صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 5191 | الثلثاء 22 نوفمبر 2016م الموافق 18 رمضان 1445هـ

تمديد الدوام المدرسي... بين التجربة والتقييم

الكاتب: سلمان سالم - comments@alwasatnews.com

التربويون وأولياء الأمور والطلبة والمهتمون بالشأن التعليمي في البلاد، يتذكرون جيدا عندما قامت وزارة التربية والتعليم بإجراء استطلاع على موقعها الإلكتروني قبل تطبيق مشروع تمديد الدوام المدرسي على طلبة المرحلة الإعدادية، ويتذكرون أن الاستطلاع قد بدأ في اليوم التاسع عشر من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2013 وانتهى في اليوم الثاني من شهر فبراير/ شباط 2014، ويتذكرون أن عدد الذين شاركوا في التصويت وصل إلى 177325 مشاركا، وأن عدد الرافضين للتمديد بلغ 176712 صوتا، وعدد الموافقين عليه 535 صوتا، وعدد المتحفظين 78 صوتا، وعلى رغم أن نسبة الرافضين للتمديد التي بلغت 99.7 في المئة كبيرة، إلا أن الوزارة لم تتراجع عن تطبيق التمديد، وهذا الحال قد تكرر قبل تطبيق تمديد الدوام المدرسي في المرحلتين الثانوية والابتدائية، لماذا لم تهتم الوزارة بآراء التربويين وأولياء الأمور والطلبة الذين استطلعتهم؟

حتى هذه اللحظة لم يستطع أحد فهم هدف الوزارة من وراء إجراء الاستطلاع، جميع من شاركوا في الاستطلاع كانوا يعتقدون أنها ستأخذ بالنتيجة الكبرى كما هو المعمول به في جميع الاستطلاعات الحقيقية التي تجرى على كل المستويات وفي كل المجالات، ولم يخطر ببالهم أنها ستأخذ بالنتيجة الصغرى التي لا تزيد عن 0.3 في المئة، ولم يسمعوا في حياتهم أن النسبة الصغرى في الاستطلاع للرأي تكون هي المعتمدة في تطبيق هذا المشروع أو ذاك، كل ما عرفوه هو أن النسبة الكبرى هي التي تحدد مصير أي مشروع، فإذا كانت النسبة الكبرى مع المشروع يطبق على أرض الواقع، وإذا كانت النتيجة ليست في صالحه لن يطبق، فالوزارة إذا لم تلتزم بنتيجة الاستطلاع.

لماذا قامت بإجرائه من الأساس؟ بعد سنوات من إخضاع تمديد الدوام المدرسي للتجربة، نسأل الوزارة الموقرة، هل تبين لها الأسباب التي جعلت التربويين وأولياء الأمور والطلبة يرفضون بالإجماع هذا المشروع؟ ألم تكن الوزارة تهدف من وراء تطبيقه لتحسين مخرجات التعليم وتطوير أداء المعلم والطالب معا؟ هل تحققت أهداف التمديد التي كانت تتوقعها أم لا؟ ألم تلاحظ أنه قد أسهم في إنهاك الطالب والمعلم على حد سواء؟ ألم يساهم في تراجع التحصيل العلمي لدى الطلبة والطالبات في المراحل التعليمية الثلاث، وإرباك المرور وأولياء أمور الطلبة وإضعاف العلاقات الأسرية؟ أليست هي التي قالت إن عملية تطبيق التمديد ستتلوها مرحلة للتقييم، وعلى إثرها سيتم تحديد التوجه المقبل على صعيد تطبيق المشروع من عدمه؟ كيف يتم تطبيق المشروع دون أن توفر له كل متطلبات النجاح؟ أليس من متطلباته تقليص الحشو في المناهج الدراسية وزيادة عدد المعلمين وتحسين البيئة المدرسية؟ كيف قررت إبقاء الطالب والمعلم في المرحلة الثانوية والإعدادية إلى الساعة 2:15 مساء، وفي المرحلة الابتدائية إلى الساعة 1:30 مساء، دون أن توجد الأسباب المناسبة لذلك؟

لو سألنا كل إدارات المدارس في المراحل التعليمية الثلاث، هل المدرسة والفصول الدراسية مجهزة بكل الاحتياجات الأساسية والوسائل التي يتطلبها التمديد أو لا؟ ما حال مكيفات الهواء في الفصول الدراسية والصالات ومراكز مصادر التعلم؟ هل سيكون جوابها بالسلب أو الإيجاب؟ من المؤكد أن الوزارة لديها العلم الكامل بأحوال مكيفات الفصول الدراسية في جميع المدارس، وكم عدد المكيفات التي انتهى عمرها الافتراضي؟ لن نتحدث عن المكافآت المالية التي قررتها الوزارة للإداريين والمعلمين العاملين في المدارس التي طبقت فيها تمديد الدوام المدرسي، ولن نتكلم عن الأسباب التي أدت إلى توقفها أحيانا، وتأخرها أحيانا أخرى عن صرف مكافآتهم المالية؟ من المؤكد أنها على دراية كاملة بكل الأسباب التي أدت إلى عدم تحقيق الأهداف المرجوة لمشروع تمديد الدوام المدرسي، فالعدول عن المواصلة في تطبيق التمديد غير المجدي، لا شك في أنه سيساهم في تحسين التحصيل لدى الطلبة، ولا ريب أن الطالب بعد إلغاء المشروع سيكون لديه متسع من الوقت للمذاكرة، وتقوية نفسه دراسيا، وتنمية قدراته ومهاراته العقلية، وزيارة أهله والجلوس مع أسرته على مائدة الغداء والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية. وأما بالنسبة للوزارة فستنتهي عندها أزمة نقص المعلمين والمعلمات التي نجدها في كل عام دراسي تمتد أحيانا إلى أكثر من شهر من بدء الفصل الدراسي الأول، وستقل مصروفاتها السنوية، وتزيد من نسبة الجودة في التعليم، وترتفع نتائج الطلبة في الاختبارات الأسبوعية والشهرية وفي امتحانات الفصلين الأول والثاني الدراسيين.

كل ما ذكر عن الإيجابيات التربوية والتعليمية والأسرية في حال الرجوع عن تطبيق مشروع تمديد الدوام المدرسي والعودة إلى الدوام السابق، لا يجعل الوزارة تستمر في تطبيقه، نأمل أن تقوم الجهات المعنية بمصلحة التعليم في البلد بتقييم هذا المشروع تقييما شاملا، من جميع الجوانب الاقتصادية والتربوية التعليمية والأسرية، لتخرج بنتائج واقعية، تستطيع من خلالها التعرف على السلبيات والإيجابيات في هذا المشروع، وتحديد مدى الاستفادة منه، تربويا وتعليميا واقتصاديا، في حال الاستمرار في تطبيقه أو العدول عنه.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/1183092.html