صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 2344 | الأربعاء 04 فبراير 2009م الموافق 19 رمضان 1445هـ

داعيا لتأسيس فرقة رسمية للفنون الشعبية

خليفة: أخجل من أغاني الغوص وأفضل العمل في صمت وهدوء

لا يعتبر الشاعر البحريني علي عبدالله خليفة نفسه باحثا متخصصا في التراث، هو، كما يصف نفسه، هاو لا يجمع مادته على أصول علمية، يجمعه بالتراث حب وولع قديمين بدءا من سنوات شبابه الأولى. يقول إنه سيفعل المستحيل من أجل ضمان بقاء واستمرارية مجلة الثقافة الشعبية التي يرأس تحريرها ويصدرها بالتعاون مع المنظمة الدولية للفن الشعبي «IOV»، والتي تحظى بدعم من جلالة الملك، يقول خليفة إنه سيكافح من أجل بقائها حتى لو عنى ذلك طباعة المجلة على نفقته الخاصة.

هو أحد أبرز الأصوات في حركة الشعر البحريني الحديث، يمتد رصيده الإبداعي شعرا لأكثر من ثلاثين عاما بدأت العام 1969 بديوان أنين الصواري. يرأس حاليا مجلس إدارة الملتقى الثقافي الأهلي وهو أحد الأعضاء المؤسسين بأسرة الأدباء والكتاب، وهو إلى جانب ذلك عضو الهيئة التنفيذية للمنظمة العالمية للفن الشعبي «IOV» التابعة لليونسكو، ولعل عضويته الأخيرة هذه هي ما دعت «الوسط» لطلب لقائه للتحاور حول قضية الفن الشعبي، مجلة الثقافة الشعبية، وسر الاهتمام العالمي والبحريني بما يسمى بالتراث الثقافي غير المادي بحسب مصطلح اليونسكو.

بداية سألنا خليفة عن الاهتمام العالمي أولا والعربي ثانيا ثم البحريني بالثقافة الشعبية والتراث الثقافي غير المادي، وهل يأتي الاهتمام العربي امتدادا لحركة عالمية بهذا الشأن دُعمت بتأسيس المنظمة وانتهت بإعلان اليونسكو 27 أكتوبر/ تشرين الأول يوما عالميا للمحفوظات السمعية والبصرية

- الاهتمام العالمي بالتراث الشعبي بدأ منذ وقت طويل، منذ أواخر القرن التاسع عشر، كان الحديث حينها يدور حول الفولكلور وهي لفظة ألمانية تعني ثقافة الشعب أو حكمته.

أما الاهتمام العربي فقد بدأ متأخرا عن ذلك وكان من خلال دعوة أطلقها توفيق الحكيم لضرورة الانتباه للثقافة الشعبية التي تختلف عن تلك الثقافة الرسمية المدونة في الكتب، وهي ثقافة الشارع والبيت التي نحملها وتشمل تهويدات الأطفال، المواويل، العادات والتقاليد، الموسيقى، الأغاني، الأمثال الشعبية، الحرف والصناعات. كانت هذه ثقافة مهملة وكانت النظرة الرسمية لها دونية بل كانت تعتبر ثقافة العامة أو الرعاع، بل إن الجامعات كانت ترفض أي بحث أو دراسة ذي علاقة بالثقافة الشعبية.

بعد ذلك جاء الدكتور عبدالحميد يونس أستاذ الأدب الشعبي في جامعة القاهرة وهو أول من تبنى الفكرة ودعمها وألف كتبا في هذا المجال، الأمر الذي جعل من مصر إشعاعا للمنطقة وأسس لبداية انطلاقة حركة الاهتمام بالتراث الشعبي في العالم العربي.

اهتمام مصر جعلها تنشئ مركز الفنون الشعبية، الذي أصدر مجلة الفنون الشعبية وتخرج منه الكثير من الباحثين الذين تتلمذوا على يد عبدالحميد يونس ثم توجهوا لإتمام دراساتهم في الأدب الشعبي في أميركا وبريطانيا. هناك لمس هؤلاء اهتماما راقيا بهذا الجانب فلم يسعهم ما يحدث في العالم العربي فرحلوا من بينهم حسن الشامي رئيس قسم الفولكلور في جامعة انديانا وله تقريبا أكثر من 20 سنة هناك وتخرج على يديه الكثير من الباحثين، توفيق كرباج من لبنان ويقيم في الدانمارك وهو متخصص في علم موسيقى الأجناس اثنوميوسيكولوجي.

العراق أصبحت البلد الثاني بعد مصر وأصدرت مجلة التراث الشعبي العام 1954 وهي أول مجلة صدرت في هذا الشأن وتوقفت بسبب تقلبات الحرب. صدرت بجهد فردي ثم تبنتها وزارة الثقافة وهي تعتبر الآن من أوثق المصادر حول التراث الشعبي في الوطن العربي.

من كامب ديفيد إلى مركز التراث الخليجي

في منطقة الخليج أتى الاهتمام بعد خروج المستعمر البريطاني في السبعينيات وحين بدأت الحكومات تبحث عن كياناتها وعن تاريخها وعن تراثها الشعبي فبدأت عملية جمع التراث في هذه الكيانات الجديدة.

كذلك ساعد انتقال الثقل السياسي العربي من مصر إلى السعودية على إثر توقيع اتفاقية كامب ديفيد، على ظهور رغبة من قبل السعودية في أن يكون لها كيان ثقافي يوازي دورها السياسي. من هنا بدأ الاهتمام بالشعر النبطي وبالأمور التراثية والثقافة الشعبية.

الاهتمام بالثقافة الشعبية في منطقة الخليج أصبحت تتنازعه أهواء فكل دولة تجمع التراث الشعبي الخاص بها وتعزله عن باقي تراث الخليج، لكن الواقع هو أن تراث دول الخليج الشعبي واحد. هنا طرحت فكرة توحيد جهود الدول الأعضاء من خلال مركز تراث خليجي مشترك. كان ذلك أثناء انعقاد مؤتمر لوزراء الإعلام الخليجيين، وقد لاقت الفكرة قبولا ورحبت بها دولة قطر على وجه الخصوص. كان ذلك في أواخر السبعينيات وعلى الرغم من تحفظ بعض الدول على المشاركة إلا أني قمت بحملة صحافية أقنعت من خلالها المسئولين في هذه الدول بضرورة المشاركة ونقلت لهم الرغبة الشعبية لإيجاد مثل هذا المركز. هكذا تأسس مركز التراث الشعبي لدول الخليج العربي ومعه بدأ اهتمام علمي تخصصي في المنطقة لأول مرة بالتراث الشعبي. حتى أن الأمر حظي بقبول الجامعات العربية، وقام بعض المتخصصين أمثال حسن الشامي بعمل دورات تدريبية، كما أن بعض الدول ابتعثت الطلبة ليدرسوا هذا التخصص، مثل دكتورة شهرزاد حسن قاسم من العراق وهي في فرنسا الآن، دكتور طارق حسون فريد من العراق. هؤلاء بقوا هناك ولم يعودوا إلى الوطن العربي لأن الاهتمام الرسمي كان قاصرا جدا، الآن تغيرت الأمور صارت الجامعات تدرسه حتى لدينا في جامعة البحرين كما تم إدخال مقرر للثقافة الشعبية في مناهج الثانوية العامة.

أسسنا المركز في قطر العام 1981 وتوليت موقع المدير العام فيه وأصدرنا مجلة المأثورات الشعبية العام 1984 وظلت تصدر لغاية 1986. تركت المركز العام 1987 لأسباب خاصة، وظل مستمرا في نشاطه حتى إغلاقه العام 2005.

الشيء الجميل هو أنه مع تأسيس المركز أدركت الدول أن هناك شيئا مهمّّا يجب عليها القيام به من أجل التراث بدأ وعي حتى عند كبار المسئولين فبدأت وزارات الثقافة تعني بجانب التراث.

الآن هناك اهتمام على أعلى المستويات في بعض دول المنطقة فجلالة الملك في البحرين يهتم شخصيا بموضوع التراث وهناك محطات تثبت هذا الأمر مثل رعايته لمهرجان التراث الذي تقيمه البحرين منذ 17 عاما ثم هنالك وصل هذا التراث بالحركة العالمية للتراث.

ألكسندر فايكنغ... مهووس التراث

العام 1978 وبعد تأسيس المركز اتصل بي النمساوي الكسندر فايكنغ وهو شخص مهووس بالتراث، أخبرني عن رغبته مع مجموعة من الأشخاص في تأسيس منظمة للتراث الشعبي، ودعاني للانضمام إليهم، فتأسست المنظمة الدولية للفن الشعبي. مرت المنظمة بتقلبات كثيرة حتى تبنتها منظمة اليونسكو التي بدأت تهتم بموضوع التراث الثقافي بعد دخول كثير من المنظمات الدولية والأهلية في هذا المجال، وبعد قيام المنظمة ببعض النشاطات التي أقنعت اليونسكو لأن تجعلها إحدى المنظمات غير الحكومية التي تساعدها، هنا انتعشت المنظمة وأصبح لها كيان.

من جانبي وأثناء وجودي في مركز التراث الشعبي وصل نشاط المركز بالمنظمة فبدأ طور من التواصل أثمر عن كثير من النشاطات المميزة.

بعد إغلاق المركز ظل هاجس الفكرة وموضوع الساحة الثقافية العربية بشكل عام قائما وأنا وجدت أن هذا الموضوع يجب أن يكون موجودا ولذا من خلال عملي في منظمة التراث الشعبي استطعنا أن نقوم بإصدار هذه المجلة التي تتوزع الآن على 184 بلدا حول العالم وهي الدول الأعضاء في المنظمة.

اليونسكو وخطأ التراث غير المادي

كيف جاء مصطلح التراث الثقافي غير المادي، وما هو المقصود به، وما علاقته بقضية التراث الشعبي أو الثقافة الشعبية؟

- مع بداية توجه اليونسكو للاهتمام بالثقافة الشعبية، تم إنشاء إدارة الفولكلور، لكن تضارب عمل هذه الإدارة مع عمل إدارة التراث ما دعا اليونسكو لإنشاء إدارة خاصة لما يسمى بالتراث الثقافي غير المادي الذي يقصد به الممارسات والتصورات وأشكال التعبير والمعارف والمهارات وما يرتبط بها من آلات وقطع ومصنوعات وأماكن ثقافية التي تعد جزءا من التراث الثقافي. بعد ذلك أصدرت اليونسكو اتفاقية التراث الثقافي غير المادي، التي نشرناها في العدد الأول من مجلة الثقافة الشعبية. وفي اعتقادي فإن اليونسكو بحاجة لأن تعيد النظر في هذا المصطلح فالحديث عن تراث ثقافي غير مادي يلغي كثيرا من الأمور المادية التي يجب أن تكون مشمولة في واقع الأمر تحت نفس التصنيف.

من ناحية أخرى فإن التراث الشعبي أو الثقافة الشعبية يعنيان بأربع محاور هي الأدب الشعبي وهو يشمل الحكايات التي نسميها الحزاوي أو الخروفات والأمثال والأساطير والأهازيج والنصوص واللهجة، وهو محور ينتقل عن طريق المشافهة. المحور الثاني هو العادات والتقاليد والمعتقدات الشعبية ونحن هنا نتحفظ فنسميها المعارف الشعبية لاعتراض البعض على تسميتها معتقدات. المحور الثالث الموسيقى والرقص والحركات الإيمائية، ويشمل الغناء الشعبي والأهازيج المصاحبة لآلة أو بدون آلة. المحور الرابع هو الثقافة المادية وهي ثقافة البناء الأكل والحرف والصناعات.

مركز التراث الخليجي... ثروة فقدت

ما الفرق بين الجهود الحالية في المنظمة والجهود السابقة في مركز التراث الخليجي، وهل تأتي جهود المنظمة اليوم لتواصل ما بدأه المركز أم أنها تبدأ من الصفر؟

- الجهود مختلفة فالمركز كان مؤسسة حكومية تشرف عليها 7 دول وتمولها كانت كل دولة تدفع 19 في المئة من الموازنة عدا البحرين وعمان يدفعون 2.5 في المئة، وكانت موازنة المركز 13 مليون ريال قطري. من خلال المركز تمكنا من جمع مادة كبيرة، لكن أغلبها للأسف فقد بعد إغلاق المركز العام 2005.

أثناء عملي في المركز عقدنا الكثير من المؤتمرات من بينها مؤتمر الأدب الشعبي كيف يتم جمع مادته استضفنا خلاله متخصصين من جميع أنحاء العالم، ثم مؤتمر ثانٍ حول كيفية تجميع الموسيقى الشعبية، ثم مؤتمر العادات والتقاليد، ومؤتمر الحرف والصناعات والشعبية. المادة التي خرجنا بها من هذه المؤتمرات كانت مادة قيمة للغاية، وقد نتج عن هذه المؤتمرات أيضا عددٌ من الإصدارات والكتب، لكن للأسف معظم هذه المواد والوثائق فقدت بعد إغلاق المركز.

حكايتي مع بول أولسن

كيف جاء اهتمام علي عبدالله خليفة بقضية الثقافة الشعبية، وكيف أخذك ذلك للمشاركة في تأسيس المنظمة العالمية للفن الشعبي؟

- نشأت في بيئة بحرية قريبا من الفنون الشعبية التي تعرفت عليها في الدور وهي التي كانت بمثابة النوادي التي أسست بعد انتهاء فترة الغوص، إذ كان البحارة يتجمعون فيها ليسترجعوا ذكريات الغوص وفنونه. تولعت بهذه الفنون البحرية وكنت أتردد على الدور باستمرار وكان لي علاقة قوية بالعازفين. في العام 1965 زار البحرين البرفيسور الدانماركي بول أولسن وهو اثنوميوسيكولوجيست شهير، وقد جاء مصاحبا لبعثة التنقيب الدانماركية. أحضر معه مسجل «ناغرا» وهو أشهر مسجل في تاريخ التسجيل وهناك طلب من أحد عمال الحفر أن يسمعه موسيقى البحرين. العامل أحضره إليّ باعتباري متردد على الدور الشعبية، كنت حينها طالبا في الابتدائية وانجليزيتي ضعيفة ولم يكن التفاهم مع البروفيسور أمرا سهلا لكنني أخذته إلى الدور وهناك قام بعمل تسجيلات نادرة تعتبر اليوم أنقى وأثمن تسجيلات في تاريخ المنطقة كلها وهي موجودة في الدانمارك. وقد ألف هذا الرجل كتابا عن الموسيقى في البحرين ترجمته وزارة الإعلام إلى العربية.

هذا الرجل أعجبه الأمر وتكررت زياراته للمنطقة كما أنه أعطى كل الدارسين المهتمين بالمنطقة أسمي إذ أصبحت الدليل لهم. من بين هؤلاء سايمون جارجي وهو بروفيسور في جامعة سويسرا جاء إلى البحرين وقمت معه بنفس الدور.

كانت هذه بدايات اهتمامي بالتراث الشعبي لكني وجدت بعدها أن هذا الاهتمام يجب أن يكون له أساس علمي فبدأت أقرأ كتب عبدالحميد يونس ورشدي صالح وكل ما له علاقة بالتراث الشعبي. حتى جاء تأسيس مركز التراث الخليجي ومن ثم المشاركة في تأسيس المنظمة العالمية للفن الشعبي ومن ثم مجلة الثقافة الشعبية.

البحرين المقر الأفضل

اختيار البحرين مقرا لقيادة فرع المنظمة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وانتخاب مواطن بحريي لقيادة الفرع، بالتأكيد جاء ذلك بناء على منطلقات عديدة، وخصوصا أنه لا يتم على مستوى الدول الخليجية، بل على مستوى الدول العربية، بالتأكيد هناك دول تملك من المقومات ما تملكه البحرين من دول المنطقة، بل وربما تفوقنا في المقومات. حدثنا عن هذا الأمر، هل لكونك أحد المؤسسين اختيرت البحرين لتكون مقرا للمنظمة؟

- هناك 3 نقاط مهمة تجعل البحرين الأفضل لتكون مركزا للمنظمة أولا سبب إنساني، البحرين فيها فنون جاءت من إفريقيا مثل الليوة والطنبورة أهل البحرين أخذوا الفنون الإفريقية التي تناسب مزاجهم وأعادوا خلقها من جديد الطنبورة رقصة جنائزية أهل البحرين أخذوا الرقصة واستخدموها للفرح غيروا وظيفتها، حتى الفنون الأخرى تغيرت شيئا فشئيا. الجانب الإنساني هو أن البحرين شعب لديه أخلاق الجزر وأهمها القبول بالجديد والتأقلم معه واستيعابه فأنت كلما توغلت في الصحراء تتركز الفنون وتتأصل ففي نجد هناك العرضة والسامري ولا شيء آخر لكن كلما اتجهنا نحو الساحل تتنوع الفنون وتتعدد وتكون مزيج. فشعب البحرين أثبت أنه يستوعب ثقافات الشعوب الأخرى ويعيد صياغتها في بوتقته ويعطيها من روحه.

على مدى مشاركاتي في المنظمة كنت أريد أن أقدم باستمرار بأن منطقة البحرين منطقة التقاء حضارات وثقافات وعلى مدى الأيام، ثبت بأن البحرين هي المرتكز بالنسبة للتراث الشعبي وهذه الخاصية موجودة، عدا عن قبول الآخر ووجود كنائس في البحرين من قديم الزمان ووجود لغات وأجناس والتعايش مع جميع هذه الأجناس أعطى خاصية للبحرين.

قوة التواصل جعلت البحرين هي الأفضل، هناك مناطق آمنة والحياة فيها مستمرة والتواصل فيها سهل فمن يأتي من أستراليا سيمرّ البحرين في طريقه إلى إفريقيا فهي نقطة تواصل بين الشرق والغرب على المستوى الجغرافي فهذه خاصة قوية وهذا أحد الأسباب التي تم عليها اختيارها كمركز للمنظمة.

جهود مشتتة وأعمل صامتا

كيف تجد الجهود العربية اليوم في مجال جمع التراث، وكيف هي مساهمة البحرين من خلال المكتب الإقليمي للمنظمة في هذه الجهود، موسوعة الفولكلور العربي مثالا، هل تساهم البحرين في هذا المشروع؟

- بالأمس قرأت عن مشروع لتسجيل ذاكرة العالم العربي تتبناه مكتبة الإسكندرية، وهذا مشروع جيد لكنه مشروع شخصي، المشكلة لدينا في العالم العربي هي أن كل طرف يعمل بمعزل عن الأطراف الأخرى ليس هناك تنسيق، ثم أن العمل ينتهي بمجرد انتهاء الحدث. ليس هناك عمل جاد.

الجهود البحرينية نقوم بها من خلال فرق تجمع المواد ثم تقوم بتفريغها، لدينا الآن 7 فرق عمل لكن لا يمكننا الإعلان عنها لأننا نريد أن نعمل بصمت وهدوء وإلا سوف تتدخل أطراف كثيرة ستقول إننا لا نمثل جهة رسمية وأنها الجهة الرسمية التي يجب أن تقوم بهذا الأمر، لكنها لن تقوم بأي عمل في هذه الاتجاه. نحن نؤسس فرقا بالتعاون مع عدة أطراف من بينها جامعة البحرين قسم الاجتماع، قسم الانثروبولجي، قسم التراث الشعبي نعطي الطلبة مادة يجمعونها ونعطيهم مكافأة.

لدينا الآن فرق متعددة تعمل على موضوعات مختلفة، المشكلة أننا نبدأ كل شيء من جديد، الاستمرار غير موجود. مركز التراث الشعبي بدأ ثم انقطع، معهد الفنون في مصر لا يقوم بعمله بالشكل صحيح، مجلة المأثورات في العراق متوقفة، هناك فوضى وعدم جدية وكل شخص مسئول يجمع بحسب ما يشاء لكن ليس هناك عمل علمي منظم تشرف عليه جهة رسمية. الأمر يحتاج لمتخصصين وعلماء فحين أريد أن أدرس أغاني البحر فأنا محتاج لمتخصص في علم موسيقى الأجناس. لدينا رقصات انقرضت، لدينا فنون ذهبت، ليس لدينا الآن نهام بحريني، الناس يغنون فقط لكن ليس بحسب الأصول، الآن الآمل معقود على دعم جلالة الملك وهو دعم طيب يقدم للمجلة لكني بناء على تجربتي في مركز التراث الشعبي أتحرك بحذر شديد ففترة 10 سنوات في قطر ليس بالأمر الهين لكن التجربة بكل جهدها وتعبها والظروف الصعبة التي عايشتها ذهبت هباء. عدنا وليس في يدنا شيء، سوى المجلة والكتب التي أصدرت، هذه المادة التي جمعت ذهبت ولا يمكن أن تعوض لأن الأشخاص الذين رووها ماتوا. أنا الآن لا استطيع أن أسجل أغاني الغوص في البحرين، أخجل، فهذه الأغاني تغيرت، تمسرحت أصبحت تقدم على المسرح تغيرت أضيفت لها عناصر جديدة، استخدمت فيها أدوات مختلفة، المشكلة الكبرى أيضا هي أن هذه الأمور بحاجة لجهود حقيقية وإيمان داخلي بأهمية هذا التراث.

تقنية صحيحة وشحة في الموظفين

وما هي التقنية التي تستخدمونها في تجميع المعلومات؟

- تجمع المادة شفويا من راويها وتسجل بصوته. في البداية كنا نسجل على بكرة ثم على كاسيت الآن صرنا نستخدم الأجهزة التقنية الحديثة نوصلها بالكمبيوتر لكن لانزال نواجه مشكلة في التفريغ لدينا نظام يقوم بتحويل الكلام إلى مادة مكتوبة لكن مشكلته هو أن البيئة التي يتم الحديث فيها يجب أن يعرفها النظام، ونحن نتنقل من بيئة إلى أخرى والراوي يتغير، نسبة الخطأ ضئيلة لكنه لا يصلح لعلمنا نحن الآن نقوم بالعملية التقليدية، نسجل المادة ونفرغها عن طريق الكمبيوتر، المرحلة الأولى هي التسجيل ثم التفريغ ثم تأتي عملية التصنيف للمادة وتحديد ما إذا كانت تأتي تحت باب الأدب الشعبي أم أنها تقع تحت نص أغنية أم تتحدث عن العادات والتقاليد أم حكاية شعبية، وإذا كان للمادة تصنيف دولي فيجب استخدام رقم التصنيف الدولي كالحكايات الشعبية العالمية. عملية التجميع والتدوين والتحقيق من الرواية التي تروي بشكل مختلف من راوي لآخر، فإما تصل إلى نسخة واحدة أو أن تسرد الروايات جميعها وتنسبها لرواتها مع تحديد تفاصيل كل راوي. ثم تأتي عملية الفرز والتصنيف ثم التطبيق. تمر العملية بست مراحل ونحن نقوم بهذا العمل لكن ينقصنا الموظفون. نحن نعمل تحت مظلة قانونية فلدينا مؤسسة مسجلة بشكل رسمي لكن عملنا يحتاج لهدوء.

الباحث البحريني... موجود!

أين الباحث البحريني في المجلة، ما هو موجود إما ترجمات، استعراض كتب، كتابات صحفية، وما بدا كأنه بحث جامعي، هل تعاني البحرين من شحة في الباحثين، حتى الأسماء التي يتوقع منها أن تقدم بحوثا، بدت مشاركاتها أقل تخصصية إذا قورنت بالمشاركات العربية؟

- أولا يجب أن تعرفي أن هذه المادة جديدة على البحرين من يجمعون عددهم كبير لكن مادتهم غير أكاديمية ويجب إدخالها وإعادة صياغتها. بعض البحوث قدمت من قبل طلبة جامعة ونحن نهتم بهؤلاء الباحثين ونقوم بتدريبهم لنجعل منهم رؤساء فريق. حاولنا مع وزارة التربية إدخال المادة التراثية في المنهج ، ونحاول إقناع الوزارة تخصيص 5 منح لدراسة الفولكلور، لو تمكنا من عمل ذلك ضمنا وجود 15 باحثا خلال سنوات قليلة.

مهرجان الفنون الشعبية ... خدمة للوزارة

جاء المهرجان الثاني للفنون الشعبية الذي استضافه فرع المنظمة بعد أسابيع قليلة من مهرجان فنون الشعوب الذي احتضنه عدد من المسارح، لماذا لم يتم التنسيق بين الجهتين لإقامة مهرجان مشترك، وخصوصا أن الأخير بدا وكأنه ضم فعاليات أكبر وحصل على زخم أكبر في الصحافة، في حين أعلن عن الأخير باستحياء عبر المؤتمر الصحفي، وأقيم على مدى يوم واحد ولم يستضف سوى 3 دول؟

- لا علاقة بين الاثنين ونحن من خلال المنظمة أردنا أن نخدم الوزارة ونقدم للبحرين خدمة سألنا الوزارة عن حجم الإنفاق على احتفال العيد الوطني وعرضنا عليهم أن نحضر الفرق إلى البحرين. في العام الماضي أحضرنا 3 دول في هذا العام كان يفترض حضور أربع دول لكن دولة اعتذرت. في العام الماضي عملنا المهرجان الأول للفنون الشعبية ونجح، وهذا العام نجح ونتمنى أن يتم تقديمه في العام المقبل. نحن نحضر الفرق مجانا، التذاكر على حساب المنظمة، فقط تستضيفهم البحرين. وذلك احتفالا بالعيد الوطني، جلالة الملك سعيد جدا بهذا الأمر وأنا أعتقد إذا استمر المهرجان سنكون على الخارطة قريبا لكن المهرجان لا يزال صغيرا وبحاجة إلى صبر.

فرقة رسمية للفنون الشعبية

المنظمة تسعى لنشر ثقافة السلام بين الشعوب عبر التبادل لأنشطة الثقافات المتنوعة، ماهي جهود المكتب في الترويج للثقافة البحرينية وفي تصدير ثقافتنا؟

- البحرين مطالبة بأن تؤسس فرقة رسمية للفنون الشعبية وأن يكون هناك مصمم عالمي يأخذ فنوننا ويعيد تصميمها، تماما مثل الفرقة الشركسية التي قدمت أداء جميلا في هذا المهرجان بالرغم من أنها تقدم فولكلور شعب شبه منقرض لكنه يحتفظ بفولكلوره من خلال هذه الفرقة وتتكون من 48 راقصا قدموا عروضا مذهلة، وهذه الفرقة مدعومة. ونحن بحاجة لأن نؤسس فرقة وطنية للفنون الشعبية على أعلى مستوى تتبناها الدولة ويكون لها مصمم للرقصات يستوحي من فنوننا الشعبية تصاميم جديدة ونقدمها للعالم، لماذا لا نشارك في هذا المهرجان ونكون على الخارطة المفروض أن يتم ذلك ونحن نسعى ونحاول أن نجد منافذ لتحقيق هذا الأمر قدمنا مشاريع وسوف نقدم المزيد وسوف نقدم حلولا ونتمنى أن ننجح في مساعينا.

مخلص لتجربتي ولا يهمني النقد

هناك تحول كبير في تجربتك الشعرية من أول ديوان إلى آخره فهناك انتقال من الموضوعات التي تسودها روح الثورة والتمرد إلى موضوعات الفرح والحب والسعادة. ما الذي حدث وهل الأحلام التي دافعت عنها في مرحلة السبعينيات تحققت أم أنها لم تعد قائمة فانتقلتم إلى مرحلة الحب وأحلامه؟

- طبيعة الحال أن المرحلة الأولى في حياة أي إنسان هي مرحلة الثورة والغليان والحلم كنا نعتقد أننا بالشعر سوف نغير العالم، كل مرحلة عمرية لها ظروفها وكثير من الأِشياء التي دافعنا عنها تحققت ليست كلها وليس بنفس الحجم لكن أنا أشعر أن حياتي أفضل مما كنا عليه يوما ما، كنا نكتب قصيدة فنسجن، نسافر لمؤتمر ونعود فيحقق معنا ونسجن، كان الشك يلاحقنا في كل مكان بأننا سنفسد العالم. بالتأكيد التطور ينسحب على الوجدان وكلما كبر الإنسان ينحو نحو التأمل ونحو اختزال الأشياء. أنا الآن في مرحلة عشق للحياة وأشعر أننا يجب أن نعيش في سلام وهدوء، هذا التحول حقيقي وطبيعي.

ثم إني منذ بدايتي في تجربتي الشعرية كنت مغايرا عن زملائي أتذكر حين أصدرت العطش الأخير كنت محاكما لأني كتبت شعرا لحبيبتي من قبل زملائي، جميعهم كانوا يكتبون عن الثورة.

أنا دائما مخلص لتجربتي والشعور الذي أكتب به، بغض النظر عن كونها جيدة أم لا، وأن تعجب النقاد أم لا المهم أن أعبّر عما بداخلي بصدق وأن أنقل شعوري بدون تزييف ودون مجاراة أنا أقول رأيي دون أن أسقط رأي الآخرين


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/36105.html