صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 5340 | الخميس 20 أبريل 2017م الموافق 19 رمضان 1445هـ

بين تلاطم القوة والمبادئ... فروقات «الاطمئنان» و«الآلام» والنهوض

بالفيديو... الجمري موقعاً كتابه «القيادة المبدئية في الإدارة والتنمية»: اخترت لغة مبسطة لتوظيفها في قيادة المؤسسات والشأن العام

قال رئيس تحرير صحيفة «الوسط» منصور الجمري، إن كتابه الجديد «القيادة المبدئية في الإدارة والتنمية»، تبنى نظرية «القيادة المبدئية»، واستخدم فيه «لغة مبسطة صاحبتها إرشادات عملية يستفيد منها الانسان في حياته كشخص وأيضاً كممارس للإدارة والقيادة في المؤسسات وفي الشأن العام، وهذه هي فكرة الكتاب».

وعقب توقيعه الكتاب على هامش معرض «الوسط» للكتب المستخدمة، والذي افتتح أمس الخميس (20 أبريل/ نيسان2017) في مدرسة جدحفص الإعدادية للبنين، قال الجمري وهو يوضح اهتمامه بالكتابة في مجال الإدارة: «في الحقيقة، فإنني مهتم بموضوع الإدارة كثيرا، فبعد دراستي الهندسة، درست الادارة ومارست الادارة في بريطانيا حيث كنت مديرا هندسيا لعشر سنوات في بريطانيا في شركات كبيرة جداً، وعندما عدت للبحرين أيضا مارست هذا الدور من خلال الوسط ومن خلال أنشطتي الاخرى في المجتمع».

وأضاف «اعتقد أن المجتمع لكي ينهض بحاجة لعلم الإدارة، ليس العلم النظري، وانما العلم العملي الذي يستفاد منه بشكل يومي في الحياة كشخص، فالانسان بحاجة دائما لان يكون قائد نفسه ومديرا لنفسه، وهناك فرق بين القائد والمدير، وأيضا بعض الاحيان يحتاجه المجتمع لأن يكون قائداً في مؤسسة أو قائداً في الشأن العام، ومديرا لشأن ما».

واستدرك «لكن المشكلة ان ما لدينا من مفاهيم منتشرة عن الادارة تبرزها وكأنها نوع من العلاقات العامة او نوع من المهارات، ولذلك فإن الكتاب يتبنى نظرية القيادة المبدئية وهي نظرية موجودة نظر لها كثيرون من الفلاسفة وعلماء الادارة الحاليين وأنا أراها أفضل من بين كثير من النظريات المطروحة؛ لان الانسان يستطيع ان يفهمها ببساطة ويمارسها في حياته، وترتبط بعدة مدارس وأهم مدرسة فلسفية ترتبط بها هي مدرسة الفطرة أو القانون الطبيعي، وترتبط كذلك بالمدرسة الوجودية الايجابية بمعنى ان الانسان هو الذي يعطي قيمة لحياته من خلال ممارساته، يؤلف نجاحاته ويؤلف فشله، والحدود المؤطرة لذلك مبادئ تقرها الفطرة الانسانية، وهي مبادئ يتفق عليها جميع البشر بمختلف توجهاتهم ودياناتهم، وهنالك أسس لكل القيم الثابتة في الوجدان الانساني».

وتوضيحاً لأبرز ما تضمنه الكتاب من مبادئ، قال: «هناك عدد من المبادئ التي يتفق كل الناس على انها صحيحة وهي لا تختلف مع اختلاف الزمان، كالإخلاص، النزاهة، الامانة، الصدق، الكرامة (كرامة الذات وكرامة الآخر)، قدسية النفس البشرية وعدم إيذائها وعدم إيذاء الآخرين. كل هذه المبادئ مجموعة من القيم التي يتفق عليها الجميع، لكن الصعوبة كيف تطبق هذه المبادئ في حياتك العملية ضمن مناهج الإدارة الحديثة».

وأضاف «اليوم، هنالك مدرسة تطبق هذه الأشياء وتدمجها مع كفاءة الشخص، بمعنى ان الانسان يكون مبدئيا لديه قيم ولكن لديه أيضاً كفاءة، فقد تجد إنسانا مبدئيا ولكن لا تجد لديه الكفاءة وبالتالي لا يمكن الاستفادة منه».

وتابع «لذلك، تأتي مدرسة القيادة المبدئية التي تقول إن الانسان لا بد أن تكون لديه كفاءة قوية وتكون لديه مبادئ وثوابت ومن خلالها يستطيع أولاً أن يجد معنى لحياته وهذا أهم شيء، ويجد معنى لمعاناته ومعنى لنجاحاته ومعنى لإخفاقاته، وهناك معنى أسمى لكل هذه الأشياء، وبحثه عن كل ذلك من خلال الالتزام بالمبادئ وبنهج القيادة المبدئية».

وفي ظل عالم يموج بين مصالح ومبادئ، نوه الجمري بما أسماه «عودة المبادئ»، وقال: «هو تلاطم، وحتى في الكتاب طرحت نموذج دونالد ترامب، كما طرحت ان هناك من سعى لنموذج القيادة المبدئية ربما على مستوى السياسة اليوم (أنجيلا ميركل) تطرح نفسها على أساس أنها قائدة مبدئية، وفي المقابل هناك دونالد ترامب الذي يطرح نفسه على أساس أنه قائد وعلى أساس المصلحة والقوة»، مضيفاً «هناك من يطرح أن القيادة هي للقوي، القوي من ناحية القوة المادية الصلبة وهذا النهج الذي يتبعه كثيرون من ضمنهم ترامب وآخرون، وهناك من يعتقد ان القوة المادية ليس لها قيمة الا اذا ارتبطت بالمبادئ، فالانسان يحتاج للكفاءة والقوة ولكن يجب أن تكون تحت قيادة المبادئ، وليس هناك شخص نموذجي لهذه الحالة ولكن هناك أشخاص يسعون لذلك، كنيلسون مانديلا يطرح على أنه انسان قائد بالمبادئ وأيضاً المهاتما غاندي».

وأضاف أن «الانسان الذي يطرح المبادئ تراه شخصا مطمئنا نفسياً، وترى من هم معه مطمئين نفسياً رغم ما يعانونه في أثناء حياتهم لكن يرون ان لهذه المعاناة معنى آخر يعطيهم الحماس والدافعية للاستمرار لتحقيق ما يصبون إليه من الالتزام بتلك المبادئ».

وتعليقاً على حضور مفردة (التنمية) في عنوان الكتاب، أوضح الجمري «ركزت على التنمية لان الانسان قد يسعى بالنسبة للمبادئ في حياته الشخصية، قد يسعى للحصول عليها بصورة مباشرة، وذلك لوجود امكانية ضبط الوضع الشخصي، بينما العملية التنموية هي عملية شاملة تشمل كل المجتمع وبالتالي النتيجة لا نراها كمجتمع الا بعد 15 سنة».

وأضاف «فاليوم حين نفتح أنفاقا بين ساحلين في دولة ما (كالنرويج مثلاً)، فان هذا النفق لا تستطيع اي شركة خاصة ان تقوم به، ولا توجد مصلحة لشركة تقوم على المصالح والارباح ان تقوم بهذا العمل، فالكلفة لشق طريق بين ساحلين قد تكلف أموالا هائلة، فمن الناحية المادية لا يمكنني ارجاع الارباح في هذه الحالة لكن هناك معنى أريد من خلاله تعزيز الترابط في المجتمع، ولذلك فإن قيمة الترابط هذه هي فوق كل شيء وتتقدم على اي شيء وتقود عملية التنمية».

وتابع «في بعض البلدان، لماذا تغيب الرعاية للبيئة وخدمات معينة؟ لان التنمية ليست قائمة على مبدأ، ولان العمل قائم على تحقيق الارباح، وبالتالي يتم العمل على تحويل الاراضي لاراضٍ استثمارية. لدي أرض زراعية أقتلها وأسمم الزرع، وأحولها لأرض استثمارية وأبيعها. من ناحية منهج القوة هذا صحيح ولكن من ناحية منهج المبدئية فهذا خطأ، وبسبب تغلب منهج القوة المالية والجسدية والارباح والمصلحة، نجد بعد 15 سنة ونكتشف ان الالام تزداد والفروقات تزداد، وحتى من يمتلك الاموال الطائلة لا يجد ما يستثمره في هذا البلد لأنه اخرج كل الاموال لاستثمارها في الخارج وهناك لا يستطيع القيام بكل ما كان يقوم به في بلده».

بدورهم كان للحضور في حفل التوقيع، تعليقات على كتاب «القيادة المبدئية في الإدارة والتنمية»، والبداية مع المستشار في الإدارة والحوكمة صالح حسين، والذي رد على سؤال (هل بالفعل نحن في زمن عودة المبادئ)، فقال: «هناك نظريات ادارية، ونظريات في القيادة، ونظريات من كل حدب وصوب، وتطبيقها يخضع لمعايير علمية تبنى عليها تطبيق النظريات، لكن اذا اغفل الجانب الخلقي والانساني في الموضوع فيظهر التطبيق بشكل خاطئ تماماً كما لو كان النظام القيادي موجها لآلات لا بشر»، مضيفاً «اذا كنا نعتبر انه موجه لأشخاص ومجتمع فعلينا احترام وتكييفه بما يتلاءم مع الاشخاص المسئولين عن التنفيذ».

وفي رد على سؤال بمدى واقعية هذه المبادئ، قال: «هذه المبادئ التي ضمنها الجمري في كتابه، أتى بها في اغلب الظن من ممارسات، ومن وحي تجربته الخاصة، ولكوني مطلعا على تجربته فأنا أقدر حجم القيادة التي يقوم بها لجريدة «الوسط»، الى جانب المسئوليات المجتمعية وكل ذلك يعطيه الحافز لإضافة أبعاد جديدة على ما يكتب عنه ويستقيه من نظريات».

وبحسب ما يراه حسين، فإن «المبادئ هنا بمعنى أنك حين تمارس عملا ما تحرص على اخلاقيات هذا العمل، فالموضوع ليس جني مال فقط بل حجم التأثير الذي تتركه على القارئ والرسالة التي تمنحها تماما كما نتحدث عن ريادة الاعمال عبر زرع قيم معينة هي التي تؤدي لإنجاز العمل بصورة أفضل، وهو مايمثل ضرورة من ضرورات التنمية».

أما الكاتب في مجال الإدارة جاسم الموالي، فرد على تساؤل بشأن مدى قابلية المبادئ في عالم اليوم للتطبيق، فقال: «لم أقرأ الكتاب لكني قرأت كتاب القيادة المرتكزة على مبادئ لستيفن كوفي، والذي وضع المبادئ في قالب يمكن تطبيقها، ونحن نعرف ان المعرفة شيء وتوظيف المعرفة شيء آخر، إذ تتطلب المسألة تحملا وصبرا ومراسا لكن في النهاية تتحقق النتائج».


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/1232653.html