صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 5236 | الجمعة 06 يناير 2017م الموافق 18 رمضان 1445هـ

200 يوم من حصار الدراز

الكاتب: رملة عبد الحميد - comments@alwasatnews.com

المدة تطول والحصار يشتد ويمتد ليتجاوز 200 يوم، وهذا يعني أن أزمة الوطن تتعقد، والاختناق يطول 20 ألف مواطن لا يعيشون كما يعيش الآخرون، أكثر من نصف عاما، وحالات الشكوى والتذمر تتوالى من قاطني الدراز، فإلى متى يستمر هذا الحصار؟

الكل قرأ وعرف ماذا يشتكى أهالي الدراز نتيجة هذا الحصار، والمتمثلة في غلق معظم المداخل والإبقاء على اثنين منها، ما جعلهم يتكدسون في طوابير طويلة، تسبب اختناقات وازدحامات مرورية تبلغ ذروتها وقت الظهيرة مع انتهاء الدوام المدرسي، كما أن دخول قرية الدراز محرم على غير ساكنيها، ما يجعل اجتماع الأهالي مع أقربائهم من خارج القرية أمرا متعذرا، ما اضطرهم لنقل أفراحهم وتعازيهم إلى خارج قريتهم، ومعها تصبح الدراز أكثر وحشة، ولم يكتف الحصار بمنع التواصل المباشر، بل يتم التشويش على خدمة الانترنت على الأهالي من جميع شركات الاتصالات من الساعة 7 مساءً حتى الواحدة فجراً، مع أن تلك الشركات تلزم الأهالي بدفع رسوم على خدمات غير متكاملة، وهذا في حد ذاته مخالف لقوانين البحرين والقوانين الملزمة لشركات الاتصالات من الاتحاد الدولي للاتصالات، والمتمثل في أنه لا يجوز إجبار الزبائن على دفع فواتير لخدمة غير متوافرة.

ومع منع شركات الأغذية، واللحوم، وشركات المياه العذبة، واسطوانات الغاز من دخول الدراز، خسر تجارها الآلاف الدنانير، فأغلقت أسواق، وبات الآخر مترنحا، ناهيك عن منع صلاة الجمعة والتي تقام بجامع الإمام الصادق (ع) في الدراز للبحرين عامة، إذ منع علماء الدين من دخول الدراز لإقامة الصلاة فيها.

الحصار الذي يعرف على أنه العزل والمنع عن الإمدادات ووسائل الاتصالات بهدف الاضعاف والاستسلام، هي عملية تستخدم في حالة الحروب بين الدول، ولا تقوم به الدولة ضد مواطنيها.

ما يحدث في الدراز هو بمثابة عقاب جماعي، والعقاب الجماعي نفسه محظور بحسب القانون الدولي، اذ نصت اتفاقية جنيف الرابعة عام 1949 على منع معاقبة اي شخص عن مخالفة او جنحة لم يرتكبها، فلم يعاقب اهل الدراز بمثل هذه الاجراءات؟ تمثل حالة استفزازية، غير مقبولة على المستوى الانساني والوطني.

ان ما يحدث هناك هو انعكاس لواقع أزمة سياسية تعيشها البلاد، والجنوح لمثل هذه الاجراءات لا تعود الا بنتائج مدمرة، ويدفع ثمنها الاهالي وحدهم، فهي تزيد من حالة الاحتقان، والقهر والعذاب اليومي شعور بالغبن والمذلة يطول ساكني الدراز، ويتراودهم سؤال يظل في خاطرهم عندما يتصادمون بتلك الاجراءات التي تعيش معهم لحظة بلحظة، ما ذنبنا وما خطرنا؟ العقاب الجماعي هو انتقام، وليس حلا، فالحل يكمن في التوافق والتراضي عبر حوار يخرج منه الجميع معافى، وفيه تبدد كل غيوم اليأس، وتبقى شمس الأمل هي وحدها تشرق على وطن لا يعرف إلا الحب والسلام طريقا.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/1198147.html