صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 5251 | السبت 21 يناير 2017م الموافق 19 رمضان 1445هـ

فكرة تستحق العمل... إدراج الشركات الصغيرة في البورصة

الكاتب: أحمد صباح السلوم - .

يمر الشارع التجاري البحريني بمنعطف حرج يستوي فيه الكبير والمتوسط والصغير، والجميع يتابع الرسوم والضرائب المقرّرة وتأثيراتها، ومحاولات الدولة للدعم تارةً، وللحصد تارة.

نحاول دائماً من خلال هذه الزاوية، طرح بعض الأفكار والاجتهادات التي قد تخطئ وقد تصيب، ونتمنى دائماً أنها تصيب لصالح الجميع، وعلى رأسهم الشركات الصغيرة والمتوسطة التي هي عماد الاقتصاد في أي بلد، وأشعر بالامتنان من التفاعل والتواصل والإضافة لفكرة من خلال تعليقات القراء والزملاء والأصدقاء، وهدفنا في النهاية هو مصلحة القطاع التجاري.

في هذا الأسبوع، سنحاول أن نلقي الضوء على توجه جديد يبدو أن الدولة جادة في تحريكه قدماً خلال الشهور المقبلة، وهو محاولة تنشيط البورصة البحرينية من خلال إدراج مجموعة من الشركات الصغيرة والمتوسطة الجديدة في السوق، وفقاً لاشتراطات معينة بالطبع، وربما تتطوّر الفكرة إلى إقامة سوق متخصص أو ثانوي للشركات الصغيرة والمتوسطة في البحرين، تكون قاعدةً لضم هذه النوعية من الشركات، ليس على مستوى البحرين فقط؛ بل تضم شركات خليجية وعربية أيضاً.

البورصة وسيلة اقتصادية مهمة لجمع الأموال من عموم المساهمين، من خلال طرح الأسهم في السوق لتوسيع أنشطة الشركات الناجحة وتنويع استثماراتها، وهي الوسيلة الأكثر نجاعة ونجاحاً في تحويل «السمعة الحسنة» لأي شركة صغيرة إلى مكاسب مالية مؤكدة. الشركات المبتدئة غالباً ما تجود من أدائها سواءً كانت خدمات أو منتجات، حتى ترضي عملاءها وتحقّق سمعة طيبة في السوق، والبورصة هي المكان الأمثل لتحويل هذه السمعة إلى أموال إضافية للتوسع والتطوير، من خلال تحويل هذه الشركة الصغيرة إلى شركة مساهمة، وطرح أسهمها في البورصة، وطرح جزء من هذه الأسهم إلى مستثمرين جدد من العموم، وجمع أموال طازجة يتم ضخها في هذه الشركات وبدء «عجلة اقتصادية» جديدة.

تواصلت حديثاً مع عدد من مراكز صنع القرار الاقتصادي، وتأكّد لي أن هناك توجهاً جاداً وقوياً في هذا الاتجاه، والتقيت بمعالي الشيخ إبراهيم آل خليفة الرئيس التنفيذي للبورصة الذي أبدى اهتماماً كبيراً بالتعاون والتنسيق مع جمعية البحرين لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لدعم هذه الشركات في الإدراج بالبورصة، والاستفادة بكافة الامتيازات التي توفّرها هذه الخطوة، وعلى رأسها إيجاد تمويل مباشر لهذه الشركات أفضل في جميع الأحوال من اللجوء إلى الاقتراض أو المنح أو غيرها. وقد رحب الشيخ إبراهيم فعلياً بالمضي قدماً في تأسيس الشركة المتخصصة بإدارة المطاعم (360 degree) برأسمال مبدئي يقدّر بنحو 250 ألف دينار بحريني، لتكون نواة أساسية لهذا الاتجاه، وبدايةً لدخول عدد آخر من الشركات.

في هذا الوقت العصيب لو سارت الأمور وفق ما هو مخطط، ستكون هذه الفكرة «فاتحة خير» على عدد كبير من الشركات الصغيرة التي تحتاج لموارد إضافية لتوسيع أنشطتها والتوسع داخلياً أو إقليمياً، خاصةً أن هناك الكثير من الدراسات الاقتصادية التي تشير إلى شحّ السيولة خلال العام الجاري (2017) وربما العام المقبل أيضاً.

هناك دراسة أجراها أعضاء جمعية المحللين الماليين المعتمدين، الجمعية العالمية لممتهني الاستثمار، استطلعت الدراسة آراء حملة شهادات المعهد وأعضائه في الشرق الأوسط وشارك فيها 113 عضواً من أعضاء جمعيات المحللين الماليين المعتمدين في البحرين ‏والكويت والإمارات العربية المتحدة، وأشارت إلى أن شحّ السيولة سيواصل فرض تحديات فورية على اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي؛ وستواجه شركات القطاع الخاص، وبصفة خاصة الشركات الصغيرة والمتوسطة، صعوبات أكبر في زيادة رؤوس أموالها نظراً لارتفاع تكلفة الترسمل، وتوقع تبني البنوك لمقاربة أكثر انتقائية في أنماط إقراضها.

كما أشارت نتائج الدراسة - التي أجريت على الانترنت خلال الفترة من 25 سبتمبر/ أيلول إلى 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2016 - إلى أن أسواق السندات ستصبح الخيار التمويلي الأبرز للقطاع الخاص، على رغم أن تلك النتائج أقرَّت بأن أسواق السندات في المنطقة ليست متطورة بما فيه الكفاية لكي توفر الاحتياجات التمويلية لاقتصادات دول المنطقة. وأعرب 89 في المئة من المشاركين عن اعتقادهم بأن البيئة الراهنة لتدفق السيولة ستؤدي إلى المزيد من التآكل في أرباح الشركات المتراجعة بالفعل حالياً.. وسيكون قطاعا الانشاءات والشركات الصغيرة والمتوسطة أكبر المتضررين من شحّ السيولة. فيما أعرب 73 في المئة من المشاركين عن اعتقادهم بأن أسواق السندات في المنطقة ليست متطورة بما فيه الكفاية لتعويض نقص السيولة، إلا أن الاستبيان كشف النقاب أيضاً عن أن أعضاء المعهد يعتقدون أن أسواق المديونيات أو السندات ستكون المصدر الأكبر لتمويل القطاع الخاص. فيما سترتفع تكلفة التمويل وبصفة خاصة أسعار فوائد الاقراض بسبب الضغوط التي تتعرض لها البنوك نتيجة شح السيولة وِفقاً لآراء 77 في المئة من خبراء الاستثمار الأعضاء في المعهد.

أعتقد أن هذه الدراسة التي تضم آراء نخبة من المحللين الماليين المعتمدين، تدفعنا للمضي قدماً للاقتناع بأهمية فكرة طرح الشركات الصغيرة والمتوسطة في البورصة، وتوفير مصدر مهم لموارد إضافية تحرّك السوق في الاتجاه السليم.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/1202746.html