صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4964 | السبت 09 أبريل 2016م الموافق 19 رمضان 1445هـ

«السيداو»... معركة نساء البحرين

الكاتب: ريم خليفة - Reem.khalifa@alwasatnews.com

على رغم الشد والجذب في قضايا تتعلق بحقوق المرأة البحرينية وخاصة التحفظات التي كانت تمس بعض مواد اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة «السيداو»، إلا أن الإعلان الأخير الذي جاء من قبل مجلس النواب البحريني بالموافقة على المرسوم رقم (70) للعام 2014 بتعديل وتقليص التحفظات التي أبدتها البحرين حين وقعت على مواد اتفاقية «السيداو»، تعد خطوة إيجابية وتصب في صالح إنصاف المرأة البحرينية والسعي لتقليص التمييز في القوانين الممارسة ضدها.

والدول المصدقة على هذه الاتفاقية مطالبة بتكريس مفهوم المساواة بين الجنسين في تشريعاتها المحلية بمعنى إلغاء جميع الأحكام التمييزية في قوانينها، والقيام بسن أحكام جديدة للحماية من أشكال التمييز ضد المرأة. وكذلك عليها إنشاء محاكم ومؤسسات عامة لضمان حصول المرأة على حماية فعالة من التمييز، واتخاذ خطوات للقضاء على جميع أشكال التمييز الممارس ضد المرأة.

وهو أمر مهم للغاية وخاصة أن القوانين المتعلقة بالمرأة في البحرين مازالت غير منصفة وتميل إلى كفة التمييز في بعض التشريعات ولهذا رفع بعض التحفظات هو بداية للعمل على رفع جميع التحفظات بعيداً عن تأثير موروثات السلطة الأبوية التي لا تتناسب مع ما حققته المرأة البحرينية اليوم وعلى مدى سنوات طويلة علمياً ومهنياً.

ومن المعروف أن اتفاقية «السيداو» هي معاهدة دولية تم اعتمادها في (18 ديسمبر/ كانون الأول 1979) من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة وتم عرضها للتوقيع والتصديق والانضمام بالقرار 34/180 في (18 ديسمبر 1979). وتوصف بأنها وثيقة حقوق دولية للنساء. ودخلت حيز التنفيذ في 3 سبتمبر/ أيلول 1981

وتتكون الاتفاقية من خمسة أجزاء تحوي في مجملها ثلاثين بنداً، وتعرف الاتفاقية مصطلح التمييز ضد المرأة بأنه أية تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس، ويكون من آثاره أو أغراضه توهين أو إحباط الاعتراف للمرأة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو في أي ميدان آخر، أو توهين أو إحباط تمتعها بهذه الحقوق أو ممارستها لها، بصرف النظر عن حالتها الزوجية وعلى أساس المساواة بينها وبين الرجل.

إن تقليص التحفظات عن «السيداو» من قبل البحرين يعد بنقلة نوعية وخطوة للارتقاء بواقع المرأة البحرينية، وذلك من خلال فسح المجال أمامها لتحقيق مزيد من المطالبات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والحقوقية. وتعزز من دورها المتعاون مع المنظمات الإقليمية والعالمية التي تلتقي معها حول نفس الأهداف والقضايا التي تصب في صالح إنصاف المرأة وحقوقها. وبعد استجابة البحرين بتقليص هذه التحفظات فإن ذلك يأتي مع ما كانت تطالب به المرأة منذ وقت من مطالبات في الحراك النسائي بالبحرين على آمل أن يتم رفع كل التحفظات عن مواد الاتفاقية، بما يضمن كرامتها ومعاملتها كمواطن متساوٍ يتمتع بكل الحقوق القانونية التي كفلها الدستور من دون نقصان أو تمييز في القوانين مع الرجل.

ويكفي أن نرى كيف تفاعل الحراك النسائي في البحرين وعلى رأسه الاتحاد النسائي الذي وصف تقليص التحفظات بالخطوة الإيجابية مستشهداً بحضور المرأة البحرينية ونشاطها التاريخي في العمل النسائي الذي تميزت به عن نظيراتها في دول الخليج منذ مطلع القرن الماضي. وأيضاً بما حققته من إنجازات ومكتسبات في المجالات المختلفة، التعليمية منها والمهنية وعلى صعيد النشاطين الاجتماعي والحقوقي. كل ذلك حقّق تراكماً ثرياً أغنى تجربتها وأكسبها تقدير العالم وثقة المجتمع الدولي، كما شكل - بحسب بيان الاتحاد النسائي - أحد المعايير التي اعتمدتها اليوم منظمة الأمم المتحدة في منح ثقتها لتمثيل مملكة البحرين في عضوية هذه اللجان النوعية التابعة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي في الأمم المتحدة، الأمر الذي قد يمكنها من تحقيق مزيد من الإنجازات.

وهنا لابد من الإشارة أيضاً إلى دور المجلس الأعلى للمرأة، لما قام به من دور فاعل للدفع باعتماد عضوية مملكة البحرين في لجان المرأة بالأمم المتحدة وسعيها المتواصل على استحداث التشريعات والقوانين بما ينصف المرأة البحرينية ويساويها مع الرجل في وقت يتناسب مع ما حققته المرأة عبر حقب مختلفة في البحرين علمياً ومهنياً. التقليص جاء متوافقاً مع مطالب الجمعيات النسائية والاتحاد النسائي ولم تكن هذه الاتفاقية داعية لخروج المجتمع عن عاداته وتقاليده كما حاولت بعض الجهات التسويق لفكر يغالط الكثير من الحقائق ولكن يعكس أثر المورث الأبوي المتحكم في تقرير مصير المرأة داخل المجتمع وهو أمر يرفضه الكثير لما يتعارض مع مبدأ حقوق الإنسان والدولة المدنية.

لاشك عندما يتعاون الجانبان الرسمي والأهلي في أخذ المبادرة لوضع التدابير العاجلة التي تُحقق بنود الاتفاقية عبر نشر الوعي بأهمية «السيداو» داخل المجتمع البحريني بما فيه من صالح وتمكين المرأة. وهو أمر يستدعي العمل الجاد والتعاون المشترك على تنقية المجتمع من فكر سلبي ومورث أبوي سلطوي يسوق بطريقة تمارس تمييزاً ضد المرأة تحت حجج وأعذار واهية.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/1100554.html