صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 5189 | الأحد 20 نوفمبر 2016م الموافق 19 رمضان 1445هـ

متى تأسست مآتم الحسين؟

الكاتب: قاسم حسين - Kassim.Hussain@alwasatnews.com

كيف كان المأتم؟ وأين بدأ أولاً؟ وكيف كانت صورته في البحرين؟ وكيف تطوّر إلى هذه المنشآت الكبيرة ذات الإشعاع الديني والاجتماعي والفكري؟ كان هذا هو المحور الثاني من ندوة الباحث الأستاذ سالم النويدري في منتدى جدحفص الثقافي الأخير.

لم يكن هناك شيء اسمه مأتم مستقل كما نعرفه الآن في البحرين، بل كانت مجالس العزاء تُحيا في المنازل والمساجد والمزارع والمدارس الدينية المنتشرة في القرون الماضية. ومجالس العزاء نفسها بدأت في هذه المنطقة مع إنشاد قصائد الرثاء مع العبديين وكان من أوائلها قصيدة عامر بن يزيد العبدي الذي رثى أباه وأخويه عبدالله وعبيدالله الشهداء بكربلاء، بينما لم يوفّق للالتحاق بهم للمشاركة في ملحمة الكرامة الكبرى.

كان عدد من أبناء قبيلة عبدقيس، ممن نفروا من البحرين إلى البصرة للمشاركة في حرب الجمل وبقوا فيها بعد انتهائها، وكان من ضمنهم يزيد العبدي، الذي بادر للالتحاق بالحسين (ع) بداية تحركه من مكّة، ورافقه مع ولديه ومولاه سالم وآخرين، في رحلته إلى العراق حتى يوم استشهاده، ورثاه ابنه عامرٌ قائلاً:

يا فروُ قومي فاندبي.... خيرَ البريةِ في القبورِ

وارثِ الحسين مع التفجع... والتأوُّهِ والزفيرِ

قتلوا الحرامَ من الأئمةِ في الحرامِ من الشهورِ

وابكي يزيدَ مجدلاً... وابنيه في حرّ الهجيرِ

فالرثاء الحسيني في أرض البحرين كان قديماً، حيث يتم إنشاده في مجالس العزاء، وبعده دخلت كتب «المقَاتِل» والسيَر. ثم دخلت الخطابة، وكان الشاعر علي بن فايز نهاية مرحلة، حيث جاء مهاجراً من الأحساء وشكّل مدرسةً قائمةً بذاتها، مازالت تأثيراتها على الفكر والوجدان الشعبي كبيرة. حيث لايزال أغلب الخطباء البحرينيين متمّسكين بالطريقة التقليدية. ورغم ظهور ميل لدى عدد منهم للخطابة الحديثة، في العقد الأخير، إلا أن المحاولة شهدت انتكاسةً بالعودة للتركيز الشديد على جانب البكاء. وربما يُفسَّر ذلك جزئياً، بما تعانيه الساحة السياسية والاجتماعية من ضغوط.

من ناحية المأتم، كبناءٍ قائمٍ بذاته، يُرجع النويدري أصله إلى الدولة الفاطمية التي حكمت مصر لأكثر من قرنين، مستشهداً بـ»مختصر تاريخ العرب» للمؤرخ الهندي المسلم سيد أمير علي (توفي 1928): «وكان من عمارة الفاطميين الحسينية، وهو بناء فسيح الأرجاء يُقام فيه العزاء». أما المؤرخ علي الوردي فيذكر في «لمحات من تاريخ العراق الحديث»، أن أقدم حسينية أنشئت في العراق كانت الحسينية الحيدرية بكربلاء، والشوشترية بالنجف الأشرف. أما في البحرين فتختلف الآراء عن أقدم المآتم، حيث تشهد مواقع التواصل الاجتماعي أحياناً نقاشات صاخبة حول ذلك، «ولكن لم أجد وثيقةً يُطمأَن إليها» كما يقول النويدري. ويضيف: حتى حسينية الشيخ حسين العصفور في الشاخورة، كانت في الأساس حوزة (مدرسة دينية)، رغم ما كتب على بابها لتأريخها: «دارُ علمٍ ومأتمٌ للشهيد»، وهو ما يوافق العام 1211 هـ/ 1796 م. فإذا صحّ أن هناك قسماً مستقلاً خُصّص كمأتم في تلك الحوزة، تكون قد سبقت حتى العراق.

وعن تاريخ مواكب العزاء، ينقل النويدري عن «المنتظم» للفقيه والمؤرخ ابن الجوزي، أنه جرى العزاء في المشهد الحسيني منتصف القرن الخامس الهجري (11 الميلادي)، في ظل الدولة البويهية. أما البحرين فلم تبدأ المواكب فيها كما يبدو، إلا نهاية القرن التاسع عشر.

هذه المواكب جزءٌ من الحياة والممارسة الدينية والتقاليد في المنطقة، وفي حالة جزيرتنا الصغيرة الوادعة، كانت غالباً ما تتأثر بهذه التيارات والأفكار الوافدة من المراكز الكبيرة في العراق وإيران، التي خضعت هي الأخرى لتأثيراتٍ وافدةٍ من الأطراف. بدأت في صور وانتهت إلى صورٍ تعبيرية أخرى، مع دخول المسرح والرسم وأناشيد الفيديو كليب والأفلام.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/1182311.html