرزتها بعض علامات الإستفهام الشعبية، وكذلك في النص والإجراءات في حزمة المراسيم بقوانين، وخصوصاً تلك المكبلة للمشاركة الشعبية والتمثيل المتساوي، بما يُحتم ولابد، أن تتحكم السلطة في مخرجات العملية الانتخابية، بما ضمنت به سن القوانين على مقاس تفردها بالقرار.

وذات النهج سلكته مع الضغوط الحقوقية والسياسية، المحلية والدولية، لتؤطر أدواتها المؤسسية عبر نصوص قانونية، تشير إلى استقلاليتها، ولكن في ظل بناء عمودها الفقري من شخصيات أتت بها من داخل مؤسساتها القائمة، ومن جمعيات مدنية تخدمها استتباعاً، وتعلن بذلك أنها استجابت للتوصيات والقرارات الملزمة المحلية والأممية، فاستحدثت لذلك عدة مؤسسات حقوقية، ولكن هل توقف التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان؟ وهل توقفت الإجراءات الأمنية ومحاصرة القرى وإغلاق الشوارع...؟

منذ العام 1920، كم من حراكات تصدّت للمطالبة بالحقوق، وفي أيّ منها أشركت السلطات المطالبين معها في القرار، حتى المباشر منها بمطالب الحراك، ولا واحد، وهذا ما تصدّت له القوى السياسية في محاولات السلطات، تمييع الإجراءات التي طالبت بها المنظمات الدولية، وتوصيات لجنة بسيوني، عبر الوعود، فالوعي السياسي العام وخبرة القوى السياسية، كشفا عن نواياها.

في مارس/ آذار 2011 تم توقيف إبراهيم شريف، وكان أميناً عاماً لجمعية «وعد» السياسية، وحكم عليه بالسجن خمس سنوات، وأيدت الحكم محكمة الإستئناف، والأدلة، لم تتعدى المطالبات بالصوت، والدعوات والمحاضرات التوضيحية لتلك المطالب، وبما نص عليه الدستور من حق التعبير عن الرأي والتظاهر.

وبعد أربع سنوات ونيف، تم إطلاق سراحه في 19 يونيو/ حزيران 2015، بعد قضائه أكثر من ثلاثة أرباع المدة (85 في المئة)، ليعود إلى الساحة ويرى الناس مازالت تعيش الظروف الحقوقية، المدنية والسياسية نفسها، فعرض أن يساهم بمد الجسور بين القوى السياسية والسلطات، من أجل حل الأزمة حلاً وطنياً، وتطبيقاً لتوصيات لجنة بسيوني وقرارات مجلس حقوق الإنسان، وشَرَع في ممارسة حقه الطبيعي، «التعبير عن الرأي»، ورفع المطالب، مجسِّراً خطواته، باستمداد الصبر والعزم من أبناء الشعب، فقد رأى فيهم صبراً وعزماً وأملاً، لم يمس منهما الضيم.

وكانت آخر محطاته مدينة المحرق، في منطقة مختلطة الأصول والمذاهب، ما بين السنة والشيعة، من العرب والعجم من المواطنين، تربطهم وشائج المصاهرة والمواطنة، وحدّد في تلك الوقفة لإحياء ذكرى استشهاد أحد الشباب، رؤيته لحل الأزمة وفق النهج السلمي الصريح، ملخّصاً المطالب كما جاءت في «وثيقة المنامة». فأين ذلك من كراهية النظام، وأين هو الدفع لتغييره حين المطالبة بتطويره، وأين الحض على ارتكاب الجرائم، حين التصريح بأن السعي سلمي، والعنف وسيلة لن ينجر إليها الشارع ولا المعارضة.

إن المطالب التي يرفعها إبراهيم شريف وغيره من المعارضين، في حال تحققها، لن تجد حالةً مثل حالة الطفلة شريفة، التي لا تجد لها من رعاية صحية وعلاج، واجب على الحكومة التكفل به لجميع المواطنين، سواء في المستشفيات المحلية أو في الخارج، بدل طلب العون بالتبرع من أفراد الشعب، المغبون بإلغاء كل دعم حيوي، من لحوم وكهرباء وماء ومحروقات. ولما وجدت عائلة دون منزل يؤويها سوى سيارة الأم توقفها على شاطئ عام، ربما يعرضها وأولادها لمخاطر من شواذ أغراب، أو تنالها إحدى العقوبات.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/1008421.html