صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 5363 | السبت 13 مايو 2017م الموافق 19 رمضان 1445هـ

وجه المنامة البحريني

الكاتب: قاسم حسين - Kassim.Hussain@alwasatnews.com

حين تزور قلب المنامة ليلاً تجده هادئاً حزيناً، وتجدها تعاني من الغربة أغلب لياليها وأيامها، إلا في أيامٍ وليالٍ معدودات على امتداد العام، حيث يعود لها أهلها فتأخذهم ويأخذونها بالأحضان.

ليلة الجمعة الأخيرة كانت من هذه الليالي القليلة التي تفرح فيها المدينة القديمة، بعد أن جلا عنها أغلب أهلها وتركوها تعاني الوحدة والوحشة مع الأغراب.

في الجمعة الأخيرة، كانت المنامة القديمة تحتفل بمناسبة النصف من شعبان، حيث عُلّقت الزينات ووزعت الحلويات، وفتحت البيوت القديمة أبوابها لاستقبال الأطفال في ملابسهم الجديدة.

كان الزحام شديداً، وأعداد السيارات على مداخلها أكثر بكثيرٍ من المعتاد، في ليالي الجمع الأخرى. كانت مناسبة فرح، استقبلت خلالها المساجد والمآتم روّادها، الذين جاءوا ليستمعوا للجلوات والأناشيد الدينية مما يحفل به التراث، حيث عمّت مظاهر الفرح والابتهاج التي كشفت ما يعمر القلوب من حب واطمئنان.

الجاليات التي تعيش في المنامة القديمة، وأغلبهم من الآسيويين من دول شبه القارة الثلاث، الهند وباكستان وبنغلاديش، كانوا حاضرين في هذه الاحتفالات، بعضهم يشارك في الخدمة، وبعضهم يتردد على المضائف مع أطفاله وبناته، وآخرون يتبادلون التحية مع سكّان هذه الأحياء الشعبية، في تعايشٍ وألفةٍ نادراً ما تجدها في دولٍ أخرى.

هذه الحالة، نجدها في مثل هذه المناسبة أيضاً، في المناطق الأخرى من البحرين، وسطاً أو شمالاً، شرقاً أو غرباً، مع غلبة العنصر المحلي، حيث لاتزال هذه المناطق تحتفظ بدرجة كبيرة، بترابطها وتماسكها الاجتماعي، وروحيتها وألفتها، وهذه جوهرةٌ يجب ألا يفرّط فيها الناس، في هذا الزمن الصعب. فالمشاركة في هذه المحافل والمنتديات الشعبية، وفي هذا الإحياء، إضافةً إلى جانبه الديني، من شأنه أن يقوّي العزائم ويعزّز إرادة الحياة، ويرسّخ الرغبة في التغلب على المصاعب والتحديات.

حضور هذه المجالس ليس ترفاً أو حاجةً زائدةً، بل هو ضرورة نفسية وروحية، لمصلحة المجتمع الذي يتعرّض لضغوط متواصلة، سياسية واقتصادية ومعيشية؛ وهو ضرورةٌ أيضاً من أجل تعزيز الهوية الوطنية التي تتعرّض للاستلاب، بعدما أصبح البحرينيون جميعاً مجرد أقليةٍ في بلادهم، وأصبحت نسبتهم دون الخمسين في المئة، في ظلّ سياسةٍ غير واعية، تؤدي إلى إغراق السوق بالأجانب، من دون ضوابط أو حدودٍ أو قيود.

في مثل هذه المناسبات، تستعيد المنامة روحها وألقها، ودفئها ومشاعرها، عاصمةً للبحرينيين، أما المناطق الأخرى، فالحركة فيها لا تقل وهَجاً وألقاً. تنتشر المضائف التي يعبّر فيها الناس بسجيتهم عن حبّهم وبساطتهم وانفتاحهم، وتُعمر المساجد بالرواد. يبادلونك التحيات ويستقبلونك بالبسمات، دلالة الألفة وانشراح الصدور.

على هامش هذه الاحتفالات الجميلة، تبرز ظواهر اجتماعية سلبية أيضاً، لعل أبرزها ميل بعض الشباب الصغار لاستخدام الدراجات النارية ليس في الشارع الرئيسي فحسب بل حتى في الطرقات الداخلية الضيقة، التي تزدحم بالمارة أو السيارات المتوقفة، وما يسببه ذلك من إزعاج ومضايقات للناس، وبالذات للأطفال والنساء. وهي ظواهر طارئة حريٌّ بمعالجتها بالحسنى، وخصوصاً أنها لا تليق بالمناسبة ولا تليق بهذه الفئة من الشباب.

عوداً على بدء، ومع اقتراب شهر رمضان المبارك، عطّر الله أيامكم بالخيرات، وأذهب عنكم الأحزان، وأدام عليكم الأفراح.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/1240166.html