صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4957 | السبت 02 أبريل 2016م الموافق 19 رمضان 1445هـ

الأزمة النفطية والإصلاحات المطلوبة

الكاتب: جميل المحاري - jameel.almahari@alwasatnews.com

مع أزمة هبوط أسعار النفط، اتخذ عدد من الدول الخليجية إجراءات اقتصادية حازمة، منها رفع الدعم عن المواد الغذائية والبنزين والمشتقات النفطية والطاقة الكهربائية، وفرض رسوم لم تكن موجودة في السابق على عددٍ من الخدمات الحكومية، مع رفع كبير في الضرائب الجمركية على منتجات التبغ. ويجري الحديث عن فرض ضريبة القيمة المضافة، وفرض التأمين الصحي على المواطنين مع إبقاء الباب مفتوحاً للمزيد من تخلّي الحكومات عمّا كانت تقدّمه في السابق من خدمات ومساعدات اجتماعية للطبقات الأكثر فقراً في المجتمعات الخليجية.

ومع تباين الآراء الاقتصادية بشأن تفسير ما يحدث في هذه الفترة، حيث قال البعض أنه بداية لانتهاء فترة الرفاه الاجتماعي لمواطني الدول الخليجية؛ فيما قال البعض الآخر أنه تحوّل في هيكلية اقتصادات هذه الدول لتنتهي مرحلة الدولة الريعية إلى مرحلة أكثر تطوراً؛ ومنهم من فسّر ذلك بأن الدولة الرعوية (أي التي ترعى مواطنيها) في الخليج قد تتوقف في هذه الفترة لتعود مرةً أخرى مع عودة أسعار النفط للارتفاع، مع أن ذلك احتمالٌ ضعيفٌ وخصوصاً إن استمرت فترة تراجع أسعار النفط إلى مدد طويلة، تكون حينها المجتمعات الخليجية قد تعوّدت على العيش دون مساعدات الدولة.

لقد ظلّت الدول الخليجية ومنذ اكتشاف النفط وحتى الآن، دولاً ريعيةً، بمعنى أنها اعتمدت أساساً على استخراج وبيع النفط والإنفاق على جميع متطلبات الدولة من هذا النشاط بالتحديد، وإن تخلّيها عن رعاية مواطنيها لن يجعل منها دولاً مصنّعةً أو متقدمةً صناعياً، ولن يخلق تلقائياً تنوعاً في الاقتصاد بحيث تتشكّل مصادر أخرى للدخل القومي.

ولذلك فإن الاكتفاء بالإجراءات التي تم اتخاذها لن تكفي للمرور من الأزمة الاقتصادية، وإنّما قد تخلق حالةً من التذمّر الشعبي الذي لا يمكن التنبوء بمداه في المستقبل القريب. وحتى الآن لم تُجرَ دراسات اقتصادية متخصصة بشأن مدى تأثير هذه الإجراءات على المواطنين، وكيف ستؤثّر في مستواهم المعيشي وأسلوب حياتهم المستقبلي.

في الحالة البحرينية قد تبدو مثل هذه الإجراءات أكثر تأثيراً وعمقاً على حياة المواطنين ومستقبل الأجيال المقبلة، فلدينا أزمة سياسية مستمرة منذ أكثر من خمس سنوات ولا أحد يعرف إلى أي مدى ستطول. ومن ناحية الخدمات الصحية قد يتطلب الأمر أكثر من ستة أشهر للحصول على موعد مع الطبيب الاستشاري، ومن ناحية التعليم فقد تكدّست الصفوف في كثير من المدارس الحكومية بأكثر من 30 طالباً في الفصل الواحد، وقد أكثر بكثير مما كانت عليه في ثمانينيات القرن الماضي، في حين كان من المفترض أن يحدث العكس، كل ذلك يستدعي أن تكون الحلول في البحرين مختلفةً عمّا تتخذه باقي دول الخليج من إجراءات... وللحديث بقية.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/1097824.html