صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4695 | الأربعاء 15 يوليو 2015م الموافق 19 رمضان 1445هـ

بين التحشيش والتدعيش

الكاتب: عقيل ميرزا - aqeel.mirza@alwasatnews.com

أكثر ما يضر الأوطان، أن تُبتلى بأبواق لا هم لها إلا صرف الذهن العام عن الواقع، ولا شغل لها سوى النفخ في النار من أجل إثارة الدخان وتعتيم الأجواء حتى تظل الحقائق غائبةً عن أعين الناس، بهدف تجهيلهم وتضليلهم، وكل ذلك من أجل مآرب شخصية رخيصة لا تساوي قشرة من ظفر الوطن.

عندما تغرق في وحلٍ وتوشك على الموت، فإن إغماض عينك لن يدفع عنك الغرق، وينجيك من الموت المحتم، لذلك فإن أقصى درجات اللاإنسانية أن تجتهد ليلك ونهارك من أجل أن تقنع ضحيةً تصارع الغرق بأنها ليست ضحية، وأن عليها ألا تحذر وألا تخشى.

الرقص على أنغام تجهيل الناس وتضليلهم إلى حد الجنون أحياناً، وإلى حد استهبال واستغفال الجمهور أحياناً أخرى، لا يقي البحرين من مجزرة شبيهة بمجزرتي القديح في الشقيقة السعودية، أو الصوابر في الشقيقة الكويت.

نحن لا نعيش في عصر دقيانوس، نحن نعيش في العصر الرقمي الذي لا يذر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، ولو حدث للبحرين مكروه لا سمح الله فإن التلون، واستبدال الثوب، كما هو عادة من لا همّ لهم إلا وأد الحقائق ودسها في التراب، لن يكون مفيداً.

الأخبار الرسمية التي صدرت عن الجهات الأمنية، والاحتياطات العلنية المتخذة حيال الأوضاع الراهنة في المنطقة، هي وحدها التي يمكن أن تشرح لمن يستغفلون وعي الناس، مدى الخطر الذي يتهدد الأوطان من إرهاب التكفير الذي يتربص بأوطاننا الدوائر.

وليت الأمر مقتصر على ممارسة دور تضليل فاضح ومكشوف، ولكن التلون الذي فاق تلون الحرباء، فمرة بتحذير الحكومة من استنهاض تنظيم «القاعدة»، ومرةً بتهديد الناس باستخدام «القاعدة» ضدهم، والآن جاء الدور على بيع الناس وهماً جديداً بأن كل ما يحدث هو مجرد خدعة لتدعيش البحرين، من أجل صرف النظر عن إرهاب آخر، ولعمري هذا التحشيش الذي يدفع عن صاحبه التهمة بالحديث عن التدعيش!

البعض لا يمكنك أن ترسو معهم على بر، فهم متقلبون على أمواج البحر، لا تعرف لهم ظهراً من بطن، ولا تعرف لهم فماً من أنف، ولهم وجوه بعدد قطرات المطر، وقديماً قالوا في البرلمان «برطماناً» وعندما تحقق البرلمان، اضطروا إلى لبس وجه جديد!


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/1008691.html