صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 5118 | السبت 10 سبتمبر 2016م الموافق 18 رمضان 1445هـ

غزوة نيويورك وسيف الإرهاب

الكاتب: قاسم حسين - Kassim.Hussain@alwasatnews.com

15 عاماً بالتمام والكمال، مرّت على هجمات نيويورك، التي وقعت في مثل هذا اليوم من العام 2001، وغيّرت إلى حدٍّ بعيد، وجه العالم.

الولايات المتحدة التي أصابتها الصدمة بحالةٍ من الهستيريا والهياج، اندفعت في حربٍ لها أول وليس لها آخر، فقامت بغزو بلد إسلامي (أفغانستان)، وآخر عربي (العراق)، ورابطت على حدود بلدين آخرين، سورية وإيران، تهدّدهما يوميّاً بالغزو والاحتلال، فقاما بدعم المقاومة لعرقلة مشروع الغزاة.

الغزو أدى إلى تفكيك أوصال المنطقة، وإضعافها واستنزافها في الحروب. ولم تمضِ عشرة أعوام حتى باتت المنطقة على مشارف إفلاس سياسي كامل، عبّرت عنه ثورات الربيع العربي، حيث انطلق الشباب إلى الميادين للتعبير عن سخطهم عمّا آلت إليه الأوضاع السياسية والاقتصادية من تخلُّف وجمود. وهو ما واجهته الأنظمة بمزيد من القمع والثورات المضادة، والأخطر إقحام الحركات المتشددة والتكفيرية لتحريف بوصلة الشعوب، واستبدال حركتها من هدف الحرية والكرامة إلى الاقتتال المناطقي والطائفي.

اليوم، تتضح أكثر وأكثر، أسرار هذه الحركات التي تحرّكها الأجهزة التي تعمل في الخفاء. ويعود الكثير من المحللين إلى التذكير ببداياتها أيام «الجهاد» في أفغانستان، حيث تم تجنيد آلاف الشباب من مختلف البلدان العربية، للقتال ضد التدخل الروسي في أفغانستان، تحت ستار إعلامي كثيف. وانتهى المشهد بانقلاب تنظيم «القاعدة» على رعاته وداعميه، وشنّه غزوة نيويورك الشهيرة.

سيناريو انقلاب «الدعاة» على «الرعاة»، تكرّر مراراً وتكراراً، فلا هم يستفيقون ولا هم يذّكّرون. تكرّر أولاً في العراق، بعد الغزو الأميركي في 2002، وتكرّر في سورية بعد العام 2011، وفي ليبيا بعد إسقاط القذافي 2012، بحرق السفارة الأميركية الراعية في بنغازي، وقتل الدبلوماسيين، وأخيراً في تركيا صيف 2016.

بعد هجمات (سبتمبر/ أيلول)، أعلن الرئيس الأميركي السابق جورج بوش «الحرب على الإرهاب»، لتحطيم تنظيم «القاعدة»، ولم يتمكّن الأميركيون من القضاء على زعيمه أسامة بن لادن، إلا بعد عشرة أعوام، في (مايو/ أيار 2011)، في عهد الرئيس باراك أوباما، الذي ضغط على الباكستانيين لرفع الغطاء عن التنظيم. وشاهدنا كيف تمَّ التخلص منه في بيت أمني متواضع على أطراف العاصمة، على مقربةٍ من مركز للأمن الباكستاني. وهو اليوم الذي اعتبره أوباما «اليوم الأهم خلال سنوات حكمه في البيت الأبيض».

نتيجة الحرب على الإرهاب، أنها نشرت المزيد من الحركات التكفيرية في المنطقة، وكان الأميركيون واعين تماماً لذلك، وكان مخططو اليمين الأميركي المتطرف يعملون على استدراج المقاتلين من مخابئهم في جبال تورا بورا إلى سهول العراق المفتوحة، للقضاء عليهم في تلك المحرقة، كما صرّح يوماً كولن باول.

تاريخ هذه الحركات أثبت أنها كانت أدواتٍ تُستخدم لأمدٍ ثم يتم الاستغناء عنها، ويعتمد مستخدموها على مخزون بشري لا ينضب، يمتد من جاكرتا إلى نيجيريا، ومن القوقاز إلى الصومال. ومن هذا الخزان خرجت فروع تنظيم القاعدة في «الجزيرة العربية» و«أرض الرافدين» و«اليمن»، انتهاء بعشرات الحركات التي انتشرت هذه الأيام في العراق والشام وشمال إفريقيا، حيث استوطنت أخيراً في ليبيا، وأصبح اسم «داعش» يتصدّر عناوين الأخبار، مقدّماً أبشع صور القتل والفتك والإرهاب.

في حديث قدسي يشير مضمونه إلى أن الظالم سيفي، أنتقم به وأنتقم منه، ومن شأن الأجهزة الخفية التي تحكم العالم، أن تتفاخر اليوم فتقول إن «الإرهاب سيفي أنتقم به... وأنتقم منه حين يبدأ بالانتقام مني والانقلاب عليّ»!


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/1158173.html