صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 5122 | الأربعاء 14 سبتمبر 2016م الموافق 18 رمضان 1445هـ

«التربية» في بداية كل عام دراسي تكون في وضع حرج لا تحسد عليه... لماذا؟

الكاتب: سلمان سالم - comments@alwasatnews.com

قبل نهاية العام الدراسي الماضي، تابع الرأي العام المحلي والمهتمون بالشأن التعليمي خصوصا، أن وزارة التربية والتعليم كانت في حال عصيب لا تحسد عليه، عندما تقدم عدد كبير من المعلمين والمعلمات من مختلف المراحل الدراسية بطلب إحالتهم للتقاعد المبكر، وتقديم عشرات المعلمين الوافدين استقالاتهم والعودة إلى بلدانهم، وخصوصا عندما لم تنجح محاولاتها بالكامل في ثني الكثيرين منهم عن قرارهم، فهي بعد هذه الأزمة التعليمية أصبحت أمام خيارين، أما أن تقوم بتوظيف العاطلين البحرينيين الجامعيين التربويين، التي قدرت الوزارة عددهم في العام الداسي الماضي بـ 1573 عاطلا بحرينيا وجامعيا وتربويا، الذين انتظروا توظيفهم في سلك التعليم سنوات طويلة تمتد عند بعضهم إلى أكثر من 10 سنوات... فهل تجاهلها هذه الفئة العاطلة والمعطلة وعدم الاكتراث بوجودها، وعدم العمل على تمهينهم والاستفادة من قدراتهم يصب في صالح الوطن؟ لماذا تذهب إلى خارج البلد، لتتعاقد في كل عام دراسي مع مئات المعلمين من الأجانب والعرب، وتدخل نفسها بإرادتها في دوامة جديدة لا تنتهي، وهي تعلم علما يقينيا أن توظيفها البحرينيين الجامعيين التربويين يوفر عليها الكثير من الأموال والجهود والالتزامات، وأن اللجوء إلى الخارج للتعاقد مع الأجانب والعرب، يكلفها الكثير من الجهد والمال والالتزامات القانونية والحقوقية؟ فليس للوزارة أي سبيل إلا أن تختار التعاون مع ديوان الخدمة المدنية في توظيف العاطلين البحرينيين الجامعيين التربويين، لأنه هو الخيار الأفضل والأسهل والأوفر اقتصاديا وتربويا وتعليميا، وصلنا من بعض المصادر أنها قامت بالاتصال ببعض حراس أمن المدارس الجامعيين، بغرض إدخالهم في الامتحانات والمقابلات الشخصية، ومن يجتاز منهم بنجاح تقوم بنقله إلى السلك التعليمي، لا شك في أنها لو قامت بهذه الخطوة فعلا، ستكون خطوتها في الاتجاه الصحيح، رغم أنها جاءت متأخرة كثيرا، ومما لا شك فيه ولا ريب أن توظيف أبناء البلد وتأهيلهم وتدريبهم له انعكاسات إيجابية كبرى على واقع التعليم والتعلم في البحرين.

ولا أحد ينكر أن لدينا طاقات بشرية هائلة في البلد لو تعاملت معها الوزارة بالصورة الصحيحة واستثمرت وجودها استثمارا حقيقيا، لما احتاجت في يوم من الأيام أن تذهب إلى خارج البلد، لتتعاقد مع الأجانب للتدريس في مدارس ومعاهد البحرين، كل ما يحدث في التعليم من إرباك غير مسبوق في السنوات الخمس الأخيرة، يأتي بسبب النقص الكبير في الكوادر التعليمية والبيئة التعليمية والمناهج الدراسية وغيرها من الأساسيات المهمة في العملية التعليمية التعلمية، لو كانت الوزارة لديها خطة استراتيجية خمسية أو عشرية للتعليم، يشارك في وضعها شخصيات تربوية بحرينية متخصصة، لما حدث لها كل هذا الإرباك والتخبط في ممارساتها وقراراتها وإجراءاتها، حتى لا نحوم حول كلمة (لو) ونستغرق كثيرا في اللوم تارة وفي التمنيات تارة أخرى، نقول لابد أن تفكر الوزارة في مستقبل التعليم بجدية، بعيدا عن المؤثرات النفسية والأيدلوجية وعن أي اعتبارات غير قانونية، إذا ما أرادت أن تحقق نتائج باهرة للتعليم.

فالتعليم يجب أن يبعد كليا عن كل الأبعاد التي ليس لها علاقة مباشرة بالعملية التعليمية التعلمية، لأن ذلك يدخله في متاهات ليس لها آخر، تكون سببا في إضعافه وإخفاقه في مختلف المفاصل التعليمية، لا أحد يستطيع نفي التراجع في التعليم وخصوصا في السنوات الأخيرة، والذي له انعكاسات سلبية على حاضر ومستقبل الوطن في كل زواياه، ولا ننسى أننا نتكلم عن التعليم النظامي في البحرين الذي يمتد عمره إلى 1919 بالنسبة للبنين، وإلى العام 1927 بالنسبة للبنات، ولم نتكلم عن النظام التعليمي الذي بدأته فعليا الإرسالية الأميركية في العام 1899 بافتتاحها أول مدرسة للبنات، ثم تلتها بمدرسة أخرى للبنين في العام 1902، هل من المعقول أن نجد التعليم الذي تجاوز عمره منذ بدء النظام التعليمي 117 عاما، ومنذ بدء التعليم النظامي الذي وصل عمره إلى 97 عاما، ووزارة التربية التعليم لم تستطع حتى هذه اللحظة تحقيق الاكتفاء الذاتي في الكوادر التعليمية؟

في هذا الموضوع لن نتحدث عن التعليم خلال 14 قرنا، الذي أنتج مئات العلماء الأفذاذ، الذين خلفوا للأجيال على مر السنين تراثا دينيا وثقافيا وعلميا زاخرا بالعطاء المتميز، تكلمنا فقط عن التعليم الذي يقترب عمره إلى قرن من الزمان، وهو الذي يكفي أن يجعل البحرين في مواقع رائدة في التعليم على مختلف المستويات، الإقليمية والعربية والعالمية، وكان بمقدورها ونقصد وزارة التربية والتعليم الموقرة أن تحقق الاكتفاء الذاتي في التعليم بمختلف التخصصات والتربوية والتعليمية والمهنية، ومنذ زمن ليس بالقصير، كان باستطاعتها جعل البحرين غير محتاجة لجلب الأجانب لملء المواقع التعليمية والمهنية الشاغرة في مجالات كثيرة، لا أحد في البلد يشكك في قدرات أبناء البحرين وبناتهم العقلية والإستيعابية والإبداعية، فالتفوق الكبير الذي يحققونه (بنات وبنين) بمملكة البحرين في كل عام دراسي، دليل واضح على قدراتهم التعليمية الكبيرة، ومدى استعدادهم النفسي والمعنوي والعقلي الكبير، لمواصلة تعليمهم بمستويات عالية، إذا ما سنحت لهم الفرصة كاملة غير منقوصة، وإبعاد كل المؤثرات النفسية التي تساهم بصورة مباشرة في وضع العراقيل والمنغصات في مسيرة التعليم، سيحققون طفرات نوعية وواسعة في تطوير وتنمية بلادهم في مختلف التخصصات والمجالات. نأمل أن تلتفت الوزارة إلى المخزون البشري الذي يمتلكه الوطن بأعداد كبيرة، والعمل على جعل التعليم الرافد الأبرز لكل التخصصات التي تحتاجها بحريننا الغالية.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/1159139.html