صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 5341 | الجمعة 21 أبريل 2017م الموافق 09 رمضان 1445هـ

المؤتمر العربي لعلوم الاجتماع... الدولة والمجتمع (4 - 4)

الكاتب: عبدالنبي العكري - comments@alwasatnews.com

الورشة الرابعة بشأن الحركات الاجتماعية وأطرها التنظيمية (حالة المغرب ومصر) ورأسها مختار الهراس وتحدث فيها:

1 - محمد باقين من المغرب وكانت ورقته بعنوان «الحركات الاجتماعية في قطاع التربية»، وقد تناول فيها الحركة الاجتماعية للمعلمين المتدربين، وذلك على إثر مرسوم بفصل التدريب عن التوظيف بتاريخ 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2015، وسبق أن انطلق النقاش قبلها في 5 يوليو/ تموز 2015 وتناولت الورقة عرضاً وتحليلاً للحراك خلال الفترة ما بين أكتوبر 2016 وفبراير/ شباط 2017 وقد شهدت الأشهر الأخيرة زخماً كبيراً للاحتجاجات، وخصوصاً بعد دعمها من قبل حركة العدل والإحسان الإسلامية غير المشهرة، على رغم أن الحركة ذاتية وغير محسوبة على أي من القوى السياسية أو النقابية. هذا وقد تأطرت الحركة خلال المسار إلى تشكيل المجلس الوطني في القمة، وتحته التنسيقيات المحلية، ولجأن متخصصة (الحوار، التواصل، المالية، التنظيم، الإعلام) وما يميز الحركة كونها:

1) حركة فسيفسائية تضم معلمين متدربين من مختلف درجات التعليم من الإجازة حتى الدكتوراه، ومن مختلف المناطق والانتماءات الاجتماعية والسياسية، نساءً ورجالاً.

2) هدية بصرية تدل عليها من خلال الملصقات وغيرها وتحمل صورة معلم ومعلمة تلبس «إشارب».

3) أدوات المرافعة وتركز على الوحدة وشعارها اليد الممدودة.

هذا وقد لحظ تراجع الحركة كثيراً بعدما أجريت مباراة التوظيف في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 وتعيين غالبية المتدربين في سلك التعليم، لكن المشكلة قائمة.

2 - عبدالحكيم أبواللوز وكانت ورقته بشأن الحركة السلفية المغربية بعد انتفاضة المغرب في مسلسل الربيع العربي في 20 فبراير 2011. وقد شخص الباحث الحركة بأنها تتبع المذهب الوهابي الغريب على المغرب الذي يتبع برمته المذهب المالكي، وأنها ترفض مؤسسات الدولة وشرعيتها وتتفاعل مع الجهاديين. وأنها تعود في بدايتها إلى 1995 في مراكش، ويذكر الباحث أن الدولة غضت الطرف عنها في البداية لأنها منشغلة في الصراع ضد اليسار، كما غضت النظر عن حركة العدل والإحسان بزعامة عبدالسلام ياسين، والذي كان في تحالف مع السلفيين. لكنه وبعد تفجيرات الدار البيضاء الإرهابية في 13 مايو/ أيار 2013 فقد تحول الموقف الرسمي تماماً حيث أسماهم الملك بـ «الخوارج». وبالمقابل عملت الجماعة للتماهي مع المحتجين لحركة فبراير 2011 واستخدام خطاب حقوق الإنسان. كما أنه في خضم التنافس فيما بين الأحزاب المغربية في انتخابات 2011، فقد حاولت الأحزاب كسب ودهم. كما أنهم عمدوا للتمويه إلى تشكل جمعيات خيرية، وإنشاء مدارس تدريس القرآن. وقد عمدوا إلى إنزال مرشحين نساء في قوائم الكوتا ومرشحين شباب في قوائم الكوتا في انتخابات 2016. ويشخص الباحث الحركة السلفية في المغرب بأنها رجعية في القضايا الاجتماعية والسياسية، ولا تؤمن بالنظام السياسي والآليات الديمقراطية، لكنه بالمقابل يلحظ تحولها من حركة مذهبية خالصة إلى حركة مجتمعية دينية. ضمن تيار السلفية الأوسع في العالمين العربي والإسلامي.

3 - شيماء حطب (جامعة القاهرة - مصر) وقدمت ورقة بعنوان «التحالف النيوليبرالي وتقويض حزب السلطة والتحول الديمقراطي»، وقد تناولت فيها مسار الحزب الوطني الحاكم في مصر لعقود، وصعود جناح الليبراليين الذي يمثله رجال الأعمال، في تنافس وتجاذب مع جناح بيروقراطية الدولة، وشيخوخة قياداته، ونفيه توريث جمال مبارك، والعجز المتفاقم للدولة عن حل معضلات مصر، مما أدى إلى تفسخ الحزب، وبرز ذلك في الصدود عن المشاركة في الانتخابات الرئاسية، وجاءت ثورة 25 يناير لتجهز على الحزب. وقد طرحت الباحثة سؤالاً، لماذا لم يؤدِ سقوط الحزب على لإحداث تغيير جذري وإعادة بنية السلطة في مصر؟ ولماذا لم يحدث تحول ديمقراطي وتمت إعادة بنية السلطة والاستبداد؟

وعزت الباحثة عدم حدوث تحول ديمقراطي وتحول في بنية السلطة إثر ثورة 25 يناير 2011 إلى عدة عوامل أهمها عدم وجود بنية ديمقراطية، وتشرذم قوى المعارضة واستعادة السلطة للمبادرة إثر ما عرف بانتفاضة 25 يونيو 2014، ضد الإخوان ومرسي واسترجعت الباحثة الحركات الاحتجاجية السياسية والعمالية في مصر، وذلك على إثر استحداث تغييرات نيوليبرالية أضرت بالطبقات الشعبية، بدءاً بحركة كفاية ضدها وضد توريث جمال مبارك، وموجات الإضرابات العمالية، واحتجاجات القضاء وحركة 6 أبريل إثر ما يعرف بمقتل خالد سعيد تحت التعذيب، وأخيراً ثورة 25 يناير 2011 والتي لخصت بشعاراتها (عيش، حرية، عدالة اجتماعية، كرامة وطنية) مطالب الشعب المصري وعزت صعود الإخوان المسلمين، إلى قدراتهم التنظيمية والمالية، واستغلال مظلوميتهم وتحالفاتهم البرغماتية. وعلى رغم فوزهم بالرئاسة والبرلمان، إلا أنه لم يكن لديهم برنامج لإخراج مصر من أزمتها، ما خلق البيئة للانتفاض عليهم، وفي ظل غياب تنظيم قوى بديل، طرح العسكر أنفسهم مرة أخرى، وهم القوى المنظمة، كمنقذ وهكذا صعد السيسي إلى السلطة. وسقط حمدين الصباحي، الآن الجماهير ترى أنهما ينتميان للمدرسة نفسها، لكن السيسي أقدر وتحت تصرفه الدولة وأجهزتها.

الورشة الخامسة كانت بعنوان «المواطنة والمقاومة والمجال العام»، قدمت فيها الأوراق الآتية:

1 - سارة جور كيوكس وقدمت ورقة بعنوان «الفضاء العام في الكويت»، قدمت فيها تجربتين لانتزاع الجمهور حيزاً جغرافياً كفضاء عام. الأولى بشأن مبادرة مجموعة للمهندسة المعمارية أميمة الغانم، بإقامة ممشى في المدينة القديمة، وتنظيم ماراثون مشي للراغبين من سكان مدينة الكويت، ومعظمهم من الطبقة الوسطى في أزقة المدينة القديمة في عطلة الأسبوع، حيث خلق ذلك تفاعلاً بين المتمشين مع سكان المدينة القديمة. أما المشروع الثاني الذي قامت به مريم النصف ورفاقها فهو تحويل مساحة فارغة في ضاحية السالمية إلى حديقة تدار ذاتياً، وأتبعت ذلك بإقامة مقهى، ودكاكين لبيع منتجات صغار المنتجين. وقد حدثت منازعات مع بلدية الكويت، إثر شكاوى من الجيران، وتم التوصل إلى ما يشبه العقد بين البلدية وأصحاب المبادرة على استمرار مشروع الحديقة مع إشراف البلدية على الحديقة.

2 - رندة أبوبكر (جامعة القاهرة) وتناولت ورقتها موضوع «الترجمة الساخرة التجربة المصرية»، التي تندرج في إطار الثقافة الشعبية المقاومة، وأرجعت أبوبكر وجود الترجمة الساخرة، والتمثيليات الكاريكاتورية، إلى ضيق فضاء التعبير، وهيمنة الدولة على الإعلام والثقافة. وعرضت أبوبكر إلى نماذج من ذلك مثل صحيفة «الكشري اليوم» والتي تحتوي على مقالات ورسوم ساخرة وترجمات مقلوبة. كما تشمل ترجمة مقلوبة لأسماء الكتب والأفلام مثل رواية جورج أرويل 1948، والتي ترجمت «دليل المبتدئين للمخبرين» كما عرضت للمهرجانات الموازية للفنون مثل الغناء والموسيقي والأفلام والتي تقدم فيها تعبيرات ساخرة من التظاهرات الرسمية.

3 - فاطمة التموس (جامعة الحاكية الاقتصادية بالمغرب) وقدمت ورقة بعنوان «فضاءات الثقافة في الدار البيضاء... جزر للإبداع في بيئة معادية»، عرضت فيها إلى مبادرات لخلق فضاءات ثقافية مستقلة في مدينة الدار البيضاء العاصمة الاقتصادية للمغرب، والمشهورة بقوه الحياة فيها. وتناولت الورقة تجارب مثل صحيفة «تلقى» الساخرة، ومهرجان الشارع، وتحويل المسلخ المركزي المهجور إلى فضاء ثقافي للتعبير الحر في مجال الجداريات، ومعارض الرسم، والعروض المسرحية والموسيقية وهي تجربة تشاركية بين بلدية الدار البيضاء وعدد من منظمات المجتمع المدني. كما تناولت الورقة المهرجان السنوي التلقائي بعنوان «ذاكرة البيضاء» ومنه عروض مسرح المحكور، ومجموعات رسامي الجداريات. وتخلص الورقة إلى أن استقلالية الفضاء العام عن السلطات الرسمية محدود على رغم كل هذه المبادرات.

4 - أزورا سارانتارو (طالبة دكتوراه في الجامعة الأوروبية - فلورنسا) وقدمت ورقة تعبئة سكان العشوائيات في القاهرة، وتناولت تجربة سكان حي البساتين العشوائي، من أجل تنظيم أنفسهم والضغط على محافظة القاهرة لإقامة منشآت تعليمية وثقافية. كما عرضت لتجربة لحي عزبة الحجامة العشوائي والذي يسكنه ما يزيد على نصف مليون وهو محشور بين مدينة نصر وثكنات الجيش، وهو حي بائس حيث تقتصر خدمات التعليم على مدرستين ابتدائيين. وتعرض الورقة لمبادرات الأهالي لتنظيم أنفسهم وتشكيل جمعية نور المشرق بقيادة الحاج عيد وبفضل ضغوطهم حصلوا على أرض لإقامة مجمع يضم مدرسة للبنات ومركز صحي ومكتبة، وقد تمكنوا من تحقيق ذلك بدعم من متطوعين من الجامعة الأميركية في القاهرة ودعم محافظة القاهرة وبالطبع متطوعي الحي وتبرعاتهم.

الخلاصة:

لقد كانت ثلاثة أيام حافلة، تلك التي استغرقها المؤتمر الثالث للمجلس العربي للعلوم الاجتماعية، غنية بالمحاضرات والورش حضرت بعضها والمناقشات سواء داخل القاعات أو خارجها بشأن موضوع مهم جداً، وهو الدولة والمجتمع والعلاقات المتأزمة فيما بينهما في معظم مراحل التاريخ العربي حتى اليوم، ويفرض الموضوع نفسه بشكل خاص في ظل مبادرة جديدة للنهضة العربية، والتي لم يكتب لها النجاح وهي الربيع العربي، ومن أهم تجلياته محاولة إسقاط الدولة القديمة، وإقامة دولة حديثة تعبر عن إرادة الناس، وهي مبادرة وإن لم تنجح إلا أنها زعزعت بنية ومفهوم الدولة العربية الاستبدادية، ومازالت تفاعلاتها مستمرة. والحقيقة أنني أعجبت جداً برقي وتنظيم المؤتمر، فلم يكن ليسمح لأي من المحاضرين بالمشاركة ما لم تكن ورقته أو عرضه (باوربوينت أو سلايدز) جاهزاً. كما زودنا بكتيب يضم نبذة لكل متحدث وموضوع حديثة. وكان الانضباط في مواعيد الاجتماعات العامة والورش عالياً، خلافاً لما هو سائد في المؤتمرات العربية، كما كان محتوى الأبحاث جيداً، والمشاركون من مشارب وبلدان واختصاصات مختلفة.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/1232954.html