صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 5362 | الجمعة 12 مايو 2017م الموافق 19 رمضان 1445هـ

العملاق «غوغل» ينصحك: «لا تكن شريراً»

الكاتب: حنان فردان - .

دعنا نتحدث عن «غوغل» هذه المرة بأثر رجعي، في عام 2000 عندما كان لدى «غوغل» 200-300 موظف، قرر فريق الموارد البشرية أن يعقد اجتماعا لبعض كبار موظفي «غوغل»، ليتم وضع بعض القيم للشركة، وبعد أن قاموا بعملية عصف ذهني، طرحوا 10 قيم إيجابية، وكانت القيمة السادسة «لا تكن شريراً»، قد اقترحها مخترع البريد الإلكتروني «gmail» بول بوتشيت، وقال إنها تغطي جميع القيم، وهي الأكثر جاذبية وتصلح لأن تكون شعارا، ولست أعلم إن كان بول قد اقتبس الشعار من الإنجيل آية (جا 7:17): «لاتكن شريراً كثيراً، ولا تكن جاهلًا. لماذا تموت في غير وقتك». لكنه فعلاً شعار جذاب وإن كان غير رسمي. وقد صرح رئيس مجلس إدارة «غوغل» آنذاك إيرك شميت بشأن هذه الشعار بأنه «أغبى شعار على الإطلاق»، فلا منهج أو كتاب يصف الشر بدقة، فلا معنى له، وعلى أي حال فهو قد استقال من عمله في «غوغل»؛ بسبب المنافسة الشرسة بين «غوغل» و»أبل».

إن خوف «أبل» ليس مقتصراً فقط من نظام أندرويد، فنظام الآيفون له جمهوره العريض جداً، وهو نظام قوي وله محبوه، ولكن ما لم تفصح عنه «أبل» هو خوفها من سيطرة محرك البحث بنطاق عالمي واسع، ووْصف مؤسس شركة أبل ستيف جوبز شعار غوغل «لاتكن شريرًا» «بأنه هراء»، خير دليل لقلقه بشأن المنافسة الشرسة القائمة بينهما.

تعتبر «غوغل» واحدة من الشركات الأكثر ابتكاراً ولديها منتجات متعددة، فهي شركة أميركية عامة متخصصة في مجال الإعلان والبحث على الإنترنت، لديها الكثير من تطبيقات الويب وشبكات الاتصال والحلول البرمجية، اشتهرت بثقافة شركتها غير الرسمية، فهناك تعليقات وتعليمات شهيرة متداولة بين الموظفين كمثل «تستطيع أن تربح دون أن تضر الآخرين» و»تستطيع أن تبدي الجدية دون أن تتكلف وترتدي بذلة»، فمبادئ عملها لا تأخذ طابعاً رسمياً ألبتة. فكما مقر «غوغل» معد للعمل بشكل احترافي، فهو يضم كل وسائل الراحة بمبانيه المتعددة، فهو يتضمن العديد من المرافق كصالة للتمرينات الرياضية وغسالات ومجففات وغرفة للتدليك والترفيه ومجموعة متنوعة من ألعاب الفيديو ومنضدة بلياردو وتنس وغرف للوجبات بشتى المأكولات والمشروبات.

تشجع «غوغل» حرية الإبداع والتحفيز لموظفيها عبر قاعدة 70/20/10 وهي قاعدة تقوم على تخصيص 70 في المئة من وقت العمل للمشاريع والمهام الصعبة الموكلة من الإدارة نفسها، والتي يتم فيها اتخاذ القرارات المناسبة ومواجهة التحديات، و20 «في المئة لمشاريع الأعمال ذات الصلة والأفكار الجديدة ومايهم الموظف نفسه والحصول على التغذية الراجعة، و10 في المئة لا علاقة بها بالأعمال الأساسية وهي للتطوير المهني، وبهذا المبدأ التوجيهي تخرج غوغل بأفكار الطموحة.

وحيث ان الغالبية العظمى تستخدم محرك البحث «العم غوغل» الأوسع شهراً من بين المحركات الأخرى، ونظام تشغيل الهواتف اندرويد، بدأت شركة «غوغل» بالهيمنة على العديد من الشركات إما بشرائها او استحواذها على شركات عدة ووكالات حكومية، وطوال مراحل ازدهارها كانت ترتكز على الإبقاء على ثقافتها التنظيمية والعلاقات الإيجابية، ولكن هناك من يرى أن «غوغل» لا تعمل بحسب شعارها وأنها تريد السيطرة على العالم. فماحدث مؤخرًا وأشيع عبر وسائل الإعلام بأن كبرى شركات التقنية ومن ضمنهم «غوغل» عقدوا اجتماعاً سرياً في ولاية جورجيا الأميركية لمنع زحف الملياردير ترامب إلى رئاسة أميركا، إذ قامت «غوغل» بالتلاعب بنتائج البحث من خلال إظهار الأخبار المضادة والهجومية لدونالد ترامب، والتي تظهر مساوئه عوضاً عن المقالات الداعمة له، فيما نفت «غوغل» هذه التهمة مؤكدة على أن نتائجها تلقائية ولا تحابي أي مرشح دون آخر، لأنها تؤيد وبشدة مبدأ الحيادية كما جاء في دليلها الخاص بها، فشعارها لاتكن شريراً.

وعلى أية حال تغير المشهد السياسي الحالي، فجميع شركات التقنية متورطة بشكل ما وبشكل واضح وصريح في الانتخابات السياسية، وفي انتهاك خصوصية المستخدم بطريقة سرية يمكنها من تحديد كل ما يتعلق بك من اتجاهات وسلوك ومعرفة والأهم موقعك الجغرافي الحالي.

والآن وأنت «تغوغل» مواضيعك التزم الحيادية بمواقفك واحذر لا تتورط، وتذكر بأن العملاق «غوغل» ينصحك «لا تكن شريراً».


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/1239865.html