صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4820 | الثلثاء 17 نوفمبر 2015م الموافق 18 رمضان 1445هـ

السياسة أعمق رؤية من حدود البعد المنظور

الكاتب: يعقوب سيادي - comments@alwasatnews.com

سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي، إذا ما مسحنا المواقف والقرارات السياسية والحقوقية، المتخذة على مستوى الدولة، وكذلك قرارات السلطات الرسمية المتعددة فرادى، وهي المُشَكِّلة في جمعها، أعلى سلطة جامعة للتشريع والتنفيذ، ومؤتَمِرة بأمر رئيس الدولة و/أو رئيس الحكومة، فعلى الأخص السلطتين التقليديتين، التشريعية والتنفيذية، هما المعنيتان، أما السلطة القضائية فلا مبادرات لها، لا سياسية ولا حتى قانونية أو حقوقية، بل هي تطبق محاسبة الغير، بما تُشرِّعه السلطة التشريعية، من قوانين في جميع المجالات، بما في ذلك القوانين الجنائية، وذلك بناء على ادعاءات ترفعها للقضاء السلطة التنفيذية، لصالح الحق العام، أو بناء على شكاوى الأفراد من المواطنين.

فلا دور هنا للسلطة القضائية، في التشجيع أو المنع أو العقاب ضد أي من ممارسي الحقوق من المواطنين أو المقيمين، ولا يطالها النقد، إلا في ربما أفراد منها، إذا ما نهجوا نهج الطائفية أو التفرقة بين المواطنين أمام القانون، عبر التفريق في شدة العقوبة على هذا عن ذاك، وإذا ما اعتمدوا تخصيص ادعاء السلطة التنفيذية، على عواهنه في وصف الجنحة أو الجناية، دون الربط المنطقي القانوني، للفعل وأسبابه وأدواته لدى المتهم والمجتمع، ولم يحققوا في دعاوي تعرض المتهمين للتعذيب في سجون التوقيف قبل المحاكمة وفي أثناء سيرها، وخاصة السياسيين منهم، فيما يسمى بالاعترافات المسجلة تحت وطأة التعذيب أو التهديد به.

وبالتالي هما السلطتان اللتان تحكمان أي بلاد، في ظل أن للسلطة التنفيذية، أدوات ووسائل وذرائع، للإجراءات الجبرية المسبقة على الأحكام القضائية وأثناءها وبعدها، ولا من محاسب لها إلا السلطة التشريعية أو رئاسة البلاد، وأخيراً القوى الشعبية، على ضوء إقرارات الدستور، لذلك فالسلطتان التشريعية والتنفيذية، هما المُساءَلَتان من قبل القوى الشعبية في البلاد، والسلطة التنفيذية محاسبة أيضاً من قبل الدول الأخرى في العلاقات الدولية، ولكل من هاتين الجهتين لمُساءَلة سلطات الدولة، وسائلها وأدواتها، المباحة بالقوانين المحلية والشرعة الدولية، فبما للدول الأخرى من علاقات دولية تحكمها القوانين الدولية، وهي جميعها منتسبة لعضوية هيئة الأمم المتحدة، فحدودها مرسومة في ميثاق الأمم المتحدة، وهي مُتَوَسَّلة بقرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن.

أما القوى الشعبية، فتحكم أفعالها لمحاسبة سلطاتها، القوانين المحلية، والتي لابد وأن تتوافق مع الشرعة الدولية، بحكم عضوية البلاد في هيئة الأمم المتحدة، فالمواد الحقوقية المتصلة بحقوق الأفراد والجماعات، في الدستور والقوانين الإجرائية، والتي تصدرها السلطة التشريعية، هي المُبِيحة أو المانعة للممارسات المتصلة برفع المطالب للجهات المعنية، المحلية منها والأممية، ومن هنا مسئولية السلطة التشريعية أمام القوى الشعبية، حيث مسئوليتها عن نصوص القوانين، الواجب وضوحها ووحدانية مفهومها دون لبس، ولا مجال في تطبيقاتها للحيد عن قصد المشرع، من حيث صون الحق، دون الاستقصاد للتمييز لطائفة أو فئة أو ضدها.

وكذاك الجماعات الشعبية، سواء التي والَت أو التي عارضت السلطات، نزاعاً لنيل حقوقها التي أغفلتها أو منعتها تلك السلطات، سواء بفعل المتنفذين من أفرادها أو هيئاتها أو مؤسساتها، أو عبر قرارات تخالف القوانين السائدة، أو مَسّت بالحقوق العامة للمواطنين، أو أي تشريعات تم سنّها نازعة للحقوق أو منقصتها، والتي تطال المواطنين، أفرادهم وأحزابهم أو جمعياتهم، منها السياسية والأهلية المهنية والتخصصية، بما يحد من أو يمنع حرية الراي والتعبير، أو يعاقب على رفع المطالب، سواء بالتعبير الفردي أو الجماعي، كتابة أو شفاهة، عبر الصحافة أو التظاهر.

نقول إذا ما مسحنا المواقف والقرارات السياسية والحقوقية، لجميع الأطراف الرسمية والشعبية، الموالية والمعارضة، للفاعلين في الساحة المحلية، وكذلك في تأثيرات دعم أو انتقاد الدول المختلفة، الإقليمية والعربية، التي حكوماتها معينة، أو الدول الأخرى من المتصفات بالحكومات المنتخبة، وذات التأثير المباشر أو غير المباشر، في القرار السياسي المحلي، وشموله الإقليمي، فإننا سنجد أن الجميع قد ساهم بدوره الخاص، في الحال التي نعيشها اليوم، سواء في الحالة السياسية والحقوقية محلياً، بما أفرزه التصدي للحراكات الشعبية التي انطلقت في فبراير/ شباط 2011، واستمرت إلى اليوم،أو الحالة الداعشية التي فاق أداؤها الإرهابي، كل من سبقها، وكأنما اشترك في خلقها وإعداد كوادرها وتدريبهم، غرماء استخباراتيون، من القتلة والمعذِّبين لعدة دول. للمقال بقية.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/1046950.html