صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 5229 | الجمعة 30 ديسمبر 2016م الموافق 18 رمضان 1445هـ

السبكي ينتصر

الكاتب: منصورة عبد الأمير - mansoora.amir@alwasatnews.com

منذ أن بدأ المخرج المصري يسري نصر الله تصوير آخر أفلامه «الماء، الخضرة والوجه الحسن» وهو الفيلم الذي قدم عرضه الخليجي الأول، في الدورة الثالثة عشرة من مهرجان دبي السينمائي الدولي، والأخبار تتوالى عن ذلك الفيلم في مختلف الصحف والمواقع الالكترونية الاخبارية. أحد تلك الأخبار ضم تصريحاً للممثلة ليلى علوي، بطلة الفيلم، قالت فيه إن أجواء الفيلم تذكرها بفيلم «عودة مواطن» الذي قدمه المخرج الراحل محمد خان العام 1986.

تصريح مثل هذا يشجع على مشاهدة الفيلم، وبل يجعل القارئ المتابع مترقباً لمشاهدة فيلم واقعي يناقش قضية اجتماعية معاصرة بجدية تامة وبمنطق سينمائي راق، كما هو الحال في «عودة مواطن».

بالطبع سيكون فيلم نصر الله، مهمّاً لأسباب أخرى، مثل كونه يشكل عودة مخرجه بعد غياب ثلاثة أعوام، عدا عن أن أي فيلم يحمل اسم هذا المخرج يكتسب أهمية ما، كونه قدم أفلاماً مثل «باب الشمس»، «اكي يا شهرزاد»، «جنينة الأسماك»، و»بعد الموقعة»، وجميعها أفلام متميزة فنيا وسينمائياً، صنعت له اسماً في عالم الإخراج السينمائي. كذلك فإن ما يجعل لنصر الله موقعاً استثنائياً، هو تتلمذه على يد مخرج متميز مثل يوسف شاهين.

وعودة إلى «الماء، الخضرة والوجه الحسن»، فقد سنحت لي فرصة مشاهدته خلال عرضه في مهرجان دبي السينمائي الدولي، وكلي أمل بمشاهدة فيلم مصري رصين في طرحه وفي طريقة تنفيذه، إلا أنني لم أجد «عودة مواطن» ولا روحه ولا واقعية محمد خان، ولا جدية قضية الاغتراب التي ناقشها فيلم خان، ولا رزانة ورصانة الطرح السينمائي، ولا هدوء كاميرا خان ولا موقفه الايجابي من السينما.

ما وجدته كان فيلما من إنتاج السبكي، تبدو الخلطة «السبكية» فيه أهم من أية خلطة سينمائية أخرى، وأهم حتى من معادلات مخرج الفيلم ومواقفه الفنية المعروفة.

لا لمسة فنية هنا ليسري نصر الله، ولا موقفا جادا ولا فيلما رصينا، بل سيناريو خال من أي عمق كتبه المخرج بمشاركة احمد عبدالله، وأراد يسري من خلاله تضمين كثير من أفكاره فيه، لكنه حين جاء لينفذه، فعل ذلك بقواعد السبكي.

الفيلم عبارة عن قصة غير محبوكة، تهكم ضحل، مادة سينمائية رديئة، خلطة غير متجانسة، مطعمة بمكونات وضع نصر الله بعضها، فيما جاء بعضها الآخر، وكان هو الأصل، من السبكي.

لعله الاقتران باسم يوسف شاهين ما ظلم نصر الله وفيلمه، وما يشكل نقمة أكثر من كونه نعمة، عليه وعلى غيره من المخرجين ممن تقترن أسماءهم دائما باسم شاهين. لعله عدم القدرة من الخروج من عباءة شاهين، ثم الـتأرجح بين ذلك وبين «واقعية» البحث عن منتج حتى لو عنى ذلك أن يكون «السبكي» وأن يتم تفصيل الفيلم على مقاييس سينماه. ولعله تراجع آخر للسينما المصرية رغم علامات أخرى بشرت منذ سنوات بولادة جديدة لها في أجواء إنتاجية مختلفة، لكن أن يأتي التراجع على يد من يفترض أن يكونوا هم قادة التغيير فتلك هي قمة المأساة بالنسبة للسينما المصرية.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/1195880.html