صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 5361 | الخميس 11 مايو 2017م الموافق 18 رمضان 1445هـ

ابني... الحياة ليست سهلة أبداً

الكاتب: مريم الشروقي - maryam.alsherooqi@alwasatnews.com

إلى ابني الذي يدرس في المدرسة أو وصل إلى الجامعة أو يعمل حالياً في إحدى مؤسسات الدولة الحكومية أو في أية مؤسسة خاصّة، إليك أبعث هذه الرسالة لعلّك تتفهّم موقفي، فأنا ووالدك لم نتوقّف يوماً عن دعمك ومساندتك في أيّ شيء تريده، وكلّ ما نتمنّاه هو الحياة السهلة المريحة والسعيدة لك أنت وإخوتك... ولكن أريدك أن تعلم يا ابني أنّ الحياة ليست سهلة أبداً.

حين كنت صغيراً كنت لا تعلم بمدى الألم الذي نتجرّعه من أجلك ومن أجل فرحتك، فيكفينا القروض والديون التي يشيب لها شعر الرأس، ناهيك عن مصاريف الحياة التي تتعقّد كلّما قلَّ المال، وأنت لا تعرف ما يدور حولك، فكنت تريد اللّبس الجميل والأغراض الغالية واللّعب في المجمّعات وشراء الحاجيات، وكنّا نوفّرها لك بحب، ولكنّ يعلم الله ما كان يدور في الفؤاد.

نعم يا ابني... كنا ندخل في «جمعية» مع الأصدقاء وزملاء العمل حتّى نُسافر معك، ويلومنا من يلوم ويُزعجنا من يُزعج، وهو لا يدري سبب الديون من أجل السفر، السبب هو أنّ الأيام لا تتكرّر، والعمر يطوى ولا يرجع، وحين تكبر ستتذكّر تلك السفرة التي أخذك إليها والداك، وقد يقوم البعض «حرام» وقد يقول البعض «مد إلحافك على قد ريلك» ولكن أليست هذه الذكريات هي ما تبقى عندما نكبر.

ابني الحبيب... عندما ذهبت إلى الجامعة لا تظن أنّ المبلغ الذي أدفعه لك يمطر من السماء، بل هو أيضاً ثمرة شقائي أنا وأمّك، العمل المتواصل، التفكير الدائم في مستقبلك، توفير ما لم يتم توفيره لنا، جميعها أمور يفكّر فيها كل أب وأم يريدان الحياة المريحة لأبنائهما.

أوتعلم يا ابني أنّ مصاريف الجامعة تكسر ظهري كلّ شهر؟، فمصاريفك أنت لوحدك تعادل راتباً، ولا أدري إن كنت تعلم عن حالي شيئاً، ولكن أمراً بسيطاً سيعرّفك بحالي جيّداً، عندما أذهب لمحطّة البنزين، أبحث عن الدينار والدينارين، وأطلب البترول الجيّد، لأنّني أفكّر فيك، فقد تحتاج الدينار من أجل الجامعة، هل انتبهت لهذا الأمر أم لا؟، لا أعلم؛ ولكن أريدك أن تعلم أنّ الحياة ليست سهلة.

عندما تنتهي من دراستك يا أعز ناسي (ابني حبيبي) فأنا أكثر إنسان على وجه الأرض يبحث لك عن عمل، ويريدك أن تحصل على أفضل الأعمال، ولا أريد منك الـ 20 ديناراً التي ستعطيني إيّاها آخر الشهر، وسأساندك إلى أن أموت.

بعد هذا كلّه يا ابني أريدك أن تعرف أنّ الحياة ليست سهلة، فأنا درست وعملت من أجل الشهادة، وشقيت من أجلك أنت وإخوتك، فأرجوك لا أريدك أن تعاني مثلي، ولا أريدك أن تظن أنّ الحياة سهلة، وانتبه لدراستك ولعملك ولمالك، ففي يوم من الأيام ستتذكّر نصيحتي. أحبّك جدّاً جداً يا «حشاشة يوفي»... وجمعة مباركة.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/1239586.html