صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 5244 | السبت 14 يناير 2017م الموافق 19 رمضان 1445هـ

على هامش مذكرات أول سفير للبحرين في مصر (2 - 2)

الكاتب: محمد نعمان جلال - comments@alwasatnews.com

تتمة لما بدأنا به عن ملاحظاتنا لشخصية السفير تقي البحارنة وكتابه، فإن الملاحظة الرابعة هي: تناول تقي البحارنة في كتابه زيارات جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله ورعاه لمصر، عندما كان ولياً للعهد ووزيراً للدفاع والقائد العام لقوة دفاع البحرين، لحضور اجتماع وزراء الدفاع العرب في جامعة الدول العربية. وهذه الزيارة تعكس 3 أمور:

أولها: عمق العلاقات المصرية البحرينية، وهو ما أشار إليه السفير تقي في عدة مواضع من مذكراته. ثانيها: تقدير كل من القيادتين البحرينية والمصرية للأخرى، فزيارة صاحب العظمة الشيخ عيسى لمصر وزيارة صاحب الجلالة (ولي العهد آنذاك) لقيت اهتماماً ورعاية خاصة من جانب القيادة المصرية والشعب المصري، وهو نفس ما لقيته زيارتان سريعتان للرئيس عبدالناصر ثم للرئيس السادات للبحرين، وما شهدته من حفاوة غير مسبوقة وخاصة زيارة جمال عبدالناصر.

ثالثها: استمرارية العلاقات الوثيقة بين مصر والبحرين عبر الزمن، وهي صداقة أثبتت صلابتها باجتياز مختلف المراحل، على رغم ما طرأ على تاريخ العلاقات من فتور أو تحديات في مرحلة كامب دافيد وفي مراحل أخرى. ولكن مواقف مصر مع البحرين إزاء التحديات التي واجهتها، تماثل مواقف البحرين مع مصر في شتى المراحل، بما فيها المرحلة الراهنة، وهذا يعبر عن عمق الإيمان بالعروبة وبالوطنية وبالانفتاح بين الدولتين والقيادتين. وهنا انتهز الفرصة لأشيد بمواقف جلالة الملك حمد في دعم مصر بلا تردد؛ تقديرا لدورها واعترافا بمكانتها وإعطائها أولوية لسيادة البحرين كدولة عربية أصيلة بشعبها وقيادتها. وهذا الدور تأكيد لعمق العلاقات، وأنها لا تتأثر بالعواصف والرياح التي تهب على العلاقات المصرية العربية أو حتى المصرية الخليجية. والأصالة في عدم التأثر بالآخرين مهما كانت القربي فالعلاقات المصرية البحرينية تعبر عن أصالة نابعة من عمق الفكر لدي جلالة الملك ومعرفته بالتراث والتاريخ والحضارة، فهو من أحفاد حضارة دلمون وإن تطورت لتكون حضارة عربية اسلامية أصيلة.الملاحظة الخامسة: وختاماً أعبر عن التهنئة للسفير تقي البحارنة على إنجازاته المتنوعة رغم قصر فترة عمله في مصر (3 سنوات) وحرصه على تسجيل مذكراته ونشرها ليستفيد منها شباب الدبلوماسيين البحرينيين، ويستفيد منها الجيل الحالي من مواطني البحرين ومصر ليعرفوا مابين البلدين من روابط وثيقة وعميقة، وهو ما لمسته منذ أن وطأت قدماي أرض البحرين الشقيقة.

الملاحظة السادسة: إنني اكتشفت من قراءاتي كتب تقي البحارنة، وخاصة كتابه عن «مذكرات اول سفير للبحرين في مصر» أن شعب البحرين يمتاز عن كثير من الشعوب في أنه نتاج خليط عربي مع اختلاف طوائفه وأعراقه، وهو سلالة مصاهرات مع مصر والعراق ولبنان. وهذا أيضا ما لمسته من قراءة كتاب «اليهود في البحرين» للأستاذ نانسي خضوري عضو مجلس الشوري السابقة، والناشطة في المجالات الاجتماعية والسياسية، فكثير من اليهود في البحرين من أصول عراقية أو إيرانية؛ ولكنهم استوعبوا في بوتقة الشعب البحريني، وهذا يدل على قوة الذات البحرينية، وهذا يذكرني بحالة الشعب المصري ونجاحه في استيعاب الرومان واليونان واليهود والاتراك والشركس وغيرهم والجميع يتعايش في نفس البوتقة، قبل ظهور النزعات الطائفية والعرقية الجديدة؛ بل إن أشهر قائد مصري دافع عن العروبة وهزم الصليبيين هو صلاح الدين الايوبي هو كردي الأصل، ومعظم المثقفين العرب ربما لا يعرفون أصوله الكردية، وهذا يدعوني لكي أقول إن الانصهار في بوتقة الشعب في مصر والبحرين هو نموذج يجب الاحتذاء به في الدول العربية والخليجية الأخرى .

فتحية للسفير تقي محمد البحارنة، العالم المتبحر في تاريخ بلاده والدولة التي تولى تمثيل البحرين فيها. وعلى رغم أنه عمل سفيرا لمرة واحدة، وجاء من قطاع الأعمال الخاص إلى الدبلوماسية، فقد أبدع فيما كتب وفي سرده التفاصيل في اللقاءات وكتابة يومياته واجتماعاته، وهذا بلا شك يفيد الناشئين من الدبلوماسيين؛ بل والمخضرمين وعامة القراء، إذ يكتشفون في هذا الكتاب أمورا أخرى في صميم الدبلوماسية، والعمل الدبلوماسي وليس مجرد حفلات اجتماعية وحسب.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/1200914.html