صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 5280 | الأحد 19 فبراير 2017م الموافق 19 رمضان 1445هـ

لا بقرة ولا دجاجة ولا حديقة!

الكاتب: مريم الشروقي - maryam.alsherooqi@alwasatnews.com

عنوان عمود الأمس كان ( بقرة+ دجاجة+ حديقة)، وتكلّمنا فيه عن أهمية وجود الحيوانات والحديقة في المنزل، وفائدتها الصحية، وما أن تم عرض العمود حتّى انهالت علينا الردود بين موافق ومعارض، والمعارض حجّته في ضيق المكان وصغر حجم البيوت، ورائحة الحيوانات، وكثرة الفساد، ومعاناة المواطن!

يقول أحد الأخوة: (بيوت الإسكان لا تتحمل أكثر من مجموعة طيور، وأغلب البحرينيين من سكنة هذه البيوت اقترح أن يتشارك الناس في مزارع ولو بالايجار كالسابق... وأين هذا من ظروف البحرين الحالكة الظلام، لنشجع الآخرين ولو بزرع شجرة في الطريق).

ويقول أخ آخر: (الله يبارك فيك يا بنت الشروقي وأنا شخصياً أميل مع هذه الفكرة، بس ما يعتبر هذا المقترح تحريض على مخالفة القانون الذي ينص على عدم تربية الحيوانات في المنزل؟).

ويتذكّر أحد الأخوة الزمن القديم الجميل البسيط فيقول: ( ايه يازمن، ذاك أول بيوت أو حوش كبير، الحين بيت قوطي صلصل زين يآوينا، وين الزرايع وتربية الدجاج والغنم، خليها على الله).

ويُفسّر أحد الأخوة الموضوع كالتّالي: (المشكلة ان هذه الدواب والمواشي تحتاج لرعاية، فاذا كان موظف يعمل بوظيفة يخرج من منزله بحدود الساعة 6 صباحاً ويرجع بحدود 5 مساءً وكان التعب قد قضى عليه بسبب ضغط العمل طيلة النهار، فمن أين له الوقت حتى يقوم برعاية هذه المواشي. ولا ننسى ان تربية هذه المواشي تحتاج لخبرة، فضعف المعلومات والتجارب بالتربية قد تؤدي لوجود الأمراض والميكروبات، والتي تعدي وتنتقل لأصحاب البيوت وهنالك أمثلة طبية كثيرة ومعقدة. ولا ننسى قانون تربية المواشي بالمنازل الذي يفرض غرامات مالية. عدا عن ذلك أذى تربية المواشي للجيران).

ويضحك أخ وهو يقرأ المقال فيُعلّق بألم: (صباح الخير يا بنت الشرقي، اذا عملنا بمقترحك، وين نرحل حجر النوم وباقي المرافق؟).

ويُقارن أحد الأخوة بالزمن الماضي مع الزمن الحالي ويقول: (في واقع المدن الحالي ومحدودية الدخل والارتباطات الاجتماعية والانشغال الوظيفي والدراسي للأسرة ، يكون هذا الطرح غير واقعي على رغم فكرته الوردية الجميلة، فمن سيتحمل الازعاجات والروائح وإزالة المخلفات والواقع أن بعض الأسر تعتمد على المطاعم حتى في وجبة الغداء والعشاء فالزمن الماضي كانت له ظروفه التي فرضها الواقع الاقتصادي في تلك الأيام).

انتهت بعض التعليقات، ولكن يبقى الحال على ما هو عليه، أزمتنا الإسكانية، نمط المعيشة التي نعيشها، تغيّر الظروف والأحوال، انشغالنا بالسياسة والاقتصاد، ضيق الحال المعيشي مع طوفان غلاء المعيشة، جميعها تجعلنا لا نفكّر حقّاً في وجود بقرة أو دجاجة أو حديقة في المنزل للأسف الشديد، وإن فكّرنا فالقانون الأخير لنا بالمرصاد، والجيران سينزعجون.

ما أكثر الانزعاج الموجود في الوطن، وما أقل الرضا بيننا فيما نملك بأيدينا ولا نستخدمه، نحن نستطيع الحصول على كلّ شيء بالتوافق والمصالحة، وهذان الاثنان سيفرزان تعايشاً وتجانساً في المجتمع.

لا البقرة ولا الدجاجة ولا الحديقة تشكِّل أهمية قصوى في البحرين، ولكن ما يُشكّل أهمية قصوى وضرورة ملحّة هو موضوع يختلف عليه الكثير للأسف الشديد، موضوع التوافق الوطني والمصالحة الحقيقية بين جميع الفئات والأطياف والمذاهب، هذا التوافق إن تم، صلح حال البحرين واستقرّت سياسيّاً واقتصاديّاً، وقد يكون موضوع البقرة والدجاجة والحديقة أهمية قصوى في يوم من الأيام، كلّ ما نحتاجه هو التعقّل وإعادة النظر في أجنداتنا، ومن بعدها نضع النقاط على الحروف من أجل وطننا الغالي (البحرين).


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/1212590.html