صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4841 | الثلثاء 08 ديسمبر 2015م الموافق 19 رمضان 1445هـ

كيف تتخلص من السلبيين في حياتك؟

الكاتب: حسن المدحوب - hasan.madhoob@alwasatnews.com

حاولت على مدى الأيام السابقة أن أقرأ عن كيفية التعامل مع الأشخاص السلبيين في حياتنا، فوجدت أن اغلب ما كتب يحث وبقوة على الابتعاد عنهم وتجاهلهم قدر المستطاع والإسراع في إنهاء العلاقة بهم تماماً، وأرى في ذلك خطأ وعيباً كبيراً، صحيح أن الإنسان حر في اختيار من يرافق ويعيش معه، ولكن السؤال: ماذا لو كان هؤلاء أصدقاء عمرك أو إخوتك أو أمك أو أباك أو زوجك أو زوجتك أو ابنك أو جارك العزيز، هل من الصواب أن تقوم بقطع علاقتك بهم والابتعاد عنهم أيضاً؟

مما لاشك فيه، فإن الابتعاد عن الأشخاص السلبيين هو الحل الأسهل لنا، ولكنه ليس بالضرورة الحل الأمثل والأصح، بل قد يكون في كثير من الأوقات هو الحل الأجبن والأكثر سلبية في ذاته، والأعلى كلفة بين خيارات أخرى، خاصة إذا كان وجود هؤلاء جزء من قدرنا وحياتنا التي كتبت لنا.

ومن واقع الحياة، قد يكون من المنطقي القول إننا «نبني الكثير من الجدران مع الآخرين، ولكننا لا نبني ما يكفي من الجسور معهم»، وأقول ذلك، لأذكر أن غالبيتنا ليس هو من اختار الوسط الذي يعيش فيه، ولا المجتمع الذي ولد فيه، وقد تضعنا أقدارنا مع أشخاص سلبيين بطبيعتهم، أو أنهم اكتسبوا ذلك من خلال مواقف صعبة ومحن مرت عليهم في حياتهم، لذلك فأحياناً يكون ابتعادنا عنهم في مثل هذه الظروف اختباراً لمقدار وفائنا، أكثر منه اختباراً لرغباتنا وحاجاتنا.

الكثيرون يسارعون إلى الحل الأسهل في التخلص من هؤلاء السلبيين، ولا ندرك أننا إذا كنا إيجابيين فعلاً، فجزء من إيجابيتنا أن نعمل على تغيير سلبيتهم لا التخلص منهم ورميهم وراء ظهورنا.

البعض لا يرى في الحياة إلا الجانب المتعلق بذاته ونفسه، ولا يرون في حياتهم إلا الجانب السلبي، ولا يرون في الآخرين إلا عيوبهم، وقد ننسى أحياناً أن وجود هؤلاء السلبيين هو جزء من فلسفة الحياة التي خلقنا من أجل تصحيحها وتغييرها، وربما نتحول في لحظة ما إلى أناس سلبيين ولو مؤقتاً بسبب قدرٍ ما أو مصيبة ما، فنشرب من ذات الكأس التي أشربنا منها أحداً في لحظة قوة فينا أو ربما ضعف أو يأس!

ما أظنه أن الحل الأفضل في التعامل مع الأشخاص السلبيين في حياتنا هو أن نعطيهم من إيجابيتنا الكثير، لا أن نهرب منهم، ومن يعتقد أنه أضعف من أن يغير المحيطين به ويؤثر فيهم، فهو بالتأكيد أضعف من أن يغيّر ذاته، لأن قدرتنا على تغيير أحبابنا تتلاصق وتتماهى مع قدرتنا على تغيير ذواتنا، وكأن الأمر فيما أظن، أن هذا يؤثر في ذاك، وذاك يؤثر في هذا!

نعم قد نستطيع أن نهرب من زملاء في عمل أو من جيران سيئين أو سلبيين، ولكننا لا نستطيع أن نغير قدرنا، المواجهة جزء من إيجابيتنا، وهي أفضل من الهروب والتخبط في قرارات سيثبت الزمن مقدار كلفتها على أنفسنا وذواتنا وعطائاتنا وحتى سعادتنا، نعم اجتهد في التخلص من سلبية المحيطين بك، ولكن لا تتخلص منهم.

قدموا إيجابيتهم للمحيطين بكم، لتحصدوا المزيد منها في نفوسهم، اجتهدوا في تغييرهم ولا تيأسوا، حوّلوا وجود هؤلاء إلى تحدٍّ لقدراتكم بدل أن تعتبروهم ثقلاً يجب التخلص منه، انظروا لبقع السعادة فيهم وزيدوا مساحتها في حياتهم، وبالتأكيد ستزداد سعادتكم وإيجابيتكم معها.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/1054823.html