صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 5002 | الثلثاء 17 مايو 2016م الموافق 19 رمضان 1445هـ

السيناريوهات المتوقعة لنظام التقاعد الجديد

الكاتب: هاني الفردان - hani.alfardan@alwasatnews.com

ينشغل الناس حالياً بملف هيئة التأمين الاجتماعي، وما روج أو لمح له من قبل وزير المالية الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة، إلى إمكانية مراجعة نظام التقاعد في البحرين، وذلك لوجود تحديات مختلفة، في ردِّه على كلام ذكره النائب عبدالرحمن بوعلي بشأن ما اعتبره «لغطاً» في المجتمع، وكلاماً عن أن الحكومة ستصدر قرارات لإلغاء مكافأة نهاية الخدمة، ورفع سن التقاعد إلى 65 عاماً، وإلغاء نظام شراء سنوات الخدمة، فيما أكد رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، أن مكافأة نهاية الخدمة لن تُمَسَّ أو تُطالَ وأنّ ما يُثار بشأن إلغائها غير صحيح البتة، ما دفع غالبية أعضاء مجلس النواب على الموافقة على سحب طلب طرح مناقشة عامة بشأن استيضاح الحكومة بشأن التقاعد.

ما أكد حالياً فقط هو أن «مكافأة نهاية الخدمة لن تُمَسَّ أو تُطالَ»، وهذه هي الضمانة الحكومية الوحيدة التي خرجت في ظل كل ذلك اللغط، فيما لازال الحديث عن الأمور الأخرى، كرفع سن التقاعد إلى 65 عاماً، وإلغاء نظام شراء سنوات الخدمة.

السيناريو أو السيناريوهات المتوقعة لنظام التقاعد الجديد، والمرجح إصداره خلال الإجازة التشريعية بحسب توقعات نواب، هو أن تقر الحكومة رفع سن التقاعد من 60 إلى 65 عاماً، في الوقت الذي ستلغي نظام التقاعد المبكر المعمول به حاليّاً، ونظام شراء سنوات الخدمة، مع وجود تأكيدات نيابية بحصولهم على معلومات من الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية، تؤكد وجود توجُّه إلى تغيير نظام التقاعد الحالي.

من بين السيناريوهات أيضاً فإن احتساب سنوات الخدمة سيقلل من ما هو معمول به حاليّاً (2 في المئة)، إلى (1.8 في المئة)، فإذا عمل الموظف 20 عاماً سيحصل على راتب تقاعدي يقدر بنحو 36 في المئة من راتبه، وليس 40 في المئة كما هو معمول به الآن. ولو عمل مدة 40 عاماً فلن يحصل راتباً تقاعديّاً يعادل ما نسبته 80 في المئة من راتبه خلال فترة عمله، بل سيحصل على 72 في المئة!

كما أن المتوقع طرحه هو زيادة الاشتراكات التأمينية على الموظفين، وستصل إلى 8 في المئة، بدلاً من 6 في المئة الحالية، فيما ستقل الاشتراكات التأمينية التي تدفعها الحكومة عن الموظفين، وستصل إلى 10 في المئة، بدلاً من 12 في المئة التي تدفعها الآن.

كان من بين السيناريوهات أيضاً، إلغاء مكافأة نهاية الخدمة، والتي تحتسب بنسبة 3 في المئة من راتب الموظف، إلا أن رئيس الوزراء، أكد في جلسة مجلس الوزراء يوم الإثنين (9 مايو/ أيار 2016)، أن مكافأة نهاية الخدمة لن تُمَسَّ أو تُطالَ، وأنّ ما يُثار حول إلغائها غير صحيح البتة، وأن الحكومة حريصة على العمل من أجل إطالة عمر الصناديق التقاعدية وديمومتها خدمة للموظفين والمتقاعدين حاضراً ومستقبلاً.

في أكتوبر/ تشرين الأول 2005 لجأت الهيئة العامة لصندوق التقاعد (سابقاً) إلى زيادة الاشتراكات التقاعدية من 18 في المئة إلى 21 في المئة، على رغم أن الحكومة لجأت إلى خفض الاشتراكات في العام 1986 من 21 إلى 18 في المئة، من أجل تخفيف الأعباء على الموظفين.

في ذلك الوقت اعتبر النواب قرار الخفض خطأ استراتيجياً من قبل الحكومة نتيجة عدم دراسة هذه الخطوة اكتوارياً ما أدى بها إلى إعادة الاشتراكات إلى ما كانت عليه قبل 20 عاماً.

وكما يقال «أهل مكة أدرى بشعابها» فإن الصيحات والصرخات كانت عالية من قبل موظفين في «صندوق التقاعد» آنذاك وبعض أعضاء مجلس إدارتها، وخصوصاً ممثلي العمال في ذلك الوقت، مؤكدين أن الحلول الترقيعية كزيادة الاشتراكات ليست حلاً جذرياً، وإنما هي أسهل الحلول التي يمكن أن تلجأ إليها الحكومة لتفادي أي عجز مستقبلي في الصناديق التقاعدية، ولكن هذا الحل لن يدوم طويلاً في ظل غياب الاستثمار الصحيح، فلذلك كانت المطالبات بما أسموه بـ «تصويب استثمارات الهيئة».

لجنة التحقيق البرلمانية التي شكلت إبان أزمة هيئتي التأمينات والتقاعد رصدت صوراً للتسيب الإداري وغياب الاستراتيجيات التي أفقدت المشروعات عوائدها، وضياع فرص الاستثمار، وعدم وجود تمثيل للمتقاعدين والمشتركين في الهيئتين للمشاركة في صنع القرار، كل ذلك أدى إلى خسارة كبيرة نتجت عنها وعن التدخل الحكومي وضعف الجهاز الاستثماري والبيروقراطية والثغرات الكبيرة في نظام التأمين وتشريعاته وعدم وجود خطط طويلة وقصيرة الأمد، وعدم فصل الاختصاصات.

من حق الشارع البحريني أن يطالب بحماية مكتسباته التقاعدية وعدم المساس بها، وألا تكون حلول أخطاء القائمين على الصناديق التقاعدية محملة على ظهورهم ومن أموالهم، في ظل الوضع المعيشي الصعب وتدني الأجور.

الحل ليس في تلك السيناريوهات التي تقوم على رفع الاشتراكات وزيادة الأعباء على المواطنين ومد سنوات الخدمة، بل الحل في خطة واضحة مبنية على أسس صحيحة وليس قرارات آنية لتفادي الخروج من مستنقع الأزمات المالية، وتتحمل الجهات الرسمية مسئولية تخبطها في اتخاذ القرارات واستنزاف أموال تلك الصناديق من دون أي جدوى مالية تعود عليها، مما يُحمَّل أعباءها بعد ذلك المشتركون (المواطنون) نتيجة تلك الأخطاء المتكررة منذ سنوات طويلة.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/1115593.html