صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 5219 | الثلثاء 20 ديسمبر 2016م الموافق 19 رمضان 1445هـ

إفلاس على الطريقة الأميركية

الكاتب: قاسم حسين - Kassim.Hussain@alwasatnews.com

في آخر أيامه في البيت الأبيض، وجّه الرئيس المغادر باراك أوباما، انتقادات لاذعة للرئيس القادم دونالد ترامب ومستشاريه، واتهمهم بوجود علاقات مالية مع روسيا والحصول على أموال من قناة (RT)!

على طريق الإفلاس ذاته، اتهم المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إرنست ترامب بامتلاك علاقات «واسعة» و «وثيقة» بروسيا، وبرفضه الكشف عن علاقاته «المالية» معها، وهو ما ردّ عليه ترامب بوصفه إرنست بأنه شخص أحمق!

وكما كشفت الانتخابات الأخيرة عن انحطاط أخلاقي كبير لدى الطبقة السياسية الحاكمة لدى الحزبين الديمقراطي والجمهوري، حيث تركّزت على المهاترات ومحاولات تشويه الآخر وتقاذف الاتهامات المالية والجنسية، فإن الملاسنات والاتهامات الأخيرة بين فريقي أوباما وترامب، تؤكد هذا الانطباع عن الإفلاس والانحطاط عند رأس الهرم في الولايات المتحدة. وهو ما يعزّز الدعاوى بوجود «أزمة قيادة» حقيقية في الولايات المتحدة.

كمراقبٍ أو قارئٍ من بلاد بعيدة، يمكنك أن تتبيّن مدى سخف الاتهامات التي يسوقها الحزب الفاشل في الانتخابات الأخيرة (الديمقراطي). وفي هذا السياق إثارته الشكوك حول الجنرال المتقاعد، مايكل فلين، الذي عرض عليه ترامب منصب مستشار الأمن القومي، بحجة أنه زار موسكو قبل فترة ليحضر حفلاً في ذكرى إنشاء قناة (RT) وجلس بالقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين! وذلك دليلٌ كافٍ لإدانته بالتعامل أو التخابر أو حتى العمالة للروس!

في سياق سلسلة المهاترات هذه، انتقد إرنست ترامب لعدم ذهابه بانتظام إلى اجتماعات الإحاطة مع الأجهزة الأمنية! وقال إنه انتقد خلال حملة الانتخابات الرئيس (السابق) بوش لأنه لم يستمع بما فيه الكفاية إلى إفادات الاستخبارات! وهكذا تخيّل نفسه وقد سجّل نقطةً على ترامب، على أساس استخدامه لقاعدة: «كما تدين تدان»! ولكن ترامب ردّ عليه بأن أكثر هذه الإفادات مكرّرة، وأنه ذكي بما فيه الكفاية بحيث يمكنه تجنب الاستماع لمسئولي الاستخبارات يومياً كما يفعل أوباما بلقائهم صباح كل يوم عمل! أما هو - بفضل ذكائه - فيكفي أن يلتقيهم مرةً في الأسبوع!

ترامب أكمل ضربته لإرنست بنعته بأنه شخص أحمق! ومن دلائل حماقته أن «خبراً إيجابياً حين يقدّمه للناس... يبدو سلبياً»! وهو انتقاد يذكّرنا بتعليقات الجاحظ الساخرة، فهو «يستطيع إعلان القضاء التام على (داعش) وكأن ذلك أمر مؤسف»! وأضاف أن مثل هذه التناقضات بين موقف أوباما والمتحدث المحترم باسمه، يمكن أن توحي بأنه يتلقّى أوامر من أطراف أخرى!

إلا أن الواقع ليس كذلك، فأوباما بعد يوم واحد، وفي آخر خطاب له، كرّر اتهامات إرنست لترامب بتشجيع موسكو على شن هجمات إلكترونية بهدف قرصنة معلومات حسّاسة أضرّت بشعبية منافسته في الانتخابات، هيلاري كلينتون! وهي اتهاماتٌ بقدر ما تنسب لروسيا قدراتٍ خارقةً قد تمتلكها أو لا تمتلكها، فإنها تسيء جداً إلى سمعة الولايات المتحدة وتشكّك في قدراتها التكنولوجية الخارقة، وتسيء إلى هيبتها كقطب أعظم في العالم.

كان الكثيرون يظنون أن تداعيات الحملة الانتخابية الطاحنة ستنتهي مع إعلان فوز ترامب، وانزواء هيلاري في بيتها حزينة محطمة بعد هزيمتها المدوّية، إلا أن الواقع أعاد تأكيد العلل التي تعاني منها الولايات المتحدة، والتي حقّق ترامب الفوز بالرئاسة فيها بسبب إعلانه الحرب على النخب الحزبية والإعلامية الحاكمة في واشنطن.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/1192492.html