صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 5354 | الخميس 04 مايو 2017م الموافق 19 رمضان 1445هـ

القرار السيادي والأمن البيئي

الكاتب: شبر إبراهيم الوداعي - .

القرار السيادي المصدر الفعلي في تنظيم وتنسيق الاجراءات والسياسات المنظمة لحماية البيئة وصون معالم النظام البيئي، ويمثل المؤشر الإستراتيجي في بناء مقومات العمل المُؤسَسَ في آلياته وفاعليته في صون حقوق الانسان البيئية، والتنوير البيئي، والارتقاء بالسلوك البشري في العلاقة مع معالم النظام البيئي، وحماية صحة الانسان والبيئة من الظواهر والممارسات غير الرشيدة، وتنظيم مناهج خطط العمل التنفيذي للمشاريع التنموية، وترشيد معايير وأسس ومقاييس إجراءات البرامج التنموية، وذلك بما يضمن استبعاد إمكان تدهور البيئات الطبيعية، والحد من الانبعاثات، وصد حالات الكوارث البيئية، ومسببات الخطر البيئي، وقمع حالات الاخلال بالأمن البيئي، وصون الحق الصحي والبيئي للمجتمع، والقرار السيادي يمثل الأداة المهمة في منظومة التشريع والرقابة والمتابعة والتنفيذ وبناء وإصدار الاجراءات التي تحدد أسس منع وقمع الأنشطة المضرة بالبيئة وصحة الإنسان، وتحد من الظواهر والممارسة المضرة بالنظافة والصحة العامة للمجتمع، وأن الأخذ في الاعتبار بالمحددات التي جرى تشخيصها في سياق توصيف مضمون جوهر القرار السيادي، يمكن أن يساهم في تعزيز اتجاهات إنجاز أهداف التنمية المستدامة.

يرتكز القرار السيادي على النظام الإجرائي الوطني، ويجري بناء آلياته القانونية والإدارية والإجرائية بالارتكاز على مقومات ومعايير وقواعد القانون الدولي، ومبادئ المواثيق والعهود الدولية، وقواعد الاتفاقات والمعاهدات الاقليمية، ومنظومة المبادئ والقواعد الدستورية والقانونية المعنية بقضايا التنمية والبيئة، وتتمثل فاعلية منهج وأداء وجودة منجز القرار السيادي في قوة فاعلية التوجيه المعزز برقابة ومتابعة قمة الهرم السياسي في البلدان على اختلاف طبيعة نظمها السياسية، لتنظيم إجراءات تنفيد الخطط والاستراتيجيات التنموية والبيئية، وأداء منظومة الرقابة البيئية، والأداء المؤسسي البيئي في تطبيق قواعد القانون والنظام وقمع المخالفات البيئية، وفي تجذير مقومات القرار السيادي الاستراتيجية، القانونية والادارية والرقابية وبنائه المؤسسي، ويمكننا الجزم على أنه لايمكن ان تكون هناك جدوى فعلية في تمكين العمل المؤسسي في إنجاز أهداف الاستراتيجيات الوطنية للحد من واقع التدهور البيئي، واستبعاد الخطر البيئي، وإزالة الآثار السلبية للمخالفات البيئية، وإعادة تأهيل النظم البيئية، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وبناء مقومات الأمن البيئي الرصين والمستدام للمجتمع، بدون توفر مؤسسات القرار السيادي المؤسس في بعد أهدافه الاستراتيجية في بناء التشريع البيئي الرصين، وتنظيم أسس ومعايير التخطيط التنموي ومنهجيات الرقابة البيئية.

الأمن البيئي مقوم رئيسي في منظومة المبادئ التي يتبناها المجتمع الدولي لايجاد ظروف معيشية آمنة لحياة الانسان وتطوره الحضاري، وتُمثل تلك المبادئ مقوم استراتيجي في النظام الإجرائي للقرار السيادي في منظومة المشروع الدولي البيئي، وتتجسد قواعد ومبادئ ذلك النظام في منظومة الاتفاقات الدولية المتعددة الاختصاصات، والأهداف والمناهج القانونية، إذ تضع معايير تحدد بموجبها مناهج العلاقة البشرية في الاستغلال الرشيد لثروات النظم البيئية، والقواعد التي تنظم طرق الانتفاع السليم من الثروات الطبيعية ومناهج العمل الانساني في صون هذه الثروات كحق طبيعي للأجيال الحالية والمقبلة، وفي السياق ذاته تتبنى الاتفاقات النظام القانوني الذي تحظر بموجبه الانشطة البشرية الخطيرة في العلاقة مع النظم البيئية، وذات الآثار الخطيرة على حياة الإنسان، والتي تتسبب في إحداث الخطر الشامل على الأمن البيئي للانسان.

الأمن الصحي جزء مهم في منظومة الاجراءات البيئية، ومحور رئيسي في المنظومة الاجرائية للقرار السيادي، وذلك المحور كان محط حوار جرى مع مجموعة من المهتمين في قضايا الأمن الصحي والبيئي للمجتمع، منهم الباحث الاقتصادي محمد الصياد والكاتب رضي السماك وفي سياق الحوار جرى طرح ظاهر الاستخدام المفرط وغير المقنن للأكياس البلاستيكية في المخابز وفي المقاهي وباعة المأكولات الشعبية، واستخدام أواني الأغذية والمشروبات المصنوعة من المواد البلاستيكية، والإشارة إلى الأبعاد الخطيرة لذلك السلوك على الصحة العامة وانتشار الأمراض الخطيرة، والتأكيد على الأهمية الاستراتيجية والانسانية في تبني جهات الاختصاص وبشكل رئيسي وزارة الصحة والمجلس الأعلى للبيئة اتخاذ إجراء قانوني يجري بموجبه حظر استخدام الأكياس والأواني البلاستيكية في المخابز والمقاهي والمطاعم، وذلك ما جرى الأخذ به في الدول الخليجية، ونرى تلك خطوة مهمة ومطلوبة لصون الأمن الصحي للمجتمع، وإن ذلك الإجراء يمكن أن يؤكد الجدوى المطلوبة في المنع وتنظيم اجراءات حل المشكلة القائمة، وتعزيز فاعلية القرار السيادي في صون الأمن الصحي للمجتمع.

الحق البيئي مقوم استراتيجي في منظومة القرار السيادي، ويجري تأكيد مضمون جوهره في المنهج الحديث للمفهوم الدولي في معالجة القضايا البيئية والانسانية، وتعالج مبادئ القمم العالمية للتنمية المستدامة قضايا الحق البيئي بصورة مستفيضة ومؤسسة في أبعادها الاستراتيجية، كما يجرى تجسيد جوهر ذلك المفهوم في منظومة أهداف التنمية المستدامة التي أكدت على شمولية أبعادها الاستراتيجية في مرتكزاتها الرئيسية المتمثلة في التنمية الاجتماعية والتنمية الاقتصادية وحماية البيئة، وبناء اتجاهات العمل المرتكز على مبدأ الشراكة الدولية في حشد الجهود للقضاء على الفقر المدقع بجميع أشكاله، ومكافحة عدم المساواة والظلم ومعالجة تغير المناخ، وتتبنى الأهداف وفق تلك المحددات مبدأ الشمولية في إقرار الحق البيئي للجميع الذي يضمن تكافؤ الفرص في الوصول بصورة ميسرة إلى الموارد، والانتفاع من الثروات الطبيعية بصورة عادلة في معيشة الانسان، وتوفير متطلبات العيش الآمن في بيئة خالية من المخاطر، ويمكن الإشارة إلى جوانب من الضمانات التي يجري التأكيد عليها في أهداف التنمية المستدامة، وذلك ما يمكن تَبينه في الهدف «3» الذي يؤكد على (ضمان تمتّع الجميع بأنماط عيش صحية وبالرفاهية في جميع الأعمار) ويشدد الهدف «6» على (ضمان توافر المياه وخدمات الصرف الصحي للجميع) كما ان الهدف «7» يؤكد على (ضمان حصول الجميع بكلفة ميسورة على خدمات الطاقة الحديثة الموثوقة والمستدامة).

المسئولية الاجتماعية في الالتزام بمعايير القرار السيادي مطلب مهم، ويتمثل ذلك في الاتجاهات الاستراتيجية في الالتزام بمعايير القرار السيادي في الشأن التنموي ويمكن حصرها في:

- الالتزام بالمعايير العلمية الحديثة في تخطيط وبناء وتنفيد المشاريع التنموية.

- الأخذ في الاعتبار خصوصية البيئات الطبيعية وموائل التنوع الاحيائي في تخطيط المشاريع التنموية.

- الأخذ في الاعتبار توفر ضمانات الوقاية في الحد من الآثار السلبية للمشاريع التنموية على البيئات الطبيعية.

- تبني مبدأ الشفافية والمسئولية الاجتماعية والاخذ في الاعتبار حقوق الاجيال الحالية والمقبلة في تخطيط وتنفيد المشاريع التنموية في البيئات الطبيعية.

إن المسئولية الاجتماعية كمبدأ أخلاقي تتمثل أيضاً في المرتكزات المؤسسة في تبني نهج الالتزام بمعايير القرار السيادي في صون معالم البيئات الطبيعية ويمكن حصرها في:

- الوعي المؤسس للمشرعين في تبني المعايير والاسس والمبادئ المنهجية في بناء المخرجات القانونية في شأن صون النظام البيئي.

- الفهم المسئول للمخططين الاستراتيجيين في اعتماد المعايير العلمية الحديثة التي تأخذ في الاعتبار خصوصية البيئات الطبيعية في منهج التخطيط في بناء المشاريع التنموية.

- المسئولية المهنية للإداريين المسئولين في إدارة عمليات الرقابة البيئية في المتابعة والتقييم الدقيق والشفاف في متابعة الأنشطة البشرية والتنموية وتشخيص جوانب الخلل في الالتزام بالمعايير البيئية، والحد من إمكانية حدوث الأضرار والمخاطر البيئية.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/1237322.html