صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 276 | الأحد 08 يونيو 2003م الموافق 19 رمضان 1445هـ

افتجاع

الغبار يملأ المدينة... الخلايا المفكرة غارقة في الدهشة... ذلك حين خرجت أنا حاملا المدية لأنقش اسمي تحت اسم ذلك الصبي الذي تبدد في قلب الهيكل، فوق الشجرة خارج المدينة... الغبار لم يترك شيئا إلا أخفى معالمه... لكن إصراري لم يبارح وجداني لأتقدم نحو الشجر... انعدام الرؤية يجعل كل أشياء الطريق تعيقني... أعمدة الكهرباء تركل ناصيتي... الحصى تأكل مقدمات أصابعي... السيارات الواقفة تقهقر مساعي... وكذا تضاعف الزمن... وغير ذلك الكثير... لكن عزيمتي لم تهن أو تكل... وكلما اقتربت من موقع الشجرة... ازداد الغبار وامتزج أكثر بالرمل المتطاير... وأنا أتمسك بالمدية كثيرا حتى تخيلت بأنني سأحفر اسما حروفه أشد عمقا ستملأه الأغبرة بذراتها فتتجسد أكثر ويكون له رونق خاص يملأ الإحساس بالحزن أكثر من اسم ذلك الصبي.

اقتربت من موقع الشجرة... فلم أرها، بل رأيت مكانها حفرة كبيرة جدا منهارة تبكي بالغبار الذي تطاير على المدينة، والذي تطايرت مثله دموعي !!

إغراء وهدأة

في الصباح الباكر... حيث كان الجو صحوا بعد ساعة مضت من ليل ممطر... كان الطيف الملون يغريني بقوسه الزاهي... اجتذبني لأخرج إلى جنينتي أتأملها هي الأخرى... وعبر حفيف الشجر أرى اللمعان يتغلغل في وجدي... استنشقت عبير الورد على مسمع من زغردة العصافير الشجية... تخطيت كل الممرات الصغيرة... رافعا طرف ثوبي لئلا تتسخ ذيوله... حتى ولجت تحت شجرة كبيرة من شجر الصفصاف الموضوعة لزينة المدخل الرئيس... تأملتها كانت مغتسلة بالمطر، نظيفة أوراقها والغصون... حينئذ... اجتذبتني أيضا نضارة تلك الوردة الحمراء التي أشرق محياها أمامي بعد استحمام جميل... اقتربت منها بتؤدة... وضعت يدي الأولى مفتوحة تحت غصنها، وباليد الأخرى هززت الوردة بحنان... فسقط الكثير من ذلك الندى العذب الذي أضفى على وجداني الكثير من الهدوء الذي لم أمتلكه ليلة البارحة !!

كاتب سعودي


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/316071.html