صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 5254 | الثلثاء 24 يناير 2017م الموافق 19 رمضان 1445هـ

زيارتي لـ (سيرن)!

الكاتب: مريم الشروقي - maryam.alsherooqi@alwasatnews.com

كانت زيارتي لـ (سيرن) وهي اختصار للمنظّمة الأوروبيّة للأبحاث النووية من الزيّارات الخالدة في ذاكرتي، ولكنّ هذا الخلود لا يكفي إن لم أشارك أهل وطني وقيادتي في ملاحظاتي وما وجدتُ في (سيرن).

أوَّلاً رتّبت هذه الزيارة مسئولتي في العمل عميدة الدراسات العليا والبحوث، وهي كانت تعمل لدى هذه المنظّمة في السابق، وقد ذكرت لي مدى أهمية هذه المنظّمة في العالم، وفي دول الخليج بشكل خاص، ولكن لأنّني لم أكن من ذوي الاهتمام بالطّاقة النووية أو الفيزياء، فلم أعر الأمر اهتماماً كبيراً إلى أن وصلت الى (سيرن).

وبالطّبع هناك استقبلني عالمان، أحدهما هو العالم باتريك فاسناجت المسئول عن مشروع (أطلس)، والثاني هو العالم مارتن غاستال المسئول عن مشروع (CMs)، وتوجّهنا على الفور لرؤية (سيرن).

على رغم تواضع هذين العالمين إلَّا أنّك تستشف من حديثهما عمق الفكر وقوّته، فهما ليسا مشغولين بالسياسة أو الاقتصاد أو التجارة أو الربح أو الحصول على المركز الوظيفي الكبير، بل هما مشغولان بمشروعيهما، لأنّ المشروعين سيفيدان البشرية.

يا الله... متى نصل إلى ما وصل إليه هؤلاء العلماء؟! ومتى نبعد الطائفية والعنصرية والفئوية عنّا حتى نبدأ بتحقيق الأحلام والوصول إلى درجة العلماء وصنع شيء قيّم للبشرية؟! ومتى نتخلّص من الأحقاد ونلتفت إلى ما هو أهم في تطوير وطننا الغالي؟!

لقد بدأت المنظّمة الأوروبية للأبحاث النووية عملها بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وكان شعارها (العلم من أجل السلام)، وبالفعل هذه المنظّمة وحّدت الشعوب الأوروبيّة عن طريق العلم والعلماء والاهتمام بهما.

أوتعلمون بأنّ السلام لا يأتي سهلاً، بل هو حصيلة مرارة وتجارب رهيبة وعظيمة سيّئة ومؤلمة من أجل الوصول للوحدة والرضا؟! أيضاً أوتعلمون بأنّه كلّما زاد العلم لدينا ابتعدنا عن التعصّب بكل أشكاله؟! هو العلم الذي يرفعنا ويرفع شأننا جميعاً، وليس أنتَ من وابن من وتعمل لمن؟!

ملاحظة مهمّة وجدتها في (سيرن)! بأنّ الإمارات العربية المتّحدة وسلطنة عمان ودولة قطر الشقيقة ودولة الكويت وحتّى المملكة العربية السعودية بدأت بمشاريع مع المنظّمة، سواء بابتعاث العلماء أو المشاركة في أي من مشاريع (سيرن)، والبحرين التي كانت سبّاقة في السبعينيات والثمانينيات لإرسال العلماء لا تحظى ولا بعالم واحد يكون في هذه المنظّمة التي تخدم البشرية! أليس غريباً أن ننشغل بالسياسة والاقتصاد ولكن لا ننشغل بالعلم والعلماء؟! أليس الأولى بنا أن نكون في الصدارة لتوجيه الجامعات وأهل العلم والباحثين وإرسالهم الى هذه المنظّمة؟!

أصبحنا في آخر الركب للأسف الشديد، فالطالب الوحيد الذي حضر إلى (سيرن) كان من قبل مسئولتي الأجنبية في العمل! والزيارة الأخرى لبحرينية كانت من قبلي، ورتّبتها أيضاً المسئولة نفسها، بطلب من الإدارة العليا للجامعة التي أعمل بها، وذلك لبحث أوجه التعاون والشراكة بين (سيرن) وبين الجامعة.

نحن في أحوج حاجاتنا للتقدّم في المجال العلمي وتكثيف الجهود فيه، وقد بدأت أوجه التعاون الجامعة التي أعمل فيها، واليوم يجب أن تقوم الدولة بمعيّة الجامعة الأم والجامعات الخاصة الوطنية، بدراسة ما تستطيع أن تتعاون فيه مع سيرن، فنحن تعوّدنا أن نكون في المرتبة الأولى، وإبان السبعينيات ظهر وبشكل واضح الاهتمام بهذا النوع من المنظّمات، واليوم ننتظر أن نشارك ونعاون ونُحدث بصمة من أجل العالم. فقط معلومة بسيطة جدّاً وضخمة في الوقت نفسه: (سيرن) هي المنظّمة التي قدّمت للبشرية الشبكة العنكبوتية (www)! فهل هناك من يريد التعاون والمشاركة معها؟! نحن ننتظر من يطرق الباب ويُسلّط الضوء على علمائنا، فهذا هو البناء الحقيقي!


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/1203808.html