صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 5209 | السبت 10 ديسمبر 2016م الموافق 18 رمضان 1445هـ

المعارضة السورية تتسلم مقترحا لمغادرة حلب والمتشددون يسيطرون على تدمر

قال مسؤولون من المعارضة السورية إن مسلحي المعارضة تسلموا مقترحا تدعمه الولايات المتحدة للخروج من حلب مع المدنيين بموجب ممر آمن تضمنه روسيا لكن موسكو نفت التوصل إلى أي اتفاق. جاءت هذه الخطوة بعد أن ضيقت القوات السورية الخناق على المسلحين فيما تبقى لهم من مناطق في جنوب شرق المدينة.

وفي حالة قبول كل الأطراف لهذا الاقتراح فإنه سينهي القتال المستمر في المدينة منذ أربع سنوات والحصار المستمر منذ عدة أشهر والقصف المكثف الذي تسبب في أزمة إنسانية وخاصة في المناطق الخاضعة لسيطرة مسلحي المعارضة والتي تقلصت الآن إلى جيب صغير مكتظ بالمدنيين.

وقال ثلاثة مسؤولين من جماعات المعارضة المسلحة في حلب لرويترز إنها تسلمت خطابا يتضمن الخطوط العريضة للمقترح الذي يوفر خروجا "مشرفا" لمسلحي المعارضة إلى مكان يختارونه.

ولم ترد المعارضة حتى الآن على المقترح. لكن في حالة قبوله فإنه سيمنح الرئيس السوري بشار الأسد وحلفاءه العسكريين مثل روسيا وإيران والفصائل الشيعية أعظم نصر لهم في الحرب الأهلية ضد المسلحين الذين قاتلوا نحو ست سنوات لخلعه.

لكن استيلاء تنظيم داعش فجأة على مدينة تدمر الأثرية الصحراوية يوم الأحد (11 ديسمبر/ كانون الأول 2016) بعد نصر عسكري للجيش حظي باحتفاء كبير هناك في مارس آذار يظهر مدى الصعوبة التي سيواجهها الأسد -حتى بعد استعادة حلب- في استعادة سلطته في أنحاء سوريا.

وردا على سؤال عما إذا كان قد تلقى اتصالا من الولايات المتحدة أو روسيا بشأن المحادثات بين الجانبين في جنيف لإيجاد سبيل للخروج من الأزمة قال أحد مسؤولي المعارضة الموجود في حلب "أرسلوا لنا خطابا. هم يقولون من أجل سلامة المدنيين... يمكنكم المغادرة بطريقة مشرفة إلى أي مكان تختارونه وأن الروس سيتعهدون علنا أن أي أحد لن يتعرض لأذى أو يتم إيقافه".

وأضاف "لم نقدم ردا حتى الآن".

 

خروج مشرف

 

وقال مسؤول آخر إن وثيقة "يجري اقتراحها للفصائل. الشيء الأساسي فيها هو مغادرة جميع المقاتلين بطريقة مشرفة."

لكن روسيا سارعت إلى القول إنها لم تتوصل إلى أي اتفاق مع الولايات المتحدة بشأن مقترح لانسحاب المقاتلين من حلب وأضافت أن محادثات جنيف مستمرة.

وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف إن روسيا تعمل لتهيئة الظروف المناسبة لخروج آمن للناس من حلب.

ونسبت وكالة الإعلام الروسية لريابكوف قوله "قضية انسحاب المتشددين هي موضوع الاتفاقات المنفصلة. لم يتم التوصل بعد لهذا الاتفاق ويعود ذلك بشكل كبير إلى إصرار الولايات المتحدة على شروط غير مقبولة."

ولم يعلق مبعوث الأمم المتحدة الخاص بسوريا ستافان دي ميستورا على التقرير. لكن البعض شكك في إمكانية نجاح مثل هذا المقترح. وقال مبعوث غربي سابق لدى سوريا لرويترز في جنيف "في ظل عدم وفاء النظام (السوري) وروسيا بكل الالتزامات السابقة فمن الصعب أن نرى مسلحي المعارضة يثقون في هذا العرض بالخروج الآمن".

ومع اجتياح الجيش السوري لشرق حلب خلال الأسبوعين الماضيين واستعادته لثلاثة أرباع الأراضي التي كانت خاضعة لمسلحي المعارضة فر عشرات الآلاف من القتال حيث توجه بعضهم إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة في حين توجه آخرون إلى عمق الجيب الذي مازال تحت سيطرة المعارضة.

وبعد المكاسب الجديدة التي حققها الجيش اليوم الأحد جنوب قلعة حلب التاريخية اقترب الأسد أكثر من النصر حيث قال مسؤول من المعارضة إن القوى الكبرى تقدم للمسلحين فيما يبدو الاختيار بين "الموت أو الاستسلام".

 تدمر

 يهدد هجوم الدولة الإسلامية على تدمر على بعد نحو 200 كيلومتر إلى الجنوب الشرقي بتوجيه ضربة قوية لدمشق وموسكو.

وذكرت إذاعة الجيش السوري أن الجيش أخلى مواقعه داخل تدمر التي أصبحت أطلالها الرومانية رمزا للصراع. وأعاد الجيش الانتشار حول المدينة.

وحذر محللون من أنه حتى إذا هزم الأسد حركة المعارضة الرئيسية فقد يواجه أعواما من الهجمات والتفجيرات فيما يسعى لاستعادة سلطته.

وسيطر تنظيم الدولة الإسلامية على تدمر في مايو أيار 2015 في واحدة من آخر هجماته الكبرى بعد عام تقريبا من التقدم في سوريا والعراق مستغلا الفوضى في المنطقة.

وفجر تدمير التنظيم لبعض من أشهر الآثار في المدينة وقتل أبرز علماء الآثار بها غضبا دوليا وقُدمت استعادة السيطرة على تدمر من قبل دمشق وموسكو على أنها دافع لدخول روسيا في الحرب.

وتكبد التنظيم سلسلة من الانتكاسات منذ أواخر العام الماضي فخسر قطاعا طويلا من الأراضي على الحدود مع تركيا كان مصدرا مهما للإمدادات والتجنيد كما خسر مدينة منبج.

ويواجه التنظيم هجوما على أهم معاقله في العراق وهي مدينة الموصل. كما يتعرض لهجوم شمالي الرقة معقله الرئيسي في سوريا في أعقاب سلسلة من الضربات الجوية التي قتلت بعضا من أهم قادته.

وقالت وكالات أنباء روسية إن الضربات الجوية قتلت 300 متشدد خلال الليل قرب تدمر لكن أكثر من أربعة آلاف مقاتل استطاعوا مع ذلك شن الهجوم على المدينة.

مقترح

بموجب بنود الاتفاق المقترح يمكن لمقاتلي المعارضة مغادرة حلب بأسلحة خفيفة. ويمكن تطبيق الاتفاق خلال فترة مدتها 48 ساعة وسيكون هناك سعي للحصول على إشراف من الأمم المتحدة.

وسيلُزم المقاتلون من جبهة فتح الشام -وهي جبهة النصرة سابقا إلى أن انشقت عن القاعدة في يوليو/ تموز- بالذهاب إلى محافظة إدلب.

ويمكن لمقاتلين آخرين أن يختاروا الذهاب إلى مناطق أخرى بما في ذلك قرب الحدود التركية شمال شرقي حلب.

ولم يرد تعقيب فوري من دمشق على المقترح.

وقال مراسل لرويترز في المدينة إن القصف العنيف والضربات الجوية هزت معقل المعارضة في حلب من منتصف ليل السبت وحتى صباح الأحد وأن الانفجارات كان معدلها أكثر من انفجار في الدقيقة. وأمكن سماع دوي أعيرة نارية أيضا.

ولا يزال آلاف من اللاجئين يتدفقون من مناطق القتال في حلب. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن أكثر من 120 ألف مدني تركوا الشطر الشرقي من المدينة مع تقدم قوات الحكومة لكن لا يزال عشرات الآلاف هناك.

وتتضمن المعارضة التي يغلب عليها السنة جماعات تدعمها الولايات المتحدة وتركيا ودول خليجية لكنها تضم أيضا بعض الفصائل الجهادية التي لا تتلقى أي مساعدة من الغرب.

وقال مسؤول بجماعة الجبهة الشامية إن الجيش سيطر على حي المعادي صباح الأحد قبل أن يعود المقاتلون ليواصلوا القتال هناك.

وذكر مصدر عسكري سوري أن الجيش وحلفاءه سيطروا على أحياء الأصيلة والأعجام جنوب شرق قلعة حلب الأثرية وكذلك القسم الجنوبي من حي كرم الدعدع.

وأكد المرصد السوري أيضا تقدم الجيش في هذه المناطق.

وشاهد مراسلو رويترز أثناء جولة في المناطق التي استعادها الجيش في المدينة القديمة كيف تعرضت سوقها التاريخية المغطاة للقصف وكيف تحولت المناطق العتيقة إلى مواقع دفاعية كتبت عليها شعارات قوات المعارضة.

وعرض التلفزيون الرسمي مقطعا مصورا للقتال في شرق حلب يظهر دبابة تتحرك في أحد الشوارع وجنود يركضون فيما تصاعدت سحب الدخان والأتربة.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/1189604.html