صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 5041 | السبت 25 يونيو 2016م الموافق 18 رمضان 1445هـ

هل يحلها «الفصل 11»؟

الكاتب: أحمد صباح السلوم - .

تشغلني أزمة المتعثرين من أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في البحرين بشكل دائم، أعتقد أن نسبة كبيرة -وليست كلها بالطبع- من حوارات وسوالف المجالس في رمضان هذا العام بالنسبة لي، تدور بشأن حلول لمشاكلهم سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، أتجاذب أطراف الحديث هنا وهناك، لعلي أخرج بفكرة تنفعهم وتنفع الوطن منهم أيضا، فنحن حين نتحدث عن حلول دائمة لمشاكل هذه الفئة، نتحدث عن صميم الاقتصاد الوطني ومئات الشركات المتضررة والمعرضة للإفلاس، ومئات الأسر البحرينية وغير البحرينية التي قد تتضرر؛ نتيجة لأي أذى يصيب هذه المؤسسات.

في إحدى هذه الجلسات دار النقاش مع مجموعة من الأصدقاء والتجار بشأن الأوضاع الاقتصادية، وجاءت سيرة الفصل 11، أو كما اصطلح على تسميته بين التجار بالإنجليزية «Chapter 11»، هذا الباب من القانون الأميركي الذي سبق أن استخدمه أحد البنوك البحرينية المعروفة، والمسجل في أميركا كـ»طوق نجاة»، للخروج من عثرته في أعقاب الأزمة الاقتصادية العالمية التي ضربت العالم في 2008، ووصلت الخليج في 2009، وكان هو وغيره بعض ضحاياها.

ذهبت للبحث والقراءة عن هذا الفصل، وما يهمنا هنا هو هذا التشريع المتفرد والمتميز الذي أتاحه المشرع الأميركي للشركات، حتى تنجو من عثرتها ولا تعرض نفسها للإغلاق، وبالتالي لتشريد صاحب العمل وتحويله لصفوف العاطلين، وبالطبع جميع من يعمل معه.

وبتعريف للقارئ بشأن هذا القانونن فإن الفصل الحادي عشر يندرج ضمن مجموعة القوانين الخاصة بإشهار الإفلاس في الولايات المتحدة، ويسمح هذا الفصل للشركات بإعادة تنظيم نفسها في إطار قوانين الإفلاس، وتستطيع جميع أنواع الشركات حتى الأفراد اللجوء إليه، إلا أنه في الغالب يستخدم من قبل الشركات، ويختلف هذا الفصل عن الفصل السابع من نفس القانون، الذي يضبط عملية الإفلاس والتصفية، والفصل الثالث عشر الذي يسمح بعملية إعادة التنظيم للأشخاص.

ويتضمن الفصل الحادي عشر معظم ملامح قوانين الإفلاس الأميركية، كما أنه يعطي أدوات إضافية للمدين، ويمنح الوصي السلطة لإدارة الشركة المدينة، وطبقا لهذا الفصل فإنه يمكن للمدين أن يعمل وصيا على شركته، إلا إذا تم تعيين وصي خارجي لسبب ما، وهكذا فإنه طبقا لهذا الفصل يملك المَدين الأدوات لإعادة هيكلة شركته، ويستطيع الحصول على تمويل وقروض بشروط ميسرة، بشرط إعطاء الممولين الجدد أولوية في الحصول على أرباح الشركة، وقد تعطي الحكومة المدين المالك للشركة حق رفض أو إلغاء عقود.

وبتوضيح أكثر بساطة ويسرا... عندما يحدث «تعثر» وتفشل شركة في تسديد المبالغ المستحقة على ديونها أو الديون ذاتها، فإنها تستطيع، كما يستطيع الدائنون أنفسهم، التقدم بطلب للحماية إلى محكمة إفلاس اتحادية، بناء على الفصل السابع أو الحادي عشر، لكن طبقا للفصل السابع (وهذا لا نريد تطبيقه على الوضع البحريني) تتوقف الشركة عن النشاط، ويقوم وصي ببيع جميع أصولها، وبتوزيع عائد ذلك على المقرضين. ويتم توزيع أي مبالغ متبقية على مالكي الشركة.

وأما الفصل الحادي عشر فيسمح في معظم الأحيان بإبقاء عمليات الشركة تحت سيطرة المدين وملكيته، لكن تظل تحت مراقبة المحكمة وسلطتها التشريعية (وهذا ما نريد التركيز عليه والاستفادة منه في الوضع البحريني).

نحن مقبلون في واقع الأمر على تغييرات جذرية بشأن وضع الاقتصاد البحريني، مع الأخبار والتأكيدات والنقاشات الدائرة حول فرض «ضرائب»، سواء كانت «ضريبة القيمة المضافة» أو غيرها، وهذا في حد ذاته سيسفر عن تغييرات في السوق، ربما تكون للأسوأ، وهذا ما يجب التحوط له والحسبان، وإذا وضعنا في الاعتبار أن هناك متعثرين فعليا والدولة لا تفرض ضريبة على أحد، فما بالك بحال هؤلاء عندما تفرض الضرائب!

جمعية البحرين لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، سترفع مقترحا إلى الوزير النشيط زايد بن راشد الزياني، مضمونه تطبيق وضع مشابه أو إصدار قانون مشابه للفصل 11 من القانون الأميركي، مع مراعاة منظومة القوانين القائمة، هدف هذا القانون هو حماية الشركات البحرينية من الغلق وإشهار إفلاسها، وتخفيف العبء عن المتعثرين... والمساعدة في تسديد الديون وعودة الحقوق لأصحابها.

ببساطة نريد فترة سماح -وفقا لشروط وأحكام عادلة ومنطقية- لأي متعثر يعلن عن تعثره في السوق تقدر بنحو عامين، تؤجل فيها سداد الأقساط المستحقة عليه للبنوك أو الشركات أو الأفراد بشرط سداد فوائدها، ويعفى من الضرائب والرسوم خلال هذه الفترة حتى تتماسك شركته ويكون قادرا على السداد، وفي حال استمرار التعثر يكون هناك شأن آخر يجب دراسته بعناية أيضا، وهناك نصوص واردة بشأنه في نفس الفصل... وتتلخص في أنه إذا فاقت الديون أصول الشركة ولم يتبق لمالكها أي أموال، فإنه يتم إنهاء حقوقه وتصبح الشركة ملكا للدائنين، بعد إعادة هيكلتها بما يتوافق مع قانون الإفلاس.

من المزايا التي يتيحها هذا القانون أيضا هي حق «المتعثر»، وهو «الشخص المدين»، بالحماية من دعاوى قضائية ضد شركته، عن طريق فرض ما يسمى بوقف التنفيذ الآلي، وبناء عليه فإن أي دعاوى قضائية ضد المدين تتوقف أو تؤجل، حتى يتم البت فيها في محكمة إفلاس أو استئنافها في موقعها الأصلي، كما أن للمدين الحق -في إطار هذا القانون- في اقتراح خطته لإعادة الهيكلة لمدة من الزمن تصل إلى 120 يوما، مع وجوب موافقة الدائنين عليها، أو يقدم بعدها الدائنون خططهم.

اعتقد أن الاستفادة بتجارب وخبرات الآخرين إذا كانت تتوافق معنا ستوفر علينا جهدا ووقتا ثمينين، ويجب أن يتم النظر إلى تجربة الأميركيين مع «الفصل 11» بكل جدية.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/1130868.html