صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 5176 | الإثنين 07 نوفمبر 2016م الموافق 19 رمضان 1445هـ

كلينتون وترامب... كلاهما «جاستا»

الكاتب: قاسم حسين - Kassim.Hussain@alwasatnews.com

سيحدّد الأميركيون اليوم من يصل إلى مكتب الرئيس في البيت الأبيض... مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون أم منافسها الجمهوري دونالد ترامب.

مؤشرات الاستطلاعات خلال الأسابيع الماضية، أشار أغلبها إلى ترجيح كلينتون، بفوارق وصلت إلى 12 نقطة وهبطت إلى 4 نقاط، بينما أشار عددٌ قليلٌ منها إلى ترجيح ترامب. وستبقى الضبابية حتى تعلن النتيجة بعد مرور 24 ساعة، وربما لا تكون حاسمةً فتفتح الباب للتشكيك والاعتراض. وهناك سوابق لذلك، كما حدث في انتخابات 1980، حيث فاز رونالد ريغان على كارتر بفارق بسيط، وفاز جورج بوش الابن على آل جور بعدة مئات فقط من الأصوات.

وسط كل هذه المعمعة والضجيج الإعلامي، لا يحقّ لنا نحن العرب حتى أن نسأل أنفسنا: أيّهما أفضل لنا؟ لأنه ليست لدينا رؤيةٌ أو موقفٌ أو هدف واضح، ولا نعرف أين تكون مصلحتنا من الأساس.

لنبدأ بهيلاري كلينتون، التي كانت مرشحةً للحزب الديمقراطي قبل ثمانية أعوام، واستطاع باراك أوباما بشخصيته القوية أن يطيح بها، ويطويها تحت ذراعيه، ويسير بها. وحين تقرأ مذكراتها «خيارات صعبة»، تكتشف كم كانت الهزيمة مؤلمةً لها، فهي تبدأ الفصل الأول «2008: فريق من المتنافسين» للحديث عن خروجها المدوّي من معركة الانتخابات، حيث استلقت في المقعد الخلفي لشاحنة صغيرة زرقاء نوافذها ملونة، أثناء مغادرتها بيتها في واشنطن لكيلا يراها المراسلون الصحافيون المرابطون حوله، للاجتماع سراً مع أوباما. وهناك عرض عليها حقيبة وزارة الخارجية، فتمت الصفقة وطويت صفحة الانتخابات.

وختمت هيلاري الفصل الأول بالقول: «في 20 يناير 2009، شاهدت وزوجي في البرد القارس، أوباما يقسم اليمين الدستورية. لقد انتهت منافستنا الشرسة وبتنا شريكين». لكنها ظلّت تعود للحديث عن تلك الهزيمة بمرارة في العديد من فصول الكتاب. فهذه السيدة المكسورة، تطمح للوصول إلى البيت الأبيض، لتتوّج حياتها رئيسةً، بعدما عملت سيناتورة بمجلس الشيوخ، لأكثر من عشرة أعوام، وسيدةً أولى لثمانية أعوام. وهي لا تملك برنامجاً جديداً أو إضافة مهمة على سياسة أوباما، وستكون امتداداً لمشروعه الذي حمل لنا نحن العرب، المزيد من الحروب والفتن والدماء والآلام.

هذه الانتخابات تميّزت بدورانها في فلك الفضائح والتشهير والتراشق بالاتهامات. وقد وفّر ترامب مادةً يوميةً مثيرةً للمتابعين، فهو على مستوى الحياة الشخصية، إنسان بذيء اللسان، متعجرف السلوك، ويحاول تمثيل دور البطل الذي يخوض الحروب، ويرعب الأعداء، على طريقة أفلام الكاوبوي.

من سوء حظ الأميركيين أن يخيّروا اليوم بين السيئ والأسوأ، ويجدوا أنفسهم متفرجين على عروض مسرحية، يؤدي فيها ترامب دور طرزان، الذي سيعيد أميركا إلى قوتها ومجدها، بينما تمثل هيلاري دور من ينقذ أميركا من رجل الغابة الذي سيدمّر مستقبل البلاد. مرشحان لا يملكان مشروع قيادة جديدة لدولة عظمى يعاني نفوذها من التراجع والانحسار.

على رغم ما تقوله الاستطلاعات، لا نستبعد إطلاقاً أن يفوز ترامب، فالتاريخ الأميركي القريب مليء بالشواهد، فهذا الشعب انتخب ريغان الذي بشّره بـ «حرب النجوم»، وهدّد الاتحاد السوفياتي بحرب نووية محدودة تزيله من الوجود. وهو الذي انتخب شاباً مترفاً أرعن، لم يكن يمتلك مؤهلات لقيادة دولة متوسطة الحجم، ليقود أميركا في 2000، على رغم كل ما نُشر عن سيرته الذاتية، من إدمان على الكحول، وتعاطي مخدرات، وفشلٍ في الدراسة الجامعية حتى تكلّم البعض عن شراء شهادته بالمال. وجدّد له مرةً أخرى في 2004، على رغم كل ما قادت إليه سياساته من كوارث وحروب. لقد تم انتخاب بوش الابن وقد شاهده الجمهور على التلفزيون عاجزاً عن معرفة أسماء عواصم بعض دول الحلفاء!

سينتخب الأميركيون اليوم هيلاري أو ترامب، وفي الحالتين نحن العرب من سيدفع الثمن في عصر «الجاستا» دفعةً واحدةً... وبالأقساط!


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/1177789.html