صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 331 | السبت 02 أغسطس 2003م الموافق 19 رمضان 1445هـ

البغاء... أسبابه وكيفية القضاء عليه

الكاتب: منيرة العليوات - comments@alwasatnews.com

بداية أثني على ما كتبته الزميلة نبيلة سليمان وأتفق معها في كل ما ورد في تحقيقها الذي نشر حديثا، وإنني إذ أكتب هنا ليس لأدافع عن هذا النوع الرخيص جدا من الأمهات والآباء الذين يزجون ببناتهم في هذه الطريق الوعرة الشائكة والحارقة ويدفعونهن إلى ممارسة البغاء من أجل المال. هذه الأمومة الرخيصة والأبوة المنحلة نشأت في الأصل من مقر الرذيلة، ولكنني أدافع عن الفقر والحاجة. خطأ كبير أن يُعزى سبب انحراف الفتيات إلى الفقر. نعم، قد يكون بدافع الحصول على المال لمجاراة الزخرفة الاجتماعية والمظاهر الكاذبة الخادعة أو انهن نشأن في أسرة كانت في الأصل منغمسة في الرذيلة، أسرة سيطر عليها الجشع والحسد وحب المال فدفعت بفلذات أكبادها إلى الجحيم.

ربما يكون الفقر سببا من الأسباب أو جانبا من جوانب البيت المتصدع، ولكن الصورة غير مكتملة إذ إنني أعرف الكثير من الأسر الفقيرة المال الغنية النفس تأبى عليهم الكبرياء والكرامة سؤال الناس حاجتهم، يعانون مرارة الفقر والحرمان، نشّأت بناتها على العفة والفضيلة والشرف ومازال الرجل فيها ذو هيبة ووقار وأمر ونهي على أسرته وأولاده، على رغم معاناة الفقر والجوع وافتراش الأرض في بيوت خالية من الفرش والأثاث، وأفواه جائعة وعيون غائرة وأم فاضلة عفيفة تربي أولادها على القناعة والأمانة والكرامة، وتدفعهم إلى مواصلة الدراسة ومكابدة الجوع والصبر على الحاجة، والأبناء بدورهم يلتهمون الكتب ويتابعون التحصيل العلمي ويسيرون حتى نهاية الطريق بخطوات ثابتة واثقة، ويقف الأب حارسا أمينا قويا على رغم ضعفه، مهيبا على رغم حاجته يغرس في نفوس الأبناء حب الكفاح والعمل من أجل حياة أفضل.

الكثير من هذه الأسر انتصرت على فقرها بصبرها وكفاحها ووصل أبناؤها وبناتها إلى مناصب حكومية عالية بكرامة وكبرياء. أما هذا النوع الرخيص من الأمهات فهو دخيل علينا... منذ زمن بعيد اختلط فيه النسل وتعددت جنسيات الأمهات من كل حدب وصوب، حتى اختلط الحابل بالنابل وضاعت الأصول، وهؤلاء البنات ينتسبن إلى أولئك الأمهات اللواتي يبعن أعراضهن، وقد أعماهن الجشع والطمع. إن هذه الأم نشأت في مقر الرذيلة، والرجل المتعامي العاجز عن حماية عرضه كان في الأصل لا عرض له، قد سيطرت عليه شهواته ونزواته فأفقدته الكرامة والفضيلة وإن لم يتعام عن سلوكيات بناته فسيخضع لإرهاب الزوجة وعليه أن يعيش معدوم الكرامة والضمير، تخلى عن إنسانيته وترك لزوجته العنان تعبث به وبعرضه.

إن امرأة تدفع ببناتها إلى الفجور امرأة تجردت من كل قيم الأخلاق والعفة والكرامة، جبلت على الرذيلة. فلا ضمير يحاسبها ولا أخلاق تمنعها، تاجرت بنفسها أولا ثم ببناتها... وجانب آخر يجب عدم إغفاله في هذه الحملة المفتوحة ضد بيوت البغاء وهو الشقق المفروشة. فهذه الشقق ما هي إلا بيوت بغاء مجازة، فمالكها يعلم أن الرذيلة تمارس فيها وأن ما يُدفع له من مال هو مال حرام، ولكنه جشع منكب على ملذات الدنيا من دون أن يعي عواقب ما يحدث، إذ ربما تغرر إحدى بناته لتأتي من دون إرادة إلى هذا المكان، فماذا سيفعل لو صدمه وحش ضال يتأبط دراع ابنته ويدخل إلى عمارته؟ ألم يكن بإمكانه وضع قيود أو شروط على عقود الإيجار؟ لماذا تؤجر بعض الشقق لمدة ساعة أو ساعتين؟ هل يخفى الغرض من هذه المدة المحددة؟ إنها من أجل المتعة المحرمة.

البحرين ـ كما تقول وسائل الإعلام ـ بلد سياحي، ولكن لماذا يترك القادم سائحا إلى مملكة البحرين زوجته وعياله ويأتي وحيدا؟ لأنه يعلم علم اليقين أن هناك من سيقوم بخدمته ويوفر له لحما طريا، فتاة صغيرة أبيح عرضها وأهدرت كرامتها واعتادت البغاء، فلا حاجة إلى زوجته وقد أصبحت مجرد لفافة من الخبز لا تسمن ولا تغني من جوع.

ثم ماذا عن لصوص الطريق والأعراض، الكلاب المسعورة الضالة المتسكعة في الشوارع التي تستدرج الصغيرات إلى مخبائها تحت مسمى الحب والزواج وهكذا حتى يمتص آخر قطرة من دمها ويتركها فريسة الذل والعار ليبدأ في المتاجرة بها وعليها أن ترضخ له؟! إنهم يشجعون البنات المغرر بهن على الهرب من بيوتهن بحجة تحدي التقاليد والزواج سرا، فإذا هربت سقطت وتاهت وغدت فريسة لذئاب الليل. الكثيرات من الفتيات هربن من بيوتهن أملا في الزواج، ثم ماذا؟ والغريب في الأمر أنه إذا لجأ الأهل إلى الشرطة في وقت مازالت فرصة الحفاظ على العرض متاحة، يكون الرد: لا نستطيع أن نعمل شيئا، إنها بلغت سن الرشد! أي رشد هذا الذي يبيح للفتاة التجارة بعرضها وشرفها وسمعة أهلها وكرامتهم؟


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/329020.html