صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4995 | الثلثاء 10 مايو 2016م الموافق 19 رمضان 1445هـ

شياطين في لباس الملائكة!

الكاتب: حسن المدحوب - hasan.madhoob@alwasatnews.com

من واقع العمل كصحافي تتشكل علاقاتك واتصالك بالناس، البعض يتصل بك معاتباً والآخر شاكراً، وآخرون يتصلون ليشكوا لك حالهم في هذا الموضوع أو ذاك، أملاً في إيصال صوتهم إلى المعنيين في الجهات الرسمية أملاً في تصحيح الأمور، أو للناس حتى يعرفوا معاناتهم أو ليحذروا من بعض الممارسات التي يتعرضون لها.

قصة اليوم، هي لامرأة ظلت تلحُّ في بث شكواها، بعد أن أنهكتها الدنيا ومتاعبها، ولم تعُد قادرة على التحمل أكثر، قالت إنها وجدت الكثير من الخير في الناس منذ بدء معاناتها وهي لا تنكر ذلك، لكنها متألمة أيضاً من حال البعض ممن تلبس برداء الملائكة والطيبة والشهامة قبل أن يظهر لها وجهه القبيح.

وفي الحقيقة، فإنني تردَّدتُّ كثيراً قبل كتابة هذا العمود، فحساسية الموضوع تفرض أن يتم انتقاء التعابير الملائمة؛ لكي لا يساء الفهم أو يتم التعميم، ولكن كما يقال فإن النقطة السوداء في الصفحة البيضاء، لا تعني أن الناس كلهم أشرار، أو أن جميع نوايا البشر سيئة!

هذه المرأة، قرأت عدة أعمدة سابقة، وتحدثت معي قبل أسابيع، بشأن أحد الموضوعات التي طرحتها، قالت لي إن زوجها هو أحد من تم توقيفهم على ذمة إحدى القضايا، وحكم عليه بالسجن لمدة طويلة، ومن ذلك اليوم وهي تعاني بسبب غياب زوجها عنها وعن ابنيها، وهي معاناة تعيشها كل زوجة تفقد لسبب مَّا زوجها.

تقول إن أهل الخير لم يقصروا في مساندتها، وهي شيمة أهل البحرين عمومًا، غير أنها صدمت مرتين من محاولة استغلال ظرفها الإنساني لمساومتها على شرفها، تحت ظن أن المرأة التي يغيب عنها زوجها قد تكون فريسة سائغة أو غنيمة سهلة المنال.

تقول إن الصدمة جاءت من أشخاص يعرفون زوجها، أحدهم كان يبادر من تلقاء نفسه بالاتصال بها والسؤال عن احتياجاتها واحتياجات ابنيها، وكان يرسل إليها عدة مبالغ وهدايا عينية بين فينة وأخرى، وكانت تشكره على ذلك وتقدر له صنيعه، إلى أن جاء اليوم الذي فاتحها فيه بنيَّته، وأما الشخص الآخر فقد كان زميلاً لها في العمل، وأخذ يتقرب من أحد أبنائها الصغار، وكان يتطوع لأخذه للعب مع أبنائه وبناته، ويقدم إليه الهدايا والألعاب، إلى أن بانت حقيقة عمله ونيته.

لذلك، أعتقد أن أفضل توصيف لمثل هؤلاء، إن صدق ما تقوله هذه المرأة، بحسب ظني، هو أنهم شياطين تلبسوا برداء الملائكة من أجل أن يحصلوا على مبتغاهم الإبليسي، فأسوأ فعل يقوم به أي إنسان هو استغلاله معاناة الناس وآلامهم، من أجل شهوة تفقد الإنسان آدميته وعقله، أفلم يكن كافياً لهذه الزوجة وأطفالها أنهم يعيشون محرومين من حياتهم الطبيعية حتى يأتي ضعاف النفوس ليزيدوا الطين بلة!

أحيي هذه المرأة على شجاعتها، واحترامها لنفسها وشرفها وزوجها، وأشدُّ على أيدي الطيبين للتكافل والتراحم، ولكنني أفتح نافذة يتحاشى الكثيرون فتحها؛ لأنَّ دسَّ الرؤوس في الرمال في قضايانا الاجتماعية، سيجعل البعض، وهم قلة، يتمادون في شيطنتهم، بينما يبدون في أذهان الناس والمجتمع كأنهم ملائكة!


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/1112838.html