صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4821 | الأربعاء 18 نوفمبر 2015م الموافق 18 رمضان 1445هـ

«داعش» تحتاج إلى حرب فكرية

الكاتب: عقيل ميرزا - aqeel.mirza@alwasatnews.com

138 ضحية في باريس وحدها، وقبلها بيوم واحد فقط سقطت 140 ضحية أخرى في برج البراجنة في لبنان، وإذا صدقت الاستخبارات الروسية 224 روسيا تناثرت لحومهم في الهواء بفعل قنبلة يدوية الصنع تزن كيلوغراماً واحداً، وضعتها «داعش» في الطائرة التي أقلعت من شرم الشيخ الشهر الماضي.

هذه مشاهد قصيرة جداً من مشهد طويل مظلم تذبح تحت جنحه «داعش» يومياً ما يحلو لها من الأبرياء، وفي العراق وسورية والخليج أيضا آلاف الضحايا الذين فرمت لحومهم آلة القتل الداعشية، ولاتزال.

بحسب صحيفة الشرق الأوسط فإن عدد الأشخاص الذين قتلوا في هجمات إرهابية في أنحاء العالم ارتفع بنسبة 80 في المئة العام الماضي، وهو أعلى مستوى يسجل في التاريخ، حسب ما أكد معهد الاقتصاد والسياسة الأسبوع الجاري. وسجل «المؤشر العالمي للإرهاب» أن 32658 شخصا قتلوا على يد إرهابيين العام الجاري، مقارنة مع 18111 في العام الماضي، وهي أعلى زيادة مسجلة حتى الآن، وأظهرت الدراسة أن تنظيم «داعش» وجماعة بوكو حرام النيجيرية مسئولان عن أكثر من نصف عدد الضحايا.

الهدف الأول في خطة «داعش» لبناء الدولة التي لا صلة لها بالإسلام هو استهداف المدنيين، فسكين «داعش» تعدل في القتل، ولا تفرق بين أحد من الضحايا والمهم أن تكون الضحية بريئة فيتحقق الهدف وتنفتح أبواب الجنان على مصراعيها لمن مات في سبيل موت غيره من الأبرياء، هكذا تختصر «داعش» مسيرتها.

لو كانت «داعش» آلة حرب تتحرك على خط النار لما احتاجت إلى حرب عالمية للقضاء عليها، ولكنها ليست آلة حرب بل فكر ترعرع بيننا وتحت رعايتنا، والسلاح وحده ولو كان نوويا أو بيولوجيا لا يمكنه أن ينهي فكرا ينتشر بيننا كانتشار النار في الهشيم، فالفكر لا يقارع إلا بالفكر، وإلا فإن هذا التظيم سيتعاظم، إذا اخترنا محاربته بالسلاح فقط، وإلا ماذا يعني أن يحتاج تنظيم كهذا التنظيم مقارعة كل القوى الكبرى والعظمى في العالم له، وعلى الرغم من ذلك لايزال يقتل ويفجر ويدمر؟!

نحتاج أن نحارب هذا التنظيم في بيوتنا ومجتمعاتنا، ونحتاج أن نصحح لأبنائنا الكثير من المفاهيم، ونحتاج أن نراجع كل معلومة حتى وإن كانت صغيرة قبل أن تلتهمها عقولهم الطرية فتتحول هذه العقول إلى قنابل موقوتة تنفجر في وجوهنا في أي وقت، فيصبح القتل في ضمائرهم عبادة عظيمة يتقرب بها أصحابها إلى الله، ويصبح التفخيخ الطريق السريع الذي يأخذ بيد أصحابه إلى الجنة والحور العين، وكأن الجنة التي تجري من تحتها الأنهار، لا يمكن الوصول إليها إلا بعد أن تجري من تحت الأرض الأنهار من دماء الابرياء من النساء والأطفال والشيوخ.

يجب أن نراجع أدبياتنا ومفاهيمنا ومناهجنا وطرق تربيتنا وإلا فإننا لن نكون قادرين غدا على وقف هذا الفكر الذي شوه دين الحب والود والسماحة والسلام.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/1047280.html