صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 5314 | السبت 25 مارس 2017م الموافق 18 رمضان 1445هـ

الخبرة والولاء... الإثنان معاً!

الكاتب: مريم الشروقي - maryam.alsherooqi@alwasatnews.com

زاد الحديث بشأن الخبرة والولاء في المناصب الحكومية، وكثر اللّغظ في أهمّية الولاء على الخبرة، وردّ البعض عن أهمّية الخبرة عن الولاء، ولكن نعتقد بأنّ الخبرة والولاء متمازجان ولا يمكن خروج أحدهما من الآخر، ولا يمكن أن نهدم وزارة حكومية لنضع أحداً عنده ولاء من دون خبرة أبداً، فهذا دمار للوزارة وإقصاء لحق الموظّف الذي شقى من أجل التطوير المهني.

بعد حوادث 2011 كانت تُقاس ولاءات النّاس بمع وضد، وهذا شيء طبيعي بسبب إفرازات الحوادث، ولكن شيئاً فشيئاً وضحت الرؤية، فالولاء للوطن لا يعني المطالبة ببعض الحقوق، ولا يعني رفض بعض الأمور، ولا يعني أيضاً محاربة بعض الأمور. الولاء للوطن يعني حبّه والإخلاص له والذّود عنه والسعي دائماً من أجل رفع شأن الوطن. وما الخيانة للوطن إلاّ عكس الولاء!

هناك نوعان من الخائنين للأوطان، النّوع الأوّل هو الخائن الذي يضع يده مع دولة أخرى من أجل تهديم وطنه، وأمّا النوع الآخر وهو أخطر بكثير من النّوع الأوّل وهو الخائن الذي يخون وطنه من الداخل، إما عن طريق الفساد أو عن طريق التمصلح والنّفاق. النّوع الأوّل نستطيع كشفه عن طريق وزارة الداخلية وجهاز الأمن الوطني، ولكنّ الثاني كيف نستطيع كشفه وهو الوصولي المتسلّق الذي يضع في وجهه قناعاً شمعياً لا يستطيع أحدٌ معرفته. إنّه بالطّبع خائن للأوطان وخطرٌ على الدّولة.

الخبرة والكفاءة من أهم موجبات تولّي المناصب، ولنا شواهد كثيرة على أهمّية الخبرة، فالدّولة التي تهدر الخبرات والكفاءات دولة ضعيفة؛ لأنّ المناصب العليا تتوزّع على من ليس جديراً بها، فيُبعد ذو الكفاءة والخبرة الموالي لوطنه، ويُقرّب ذو التمصلح والنفاق والمتسلّق، وهذا لا يفقه في أمر الإدارة، وليس له لديه الخبرة الكافية في إدارة الأزمات بالذّات، ولذلك يتناقص مستوى العمل في المؤسّسة.

هذا طيّب سنضعه في منصب عال، وهذا ابننا وسنضعه في منصب عال، وهذا أثبت ولاءه وسنضعه في منصب عالٍ، هل تظنّون بأنّ الدولة تقوم بهذا التنصيب دون دراسة عميقة لمن يجب أن يوضع في المكان المناسب؟ الدولة تعلم الأفّاق المنافق وتعرف الموالي المحب، وتفقه من لديه الخبرة والكفاءة، ومن هو بعيدٌ كلّ البعد عنهما.

يبقى المعيار الرئيسي للخبرة والكفاءة شخصية الموظّف، فهل الموظّف لديه بجانب الخبرة والكفاءة الإدارة الصحيحة؟ فهناك كثير من النّاس لديه خبرة ولكن ليس لديه إدارة، ولذلك يجب ألاّ يكون هناك تنصيب لأحدهم دون وجود عناصر الإدارة من الخبرة والكفاءة والقدرة على اتّخاذ القرار وإدارة الأزمات.

خبرة وكفاءة من دون شخصية قيادية لا يريدها أحد. خبرة وكفاءة وتمصلح وفساد من دون وعي سياسي واقتصادي لا يريدها أحد. خبرة وكفاءة وقيادة واهتمام بتطوير العمل يريدها الجميع، فالجميع يحب الوطن، والجميع موالٍ لوطنه مهما تقوّل المتقوّلون، والجميع سيرضى عندما يتم وضع الشخص المناسب في المنصب المناسب.

دعونا لا نستبق الحوادث، ولنأمل بأنّ التشكيل الحكومي الجديد سيستقطب أهل الخبرة والكفاءة والقيادة، أولئك الذين ليس لهم وقت للتمصلح والفساد والتسلّق، بل وقتهم سيكون مثمراً على البحرين وأهلها.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/1223775.html