صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4709 | الأربعاء 29 يوليو 2015م الموافق 19 رمضان 1445هـ

رفع الدعم عن السمبوسة!

الكاتب: عقيل ميرزا - aqeel.mirza@alwasatnews.com

على الرغم من عدم إعلام المواطنين بكل ملامح ظروف المرحلة الاقتصادية المقبلة، وعلى الرغم من نفي الحكومة المهلهل لبعض ما نشر بخصوص إعادة توجيه الدعم للسلع والخدمات المدعومة حكومياً، إلا أن الأمر اليوم أكثر وضوحاً من قبل، وواضح وضوح الشمس في كبد السماء أن الحكومة ستعيد توجيه الدعم قريباً، لتقدمه بصيغ مختلفة عن الصيغ الحالية.

ليست مشكلة أن تقوم الحكومة بمراجعة آلية تقديم الدعم بشكل مستمر، وعلينا جميعاً أن نفهم أن ماكان صالحاً أمس ليس بالضرورة أن يكون صالحاً اليوم، وأن الأوضاع الاقتصادية في كل العالم ليست ثابتة بل هي متغيرة وبشكل سريع، وتغير الأوضاع الاقتصادية لابد أن يصحبه تغير في السياسات الاقتصادية لتواكب هذه السياسات الواقع كما هو.

ولكن ليس ما سبق وحده هو ما يجب أن نفهمه ونستوعبه ونحسب له الحسابات حكومة وشعباً، وإنما يجب أن نفهم أيضاً كل التأثيرات التي سيتأثر بها المواطن، ولو سُئلت شخصياً عن الدعم الذي تقدمه الحكومة للحوم وللكهرباء وغيرهما، وهل أوافق أن يذهب هذا الدعم إلى غير المواطنين، فسأقول لا أوافق على ذلك أبداً لأن اقتصادنا محدود ومواردنا محدودة فكيف أقبل أن تدفع الحكومة ديناراً أو دينارين لكل كيلو لحم يستخدمه غير المواطن؟ وكيف أقبل أن تدفع الحكومة 700 فلس لكل وحدة ماء يستخدمها غير المواطن أي أنه يدفع أقل من 10 في المئة من القيمة الفعلية لوحدة الماء، وهكذا بالنسبة لبقية السلع والخدمات التي تدعمها الحكومة ويستفيد منها الجمل بما حمل ولا ميزة للمواطنين على غيرهم في ذلك.

ولكن ليس ذلك هو ما يجب أن يكون في الحسبان فقط إذا قررنا إعادة توجيه الدعم، وإنما يجب أن نكون واعين في إعداد الآلية الجديدة إلى ضرورة ألا يتغير على المواطن أي شيء مما يتمتع به حالياً ويجب وضع آلية تضمن عدم تأثر المواطن كلياً بشكل سلبي بل إن استطعنا أن نجعله أكثر استفادة من قبل فهذا أمر محمود وخصوصاً أننا سنوفر الملايين من إعادة توجيه الدعم.

الأمر الآخر والأهم يتعين علينا أن ندرك بأن إيصال الدعم مباشرة إلى المواطن لن يحميه من ضرر إعادة التوجيه، وإنما يجب أن نقدم دراسة واقعية للتغيرات التي ستطرأ على السوق التي يشتري منها المواطن سلعته الأساسية وغير الأساسية، فلن يكون هناك معنى لثلاثة دنانير أو حتى عشرة دنانير تقدمها الحكومة إلى المواطن عوضاً عن رفع الدعم عن اللحوم إذا ارتفع سعر صحن الكباب الذي يشتريه بدينار إلى ثلاثة دنانير مثلاً فبهذه الطريقة سيدفع المواطن كل ما يحصل عليه هو وأسرته في وجبة عشاء واحدة!

أيضاً نحتاج دراسة وافية لما ستؤول إليه أسعار البناء مثلاً أو أي أعمال ضرورية أخرى يقوم بها غير المواطنين وكيف ستكون الأسعار بعد أن يدفع صاحب العمل فاتورة الكهرباء لعامله 300 دينار بعدما كانت لا تتجاوز 20 ديناراً مثلاً، بل وحتى الحلاق الشعبي إذا اشترى كيلو اللحم بثلاثة دنانير وإذا دفع فاتورة كهرباء لمحله وسكنه بأضعاف ما يدفع الآن فإنه لن يحلق ذقن المواطن بدينار بالتأكيد، والأمر يسري على بقية الأنشطة التجارية الكبيرة والصغيرة كمحل البيتزا أو حتى السمبوسة!

نحتاج دراسة واقعية لمختلف الجوانب، قبل أن يغرق المواطن في دوامة الأسعار الجديدة، وإلا فسنشهد ارتفاعاً خرافياً في كل السلع في السوق وربما ندفع حكومة وشعباً فاتورة تزيد على ما ستوفره لنا إعادة توجيه الدعم.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/1012261.html