صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4733 | السبت 22 أغسطس 2015م الموافق 18 رمضان 1445هـ

السجون دُورُ إصلاحٍ وتأهيل أم إمراض حد الموت

الكاتب: يعقوب سيادي - comments@alwasatnews.com

لكي يتم الحكم على إنسان، ويودع في مؤسسة الإصلاح والتأهيل (بالحبس أو بالسجن)، لقضاء العقوبة السالبة للحرية، والتي تتم في ثلاث حالات، الأولى هي تنفيذ أمر قضائي صدر ضد المتهم بالحبس الاحتياطي دون إصدار الحكم بالعقوبة؛ والثانية تنفيذ عقوبة الحبس بين 24 ساعة وثلاث سنوات، عقاباً على تأثيم الجنحة؛ والثالثة عقوبة السجن من ثلاث سنوات وأكثر إلى السجن المؤبد، على تأثيم الجناية، ولتفريق أحكام وإجراءات عقوبتي الحبس عن السجن، فقد أَولى القضاء الحكم فيهما لدرجتين مختلفتين ومتدارجتين من المحاكم، لضمان تحديد وتفريق مستوى الجرم والعقوبة في كلٍ منها.

وحين يتم الحجر على الإنسان من أجل عقابه بعقوبة تسلب حريته، لفترة تتراوح بين يوم وقرابة الخمسة وعشرين سنة، وهي فترة يحددها الحكم القضائي، يتم عزله في مكان خاص يسميه القانون مؤسسة الإصلاح والتأهيل، ويسمي العقوبة بالعقوبة السالبة للحرية، وهي محددة الغاية بالعزل عن التواصل والتفاعل بالتأثير في المجتمع، وفي ظلها يحتفظ المحبوس أو المسجون، بكامل حقوقه الإنسانية والمواطنية، من التغذية المجانية وتلقي الخدمات الاجتماعية والصحية والعمل والأجر، والتعليم والدرس والابتكار، والاطلاع والثقافة والرياضة والترفيه... إلخ، بما يصل إلى حق الاستشارة القانونية وممارسة حقوقه السياسية، ما لم يكن حكم سجنه، ماساً بتلك الحقوق بجرم سياسي، وليس بآخر حقه في التواصل وذويه وأهله، عبر الزيارات الدورية بما لا يقل عن زيارة أسبوعياً أو زيارتين شهرياً، وحقه بمنح أجر عمله فترة حبسه أو سجنه، لأهله وذويه، وحقه في الادخار والاستثمار، ولا يتغير عليه شيء من مثل ما هو في حياته الطبيعية من دون العقوبة، إلا المنع عليه حريته في التفاعل بالمجتمع خارج محبسه أو سجنه.

وفي حال مرض الموقوف أو المحبوس أو المسجون، في ظل وجوب رعاية الدولة الصحية له وتقديم العلاج، بمثل ما كان حراً طليقاً، فمن الجرم منع حقه في العلاج تحت أي مبرر، بما في ذلك حقه في العلاج خارج السجن مع فرض الحراسة اللازمة، ومن حيث ان العلاج، إضافة للتطبيب، يحتاج الى الدعم المعنوي، المتمثل في عيادة وزيارة الأهل والأقارب، فتندرج هذه الزيارات للسماح بها وبشكل يومي أو بين يوم وآخر، بحسب الحالة المرضية التي يعانيها السجين أو المحبوس، وهي زيارات يسمح بها لأهله وذويه، وهي غيرها الزيارات الأسبوعية أو نصف الشهرية، وخصوصاً عندما تشتد حالة المرض أو آلامه على السجين أو المحبوس.

وبحسب المادة الدستورية بالنص «العقوبة شخصية»، فلا ينبغي أن تنسحب تلك العقوبة ولا أثرها، سواء المباشر أو غير المباشر على أهله وذويه وأقاربه، بالمنع عليهم أن يعودوه بالزيارة في حالات مرضه، والاطمئنان عليه وعلى حاله، لتقديم الدعم المعنوي العلاجي اللازم له حين الحاجة، ولا تحميلهم أثقال القلق والخوف وعدم الطمأنينة، وخصوصاً في حال الإصابة بالأمراض العضال، التي تُشقِي المريض بآلامها، وتُشقِي أهله وذويه بالقلق وخوف الفقد لا قدر الله.

إن ذلك يتطلب قراءة مواد القانون رقم 18 لسنة 2014، المنظم لعمل إدارة مؤسسة الإصلاح والتأهيل، حيث تنص المادة رقم (28): «تقدّم المؤسسة الرعاية الصحية المجانية للنزلاء والمحبوسين احتياطياً بها بالتنسيق مع وزارة الصحة، وتحدد اللائحة التنفيذية الأحكام المنظمة لذلك»، والمادة رقم (29) ونصها: «تُنشأ عيادة في كل مركز (إصلاح وتأهيل) يديرها طبيب، تختص باتخاذ الاجراءات اللازمة التي تكفل المحافظة على صحة النزلاء والمحبوسين احتياطياً، وعلى صحة غذائهم وأماكن إيوائهم، ووقايتهم من الأمراض».

وكذلك المادة رقم (30) ونصها «على طبيب المركز توقيع الكشف الطبي الدوري على النزلاء والمحبوسين احتياطياً وصرف العلاج اللازم لهم، وله أن يقرّر نقل النزلاء والمحبوسين احتياطياً إلى المستشفيات العامة أو الخاصة إذا استدعى اتخاذ ذلك الإجراء بناءً على تقرير طبيب المركز الصحي للأمن العام، ويصدر الوزير بالتنسيق مع وزير الصحة الأحكام المنظمة لذلك».

والمادة (31) ونصها «يجب على طبيب المركز تقديم تقرير طبي لإدارة المركز عن حالة النزيل الصحية إذا كان في تنفيذ العقوبة خطر على حياته، وعلى إدارة المؤسسة مخاطبة قاضي تنفيذ العقاب بشأنه، كما يجب على إدارة المركز إعفاء النزيل من العمل إذا استدعت حالته الصحية ذلك بناء على تقرير من طبيب المركز».

أفلا يتطلب ذلك الاهتمام لآلام النزلاء، واتخاذ اللازم من الإجراءات، لخدمة نزلاء مراكز التأهيل في حاجاتهم الصحية بالذات، بمثل ما تم تداوله بشأن أحد النزلاء، الأمر الذي أبكى والدته وتَرَجَّت من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، من زائري المحكومين والمحبوسين احتياطياً، أن ينقلوا لها حال ولدها المصاب كما تصريحها بسرطان القولون، الذي تبيّن للأطباء بعد تحليل الورم الخبيث المزال من القولون في المستشفى، وعدم إخطار ذويه عن حال نقله للمستشفى وإجراء العمليات الجراحية له دون علمهم، وبعدها حرمان أهله من عيادته، التي هي أكثر من ملحة، وحاجة إنسانية خاصة جداً، ثم منع أهله من استحصال تقرير طبي بحالته، فما لم يمنعه القانون نصاً فهو مباح إنسانياً.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/1018921.html