صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 5153 | السبت 15 أكتوبر 2016م الموافق 19 رمضان 1445هـ

جمعيات خيرية: قيود جمع المال أبرز التحديات...وبرامج الدعم الرسمية لم تقلل أعداد المحتاجين

اعتبر رؤساء جمعيات خيرية، أن القيود التي تفرضها الجهات الرسمية على جمع المال والتبرعات، هي أبرز التحديات التي تواجه العمل الخيري، مؤكدين أن برامج الدعم التي تقدمها الحكومة، لم تسهم في تقليل عدد من يتستلّمون المساعدات الاجتماعية من الجمعيات.

يأتي ذلك، بالتزامن مع اليوم الدولي للقضاء على الفقر، والذي يصادف الـ17 من شهر أكتوبر/تشرين الأول من كل عام.

وفي هذا الصدد، اعتبر رئيس جمعية النعيم الخيرية صادق رحمة أن العمل التطوعي في البحرين والدول العربية على حد سواء، يواجه بصورة عامة صعوبات كثيرة، وخصوصا في مسألة العزوف عنه وتنظيمه.

أما على صعيد العمل الخيري، فتطرق رحمة إلى مشكلة الانتقال من العمل الرعائي إلى التنموي، مشيرا إلى أن مسئولية تغيير هذه الفكرة لا يقع على عاتق الجمعيات الخيرية لوحدها، وإنما يتطلب دعم المؤسسات الأخرى كالمراكز الشبابية والأندية، بالتعاون مع وزارة العمل والتنمية الاجتماعية.

وقال: «الأسر الفقيرة بحاجة للانخراط في مشروعات تنموية لضمان انتزاع الفقر منها، والمشكلة أن طريقة صرف العديد من هذه الأسر غير صحيحة، في حين أن الدراسات تؤكد قدرة الأسر المنتجة على مساعدة الآخرين، وهناك الكثير من التجارب الناجحة في الدول الأخرى».

واعتبر رحمة عدم وجود أماكن مخصصة للجمعيات الخيرية بتمويل من الحكومة أحد القيود التي تواجه الجمعيات، وخصوصا في ظل تحملها الكثير من المصروفات الأخرى لتسيير عملها.

إلا أنه اعتبر أن أبرز قيود يواجهها العمل الخيري، هي اللوائح الجديدة لجمع المال، واشتراط موافقة وزارة العمل على مشروعات جمع الأموال، وهو ما يعطل السير بالمشروعات، بحسب رحمة، الذي قال: «صحيح أن هذه الإجراءات لتنظيم جمع المال، ولكننا نأمل ألا تقتلها البيروقراطية، وخصوصا أن الموافقة على بعض المشروعات قد تستغرق شهرا، وهو ما يعطل الخطط الزمنية للمشروعات التي تعمل بموجبها الجمعية».

وفيما إذا أسهمت برامج الدعم التي تقدمها الحكومة في تقليل عدد الأسر المحتاجة، قال رحمة: «لم يقل عدد الأسر التي تلجأ إلينا حتى في ظل برامج الدعم الرسمية، وهذه مشكلة أخرى، إذ لا توجد دراسة بحثية أو معايير معينة تبين مدى اكتفاء الأسرة، فهناك الكثير من الحالات التي قد تكتفي من الدعم المقدم لها من الحكومة، ولكنها لا تبلغنا بذلك».

أما رئيس جمعية العكر الخيرية أحمد عرفات، فاعتبر هو الآخر أن أبرز القيود التي تواجه العمل التطوعي في البحرين هي إجراءات الحصول على التصاريح الرسمية لجمع الأموال، إذ قال: «يجب أن نفتح حسابا مؤقتا لجمع المال، وهو ما قد يستغرق وقتا طويلا، قبل التقدم لطلب الحصول على موافقة وزارة التنمية إلكترونيا، ومن ثم موافقة وزارة الداخلية».

وأكد عرفات أن الجمعية كانت قد تقدمت بطلب الحصول على تصريح جمع المال قبل شهر رمضان المبارك الماضي، وحتى الآن لم تحصل على الموافقة من وزارة التنمية الاجتماعية، على الرغم من أن شهر رمضان هو أكثر موسم يتم فيه الحصول على التبرعات.

وذكر بأن الجمعية تقدم المساعدات المالية لـ39 أسرة محتاجة بصورة شهرية، و118 أسرة بصورة موسمية، مشيرا إلى أن الجمعية تلجأ أحيانا إلى موازنتها الخاصة لتقديم مساعداتها الشهرية للأسر المحتاجة في حال تأخر حصولها على تصريح جمع المال، مشيرا إلى أن هذه الإجراءات تحول في أحيان كثيرة من دون الحصول على التبرعات من الشركات الداعمة التي تشترط الحصول على التصريح قبل تقديم الدعم.

وختم عرفات حديثه بدعوة وزارة التنمية الاجتماعية لتسهيل إجراءات جمع الأموال، وخصوصا أن الجمعيات الخيرية في العادة لديها تقاريرها وشركاتها المدققة وكل الأرصدة، ولا تخالف القوانين والأنظمة المعمول بها.

أما رئيس جمعية توبلي الخيرية حسين العريبي، فاعتبر أيضا أن أبرز التحديات التي تواجه العمل الخيري في البحرين أن قانون جمع المال المعمول به في الوقت الحالي يحد من الحصول على التبرعات، ناهيك عن تأخر الحصول على تصريح جمع المال، بالإضافة إلى تراجع الوضع الاقتصادي للتجار والمتبرعين، مؤكدا أن هذه الأسباب انعكست بطبيعة الحال على مستوى التبرعات التي تقدمها الجمعية.

وقال: «في الآونة الأخيرة وجدنا منافسين للجمعيات الخيرية، وهم الآسيويون الذين يضعون علب التبرعات لتقديم المساعدة للمحتاجين في بلدانهم، وعددهم ليس بالقليل ولا تتم مراقبتهم».

وذكر العريبي أن عدد العائلات التي تلجأ للصندوق في تزايد مستمر؛ وذلك بسبب تدني الرواتب، وتزايد أعداد العاطلين من العمل، وارتفاع نسبة الطلاق، وانحراف وإهمال أرباب أسر عائلاتهم، وكذلك تأخر حصول المواطن على سكن ما يجعله يستأجر سكنا، وهو ما يخلق عبئا ماديا كبيرا عليه، بالإضافة إلى غلاء الحياة المعيشية.

وأشار إلى أنه على الرغم من تعدد أوجه المساعدات الاجتماعية التي تقدمها الحكومة لمستحقيها، إلا أنها لا تغطي إلا جزءاً بسيطاً جدا من مصروفات العائلة.

أما رئيس جمعية جنوسان الخيرية حسين الصباغ، فقال: «إن وجود إجراءات احترازية وتنظيمية إلى حملات جمع المال، هو مطلب وضرورة، وخصوصا مع التحديات التي تعيشها المجتمعات في مختلف دول العالم، ولا يستثنى من ذلك المجتمع البحريني».

ولكنه استدرك قائلا «هذه الإجراءات،لا بد أن يرافقها أيضا مساعدة من المؤسسات الرسمية الحكومية إلى الجمعيات الخيرية؛ للارتقاء بأدائها الإداري والمالي بما يتفق مع هذه الإجراءات من جهة، وبما يحقق الأهداف التي ابتغتها اللوائح، ومن جهة أخرى حتى لا تكون هذه الإجراءات معطلة للعمل الخيري».

وتابع «اليوم للأسف الشديد هناك عدد كبير من الجمعيات الخيرية التي تواجه وضعا إداريا وماليا غير مستقر، نتيجة مواجهتها الصعوبات في الإيفاء بالتزامات وإجراءات وزارة التنمية الاجتماعية».

وواصل «بعض أصحاب التبرعات البسيطة، قد لا يقبلون الكشف عن هوياتهم، لأنهم يشعرون بالحرج، ولكن لا يمكننا قبول أي تبرعات تحت مسمى فاعل خير، وإنما لا بد من تحديد هويته في مستندات الإيداع بملفات الجمعية، وهذا يضعنا ايضا أمام تحد كبير في جمع التبرعات».

وذكر الصباغ أن الجمعيات الخيرية ليست منفصلة عن الظروف الاقتصادية والمالية التي تمر بها المنطقة، وأن هناك أصحاب مشروعات صغيرة ومتوسطة يواجهون صعوبات وتحديات، ناهيك عن موجة الغلاء في بعض السلع والخدمات، وما تبع ذلك من سياسة التقشف الحكومية، معتبرا أن ذلك انعكس سلبا على الجمعيات الخيرية التي تعاني من انخفاض مدخولاتها في الفترة الأخيرة، وفي المقابل تواجه الجمعيات صعوبة خفض مساهماتها في مساعداتها للأهالي؛ لأن الجمعيات في الأغلب تعتني بالشريحة الأضعف في المجتمع.

وقال: «الجمعيات الخيرية اليوم هي شريك أساسي لوزارة التنمية الاجتماعية في رعاية الشرائح الضعيفة في المجتمع، ويمكن إذا تم تعزيز التعاون والتواصل والشراكة بين الجانبين، أن يعود ذلك بالنفع على المجتمع بشكل عام، وخصوصا الأسر المحتاجة».

ولم يقلل الصباغ من مستوى التعاون بين الجمعيات الخيرية والوزارة، إلا أنه أكد الحاجة إلى التعاون بين الطرفين تحت مفهوم الشراكة، وخصوصا فيما يتعلق باللوائح والإجراءات التنظيمية، معلقا «الجمعيات الخيرية أصبحت مستقبِلاً للقرارات فقط، في حين أنها بحاجة لاجتماعات دورية تبدي خلالها الجمعيات ملاحظاتها ومؤاخذاتها، على أن تتم مراجعة اللوائح والأنظمة بما يخلص إليه الحوار الثنائي بين الجانبين».

وأكد الصباغ أنه على الرغم من برامج الدعم التي تقدمها الحكومة للمحتاجين، إلا أن عدد من يستلمون المساعدات الاجتماعية من الجمعية لم يقل.

وأشار إلى أن الجمعيات الخيرية تصنف المجتمع البحريني بشكل عام إلى 3 فئات، المقتدرة والمتوسطة والضعيفة، والأخيرة هي الأجدر بالحاجة للمساعدات والدعم، لافتا في هذا الإطار إلى توسع الشريحة الضعيفة في المجتمع على حساب الشريحة المتوسطة.

وقال عن ذلك: «هذا الأمر يزيد من حجم التحديات التي تواجهها الجمعيات بحجم الطلبات والمساعدات، والمساعدات التي استحدثتها الحكومة، يقابلها ارتفاع متطلبات المعيشة، فاحتياجات الأسرة لم تعد مقتصرة على ذات الاحتياجات قبل 20 عاما، كالحاجة إلى المسكن والمأكل والملبس».

وتابع «اليوم الآباء يواجهون تحديات رسوم الدراسة في المدارس والجامعات، كما أن الكثير من الأسر تحتاج إلى دعم صحي، وبعض الخدمات الصحية لا تتوافر من خلال خدمات الصحة العامة، فعلى سبيل المثال قد يتطلب انتظار موعد لعلاج الأسنان عدة أشهر، وهذا يضطر الأسر المحتاجة للعلاج في عيادات خاصة».

وأضاف «حتى على صعيد التطور التكنولوجي، فاحتياجات الطالب في المدرسة اختلفت عن الماضي، بالإضافة إلى خدمات الاتصال والأجهزة المنزلية، فطبيعة الحياة اليوم اختلفت، وتبقى حاجة للفقير لأنه جزء من المجتمع، لا يستطيع أن ينفصل عنها، ولا يمكنه أن يستثني ابنه من الهاتف النقال الذي يمتلكه أقرانه، على سبيل المثال، والأمر ذاته ينطبق على الملابس التي يرتديها أصدقاؤه وزملاؤه في كل موسم».

واعتبر الصباغ أن جزءا من التحديات المعيشية التي يواجهها المجتمع البحريني، هي التغيرات المتسارعة في مفاهيم الاستهلاك، معتبرا أن ذلك أيضا يتطلب من الأسر المتوسطة والمقتدرة عدم الإفراط في التصرفات الاستهلاكية.

ووصف الصباغ محاولات تحويل العائلات المحتاجة من رعائية إلى منتجة بـ»الخجولة»، معتبرا أن هذا الموضوع لا تتحمل مسئوليته الجمعيات الخيرية لوحدها، وإنما يتعلق بالثقافة والتنشئة، وهي مسئولية تشاركية بين المدارس وعلماء الدين والصحافة والإعلام، وقال: «المشكلة الأساسية لبعض المحتاجين أنهم ألفوا المعيشة من خلال مساعدة الآخرين، ولم يعودوا قادرين على الخروج عن هذا الإطار، وبالتالي فإن هذه مسئولية مجتمع».

وأشار كذلك إلى أن أسرا تغيرت ظروفها بعد أن التحق أبناؤها بالتعليم الجامعي وصاروا يعملون في وظائف أرقى، وبالتالي استطاعوا أن ينتشلوا أسرهم من الفقر المدقع إلى الشريحة المتوسطة في المجتمع، ولذلك فإن الجمعية -بحسب الصباغ- تعتني بدعم الطلبة في المراحل الجامعية، إلا أنها تواجه تحديات تتعلق بالسيولة المالية، وخصوصا لدعم الطلبة الدارسين في الجامعات الخاصة.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/1169277.html