صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 5285 | الجمعة 24 فبراير 2017م الموافق 19 رمضان 1445هـ

عزيزي المواطن... «مش بوزك»

الكاتب: سعيد محمد - saeed.mohd@alwasatnews.com

قد نتساءل في بعض الأحيان «هل يمكن أن ينحصر كل انتقاد لأداء الأجهزة الحكومية أو بعض المسئولين المقصرين تحت عنوان (التحريض)؟ ولماذا نحصره أصلًا في (التحريض ضد الدولة) ما دام مضمون الانتقاد يصب في الصالح العام؟ ثم، أليس غريبًا أن تنتشر مجموعات في وسائل التواصل الاجتماعي والإعلامي الإلكتروني لتتصيد على الكتاب والصحافيين والناشطين؛ بل وحتى خطباء المنبر الديني من الطائفتين الكريمتين حين يوجهون انتقادات تتعلق بسوء الأداء في بعض الأجهزة ويصفونهم –في حملات ممنهجة– أنهم يحرضون على ولاة الأمر ويعبثون باستقرار المجتمع؟».

لم يعد المواطن يكترث لأداء المجموعات المجهولة التي تهاجم كل من يطالب بحقه، أو يرفع معاناته، باعتبار أن أولئك النكرات ليسوا سواء (قروبات) تبحث عن مصالح ذاتية، أو أن لا شغل لها إلا التشويش على المواطنين وقطع طريق تواصلهم مع (ولاة الأمر) أو مع المسئولين حين تغلق أمامهم كل الأبواب، وأحسب أن قيادة البلاد والمسئولين المخلصين، لا يرتضون بمثل هذه الممارسات، وهم من يؤكدون دائمًا على وضع مصلحة الوطن والمواطن فوق كل شيء، لكن يبقى هناك طرف لا تهمه مصلحة الوطن ولا المواطن، ولا يكترث بسلامة المجتمع، ولا يعترف أصلًا بالآخر، ذلك لأنه اعتاد على أن يفهم (المواطنة) على أنها كعكة له ولمن (يمونون) عليه فقط.

ترى، أين تكمن المشكلة في عدم وصول قضايا وهموم ومعاناة المواطنين إلى المسئولين؟ ولدي سؤال للقراء الكرام «ألم يحدث أن قدمت خطابًا لوزير أو مسئول أو جهة حكومية ثم مرت مدة من الزمن ولم يتحرك ساكنًا؟ ثم تتفاجأ بعد ذلك –بطريقة أو بأخرى– أن المسئول لا يعلم بالموضوع ولم يصله شيء لا منك ولا من غيرك؟

سأضرب لكم مثالًا واحدًا بسيطًا «التقى أحد المواطنين بوزير كان يقوم بزيارة إلى أحد المجالس، وتحدث ذلك المواطن إلى الوزير عن مشكلته التي مضى عليها سنين رفع خلالها عدة خطابات إلى مكتب الوزير دون رد، ليتفاجأ بأن الوزير (يسمع القصة لأول مرة) ولا يعلم عن مشكلته شيئًا؟ ثم تبين أن (الأخ المدير في مكتب الوزير)، كان يضع رسائل الناس في درجه إلى أن (تبيض وربما تفرخ أيضًا)! هل حدث لك –أيها المواطن الكريم– موقفًا مشابهًا؟ أعتقد أنه حدث للكثيرين.

تلك القضايا والهموم نقرأها كثيرًا في الصحافة وكنا نستمع لها في برنامج صباح الخير يا بحرين، حتى أن المواطنة (أم حمد)... إن كنتم تذكرونها، وهي الأخت مريم عرب، كانت لها صولات وجولات يومية توصل فيها مشاكل الناس إلى المسئولين عبر الإذاعة، صحيح أننا نفتقدها اليوم ونفتقد حضورها وعملها وحبها الناس دون تمييز أو طائفية، إلا أن ذلك لا يعني أن المشاكل انتهت؟ لدينا ياجماعة الخير مشكلة حقيقية وإن كانت مخفية، وهذا الكلام أتمنى أن يصل إلى كبار المسئولين... هناك بعض المديرين والسكرتارية وأقسام ووحدات تضم فئة (الجداديب)... الكذابون الذين لا يقولون الحقيقة ولا يوصلون معاناة الناس لكم! هناك من يعطي المواطن الشمس في يد والقمر في يد أخرى ويعطيه في الوقت ذاته (ضحكة على ذقنه) بوعوده البراقة للمواطن بأن موضوعه (وصل يصل وصولًا) إلى الوزير أو المسئول المعني، لكن في الحقيقة، هو لم يكن أمينًا... لا نتحدث عن كل الإداريين في مكاتب الوزراء والمسئولين، بل عن فئة منهم، وهؤلاء يلزم أن تتم محاسبتهم، وأول من يجب أن يلجأ إليه المواطن هو النائب البرلماني أو البلدي حين تتعطل معاملته بلا وجه حق، حتى لا يبقيها ذلك الإداري (غير الأمين) تحت عنوان (للحفظ) في الملفات، أو يلقيها أعزكم الله في سلة المهملات.

نعم، هناك فئة من المسئولين الإداريين وفي إدارات العلاقات العامة من يستحقون الشكر والثناء لأنهم لا يتسلمون الرسائل فحسب، بل يتابعون مع المواطن أولًا بأول، وكم كانت التجربة، طوال سنين مضت، مبشرة مع أحد المسئولين، وهو الأخ الفاضل سعود العواد، فعلى رغم انشغالاته الكثيرة بحكم موقعه وعمله مع نائب رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة، وفي حقائب وزارية وأجهزة ولجان مختلفة المراحل، إلا أنه كان نعم العون للصحافيين ولأي مواطن مواطنة تصل شكواهم إليه، من العلاج إلى المساعدة للأسر المحتاجة إلى التوظيف وغيرها، وأثق في أن ذلك المنهج هو ذاته منهج سمو الشيخ خالد بن عبدالله، فأين منهم بعض الأعزاء الإداريين الذين تزعجهم معاملات الناس، والناس تأمل منهم خيرًا وتثق فيهم؟

يا جماعة الخير... ديروا بالكم على المواطن ورسائله ومعاناته وأوصلوها للمسئولين فهذه أمانة ستحاسبون عليها في الدنيا والآخرة... وإذا (كلش كلش)، أخبروه بالحقيقة حتى لا يبني أحلامًا وقولوا له «مش بوزك»!.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/1214385.html