صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4698 | السبت 18 يوليو 2015م الموافق 19 رمضان 1445هـ

المعارضة ووهم «داعش»

الكاتب: جميل المحاري - jameel.almahari@alwasatnews.com

حتى وإن كان هناك من يتخذ من العنف وسيلة لتحقيق الإصلاحات السياسية في البحرين فإن ذلك لا يلغي حقيقتين دامغتين لا يمكن إنكارهما، الحقيقة الأولى هي رفض جميع الجمعيات السياسية لأسلوب العنف مهما كانت دوافعه، وإدانتها له من خلال مواقفها المعلنة وبياناتها وحراكها في الشارع. ولذلك أصدرت جميع الجمعيات السياسية المعارضة بيانات ترفض فيها ما أثاره أحد أعضاء مجلس الشورى الإيراني مؤخراً من تشجيعه لاتخاذ أسلوب آخر في النضال من أجل تحقيق المطالب الوطنية المحقة للشعب البحريني. كما رفضت أي تدخل من هذا النوع من الجهات الخارجية والذي يضر بالحراك الشعبي أكثر مما يفيده.

وأكدت الجمعيات في بياناتها أن مثل هذه الدعوات «مرفوضة تماماً ومدانة»، وأن مثل هذه الدعوات «تمثّل توجهاً خطيراً يتعارض تماماً مع ما دأبت عليه قوى المعارضة من دعوات نحو الاستمرار في النضال السلمي وعدم جر البلاد لسيناريوهات مرفوضة من العنف والعنف المضاد التي لا طاقة لبلادنا وشعبنا بها، علاوةً على أنه تدخل مرفوض في شئون بلادنا من شأنه أن يسيئ لمطالب شعبنا العادلة والمشروعة والتي ناضلت لأجلها أجيال متعاقبة من أبناء شعبنا بمختلف فئاته وشرائحه وتياراته، وهي مطالب لا يمكن العبث بها أو احتكارها لأي جهة كانت أو تحت أي مسوغ أو مبرر أو مسمى مهما كانت الجهة التي تتبناها».

إن مثل هذه البيانات تؤكّد تمسك القوى السياسية المعارضة بأسلوب النضال السلمي المشروع قانونياً وإنسانياً، للوصول إلى مطالب شعبية عادلة، كما أنها تشدّد على رفض العنف من أي جهة كانت، وترفض رفضاً قاطعاً أي تدخل أجنبي في الشئون الداخلية للبحرين بشكل يسيء إلى سلمية الحراك الشعبي.

القوى السياسية المعارضة ترى أن الحل للأزمة في البحرين لا يمكن أن يوجد إلا من خلال الحوار الوطني الذي تشارك فيه جميع الأطراف بشكل يمثل بصدقٍ وأمانةٍ فئات المجتمع البحريني كافة.

وبذلك فإن أي محلل منصف لا يمكنه تجاهل هذه القناعة لدى القوى السياسية البحرينية، ليتهمها بممارسة العنف المضاد خلال الأزمة التي استمرت طويلاً، والتي جعلت من المنظمات الحقوقية والبرلمانات العالمية تقف مع مطالب الشعب البحريني، وتضغط على السلطة من أجل حل الأزمة عبر حوار وطني جاد وذي معنى، وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين.

الحقيقة الثانية التي لا مراء فيها، هي أنه لا يمكن إنكار ما يمثله أنصار تنظيم «داعش» من خطر وتهديد لأمن المنطقة ككل، ومنها البحرين.

إن القول بأنه لا وجود لأنصار ما يسمى بـ»داعش» في البحرين، وما هم إلا وهْمٌ تشيعه المعارضة، وأنهم لا يمثلون أي خطر يمكن أن يضرب في أي وقت وأي مكان ليقتل ما استطاع من أبرياء، لا يمكن أن يصدر هذا الادعاء إلا من نفسٍ مريضة بشعة مشبعة بالطائفية، تحاول قلب الحقائق وتزويرها لأغراض معروفة لدى الجميع.

لا أحد يتهم الطائفة السنية الكريمة باحتضان «داعش» كما يروّج له البعض، ولا أحد يتخذ منهم ستاراً وحجةً لكي يشتت الأنظار عنه، أو يروّج لوجودهم بهدف خلق خطر وهمي، ولكن ذلك لا يمنع وجود عناصر تؤمن بالفكر التكفيري بيننا، وهي مستعدة في أي وقت لأن «تحظى بالحور العين» متى ما طلب منها تفجير مسجد أو مأتم أو أي تجمع يضم «الروافض الكفرة» حتى وإن كانوا أطفالاً يلعبون في ملعب.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/1009386.html