صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4915 | السبت 20 فبراير 2016م الموافق 18 رمضان 1445هـ

من ربيع « الحرية» إلى ربيع «الحشيش»

الكاتب: ريم خليفة - Reem.khalifa@alwasatnews.com

رغم احتلال السياسة لجانب كبير في أكثر التدوينات القصيرة «تويتر» من قبل حسابات الشباب العربي، إلا أن الجانب الاجتماعي الناقد قد أخذ هو الآخر مكاناً في تويتر وخاصة مع حلول الذكرى الخامسة لثورات واحتجاجات الربيع العربي. وقد بدا ذلك واضحاً في قائمة المواضيع الترند الأكثر تداولاً مثلاً في مصر وهاشتاق «هشرب حشيش عشان» وغيرها.

ولعل العودة إلى الجانب الاجتماعي والحديث عن مواضيع محرمة أو ممنوعة مثل القضايا السياسية وصولاً إلى الجنس والحشيش والتمييز في المعاملة بين المرأة والرجل، قد برز بقوة بعد الربيع العربي. فمن ربيع الحرية المتمثل في الاحتجاجات والثورات إلى ربيع الحشيش الذي لا يقصد به تعاطي الحشيش بقدر ما يمثل رمزية لحالة الإحباط السياسي والاقتصادي وصولاً إلى كسر قيود المنع و«التابو» داخل المجتمعات العربية التي تمنع وتحرم كما تشاء سياسياً واجتماعياً تحت حجج كثيرة لا تعد ولا تحصى.

وهناك شريحة كبيرة من الشباب العربي الذي وجد في أداة اليوتيوب متنفساً لبث أغانٍ تتكلم بلغة دارجة، عربية الكلمات، وممنوعة من مجرد نطقها. وذلك من أجل إيصال الفكرة التي يراد القصد منها خاصة في ظل حالة الإحباط التي صاحبت بعد فشل أكثر من حراك عربي وقمعه عدا تونس التي مازالت تقاوم عوامل القضاء على المكتسبات التي جنتها مع ثورتها.

وفي سجل الأغنية العربية هناك الكثير من الأغاني التي تطرقت إلى مواضيع ممنوعة ومحرمة، الجيد والهابط منها من دون أي قيمة تذكر. لكن في المقابل، برزت أغانٍ ذات مستوى موسيقي أفضل بكثير من ناحية اللحن والتوزيع وصوت الفنان المستقل أو الفرقة المستقلة. وقد تكون المصرية «لوكا»، هي أجرأ من تطرق إلى الموضوع أولاً لأنها مغنية أنثى، ثم لأنها تقول بشكل واضح «هشرب حشيش». هذه الأغنية التي استمع ولايزال يستمع إليها الملايين من الشباب العربي على مواقع التواصل الاجتماعي. لكن بعيداً عن العنوان فإن الأغنية التي كتبتها ولحنتها هذه الشابة المصرية، تطرقت إلى قضايا اجتماعية حقيقية عند الفتاة المصرية، والقيود التي يفرضها مجتمع السلطة الذكورية على الفتاة، والقوالب الجاهزة التي ترسم حياة ومستقبل كل فتاة وهو ذات الأمر ينطبق على كل مجتمع عربي دون استثناء وليس في مصر فقط. فتقول «لوكا» في أغنية «هشرب حشيش»: «ستي قالتلي البنات بيلبسوا فساتين، أمي قالتلي لبنات ما يلعبوش في الطين»، من المؤكد والمفروغ منه أن تبدو هذه الكلمات مألوفة، وتكمل «وخالتي التي ترتدي الخمار، قالتلي غني بس هتروحي النار.. بس أبويا مقلّيش، فأنا هعمل الصح واشرب حشيش». طبعا تختمها «لوكا» بنبرة السذاجة والبراءة.

ببساطة أحدثت هذه الأغنية انقلاباً في الموازين على شبكات التواصل الاجتماعي في مصر والعالم العربي. بأغنية ناقدة للمجتمع لا تشجع على شرب الحشيش ولكن تتكلم كل ما هو ممنوع للفتاة وكل ما هو ممنوع هو مسموح للشاب.

هذه الأغنية مع باقي الأغاني الأخرى التي طرحتها فرق أخرى في مصر قد تكلمت برؤية مختلفة عن المعتاد من حيث نوعية الموسيقى والكلمات وبطريقة تصل إلى الشباب عبر الموسيقى ومن خلال اليوتيوب الذي أصبح أداة سهلة لنشر الأغنية أو أي شيء آخر. إلا أن سيد درويش، الفنان المصري الكبير، كان ربما من أجرأ من تكلّم عن موضوع الحشيش، ومن أوائل من فعل ذلك.. ذات الأمر تكرر مع فرقة «المغنى خانة» في أغنية «حرف جر» التي تروي قصة حب مستحيل. وتقول كلماتها: «بيني وبينك حرف جر، عكس مدارات الرحايا/ بيني وبينك مسألة تؤول إلى ما لا نهاية/ وشط نيل وبنت سمراء(...) وأصل فصل المدرسة/ بيني وبينك كل قرش حشيش وحبة هلوسة».

قد تكون هناك الحاجة إلى التغيير الذي يحفظ كرامة الشعوب وهناك أكثر من طريقة للتعبير وإن كانت هناك ثورات سميت بالربيع العربي وبالياسمين وبالخبز فلربما ينتظر المنطقة ثورات بمسميات أخرى قد تحمل ثورات حشيش- إن صح لنا التعبير- التي لم تحدث بعد ولكنها قد تحدث و(ربما) تكون أفضل وأنجع من سابقاتها.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/1081946.html