صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 5339 | الأربعاء 19 أبريل 2017م الموافق 19 رمضان 1445هـ

لماذا يجبر الأطباء على استخراج سجل تجاري ودور جمعية الأطباء في حمايتهم؟ (3)

الكاتب: سهيلة آل صفر - suhyla.alsafar@alwasatnews.com

أعاود للتواصل لمتابعة الطب والأطباء والمشاكل التي يواجهونها وغربتهم في مجتمعنا العولمي الجديد من منافسة الأجانب من كل صوبٍ وحدب، والقرارات الضريبية المتصاعدة على العيادات وإرغامهم للدخول في نسيج التجار ولسجلٍ تجاري، والذي يناقض تماماً القوانين الدولية، والتي لا تشجع الأطباء للأعمال التجارية حفاظاً على شرف المهنة، وإبعاد الأطباء عما يمسهم ويشغلهم عن هذه المهنة الإنسانية؛ ولكي أتمكن من وضع النقاط على الحروف لما يحدث، قمت بإجراء بعض الحوارات مع البعض من الأطباء والطبيبات، وأقولها صراحةً بعد ذلك اللقاء، بأنني احترت في تشخيص مناطق الضعف فيما يدور على الساحة العلاجية، وعلى من نضع عاتق المسئولية عن هذا التدهور في القوانين العولمية الجائرة؟! فهل نلوم وزارة الصحة والتي داهمت المهنة بكثرة الأجانب، وتخلت عن حماية أبنائها باسم العولمة؟! أم نلوم الأطباء والطواقم الطبية من الأخصائيين الأوائل في مستشفياتنا، والذين والحق يُقال بنشاطهم حينها في تأسيس المهنة والانضباط المهني الجيد وتدريب الـ (juniors) من الأطباء، ووجود المجلة الطبية الشهرية لمتابعة آخر الاكتشافات الطبية والـ (book club) الشهري وفي تأسيس جمعية الأطباء، وما يتبعها من تشكيل الروابط في معظم التخصصات مثل رابطة الأطفال والعيون والسكري والجراحين، والتي توقفت بعد الحوادث الأخيرة بسبب غياب الكثير من هذه الفئة (للتقاعد المبكر الإلزامي) عن الساحة، وغلق الجمعية لبعض الوقت، والذي كان وراء السبب لعدم وجود الحس القيادي والشجاعة لوجود من يحتضن الأجيال اللاحقة من الشباب، والسُبل الكفيلة لحماية المهنة والدفاع عن حقوقها من مزاحمة الأجانب وتكاثر الضرائب، أم أن الحوادث الأخيرة والعمل السياسي للبعض أفقدهم أدوارهم المهنية وصدقيتهم والتي ظُلم حينها الكثير من الأطباء الأبرياء ممن لم يكن لديهم أي نشاط سياسي.

وما بين هذا وذاك، شعرت بأن هنالك حتماً فجوة قائمة ما بين الأجيال الصاعدة، والأجيال الرائدة من البحرينيين، وفي اعتقادي بأن ذلك التباعد والانفصال ما بين الجيلين، قد خلق تلك الأزمة، ومن هنا دخل الغرباء في اقتحام المهنة، والتي أضحت من دون حماية، ونشطوا في «احتلال» الأماكن الحساسة وبكل يُسر لعدم وجود أية جبهة للاعتراض أو لحماية حقوق أبناء البلاد للمهنة.

وبذا تُركَ الحبل على الغارب، وتزاحمت المراكز والمستشفيات والتي باتت كالسفارات، وأصبح لكل جالية مصحها الخاص كالمدارس تماماً، وكلما كان عدد الجالية أكبر ازدادت استثماراتهم في تأسيس العيادات والمستشفيات، ويتبعها الطواقم الطبية طبعاً من الممرضات والعلاج الطبيعي وفنيي المختبرات، وازدادت معها منافسة البحرينيين في المهن التابعة، وازدادت البطالة فيما بيننا، وبدأ التنافس بالحد من الأسعار على حساب الكفاءة، وأصبح خلع السن بثلاثة دنانير والفحوصات المخبرية (من فحص الدم والسكر والبول... ألخ) بخمسة دنانير، وأصبحت مثل هذه العلاجات والعمليات أرخص من أسعار الصالونات من تقليم الأظافر وغسيل الشعر... ألخ.

كل ذلك يحدث والجميع من في المهنة صامتون من دون حراكٍ أو احتجاج على ما يحدث من هبوط في مستوى الخدمات الصحية وما ذكرته من تجاوزات! وإن حدث أي شكاوى فهو على مستوى فردي أو مجموعة صغيرة ولا يمكنها إيصال صوتها أو تحقيق أيِ من الأهداف، ولا يُعيرها أحدُ بالاهتمام، فلإيصال الأصوات نحتاج جمعية قوية وناشطة لمتابعة ما يحدث بكل دقة وتفصيل، وإلى بذل الجهد والوقت والتكاتف والتوحد للجميع، والتنازل عن الكثير من الأنانية والشللية لتحقيق الأهداف والحقوق المهنية.

وفي حواراتي معهم، وجدت أن الكثير من الأطباء لا يعرفون شيئاً عن نشاط جمعية الأطباء الحالية وبعد إعادة افتتاحها، أو رئيسها، ويعتقد البعض بأنها غير قانونية وبأنها قد أدخلت الأجانب في الهيئة الإدارية! وبأنها لم تبعث لهم برسائل أثناء تكوينها أو عن الانتخابات أو أنشطتها.

وإذ أعتقد بأن كل التناقضات السابقة في تلك الفترات السابقة قد أدت إلى التخوف من بعضهم البعض، مما أدى إلى التصرفات الشللية من مجاميع صغيرة قامت بالسعي لتكوين جمعية للأطباء، ويبدو أنها فرقة شبابية جاهدت مشكورة من أجل إرجاع جمعية الأطباء (somthing bettr than nothing) ويبدو أنها محدودة الخبرة، وقررت أن تعمل بأفراد الهيئة الإدارية بعيداً عن الأضواء، وإذ نشكرهم على مجهوداتهم؛ ولكنها للأسف لن تتمكن من تحقيق الأهداف المرجوة إذا لم تسعَ لانضمام جميع من يعمل في المهنة ومن دون أي تَحيز!

(واليد الواحدة لا تُصفق) ولكنني تمكنت من مهاتفة رئيسها الذي كان كما شعرت شاباً رقيقاً ومليئاً بالحيوية، وأوحى لي بأن كل شيء على ما يُرام وقانونية! وبأنها تزاول نشاطها بكثافة، وذكر أنه حقق بعضاً من المساهمات في إرجاع بعض الأطباء لأعمالهم؛ ولكنه لم يتمكن من إقناعي في تحقيق أية أهداف، وأنا أرى ما يدور في أرض الواقع من تناقضاتٍ مما ذكرت.

وتحسست من كلامه بأنها مازالت ناشئة، وأنها في بداية طريقٍ قديم سار فيه قبله الرواد الأوائل من المهنة، وتمنيت أن يحاورهم ويطلب مساندتهم كي يتحاشى أخطاءهم وانزلاقاتهم، وأن يبدأ من حيث انتهوا ليواصل المشوار والذي سيرتفع قدره كثيراً في نظر زملائه والمجتمع، وأن يقوم والهيئة الإدارية بخطواتٍ سريعة للم الشمل، ودعوة جميع الأطباء للاشتراك وجعله من شروط مزاولة المهنة، كما كان السعي لها في السابق والاستعانة بالتشريعات والبنود الدستورية لتأسيس الجمعية، والتي سيجدها حتماً في الملفات التأسيسية للجمعية والتي أعرفها جيداً كإحدى الرائدات فيها، وللحديث بقية مع وزارة الصحة وجمعية أطباء الأسنان.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/1232323.html