صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 1022 | الخميس 23 يونيو 2005م الموافق 18 رمضان 1445هـ

التاريخ لا ينسى

الكاتب: جعفر الجمري - jaffar.aljamri@alwasatnews.com

الأقلام مدفوعة الأجر، والتي لم تعد صالحة لأن تقرأ وتتابع حتى من قبل السلطة، لمعرفتها المسبقة بمحتواها، ولأنها استنفدت كذبها وتملقها ووصوليتها وإخلاصها الذي يقيم بالدرهم والدينار، مازالت تراهن على الدور ذاته الذي لعبته في سنواتها السمان.

أحدهم ينهي مقالا في الحضيض متندرا على حال الانفتاح والديمقراطية "مطالبا بإسقاطهما"، طالما أنه لا يفتح فمه، وآخر يتباكى على ما يسميه الانضباط وهيبة الأمن اللذين أفل نجمهما، وآخر يبدأ مقالاته الصفراء بعبارات لكتاب غربيين يصر على توريطهم - والبعض منهم أموات - فيما يثرثر به وينعق. أعمدة ومقالات لا تحتاج إلى مجهر كي تحدد فصيلة دم وضمير صاحبها، من دون أن تنسى اللازمة المقرفة: "تنفيذ أجندات بعيدة عن الأهداف المعلنة"، في موقف يقطر تهييجا وتحريضا، وهم الذين يتساءلون عن إمكان العودة إلى المربع، والمثلث والمستطيل الأول وكل أشكال فوضاهم.

لكأنه وطنهم وحدهم، ووحدهم من يخشون عليه، وفي الصميم من اهتمامهم، تراهم ناحلي الأجساد مصفري الوجوه لفرط السهر والمكابدة والقلق عليه! نفوسهم عفيفة لم تمتد أيديهم إلى حرام قط، ولم يأكلوا لحم إخوتهم وهم أحياء، ولم يسهموا في الصورة القاتمة التي حملها العالم عن الوطن في فترة من الفترات، صمدوا طويلا أمام الإغراءات والرشا والليالي والأمكنة المشبوهة، دفعوا ضرائب فادحة كي يرى المشروع الإصلاحي للعاهل النور، ولم يسهموا في سلق مؤامرات، ولم يتدافعوا لمانشيتات تقطر حقدا وتحاملا، ولنقلها صريحة: خلاعة!

ويحق للوطن بعد ذلك أن يهنأ بهكذا حرس بلا ذاكرة، وكأن ما حدث وما اقترف وما كتب وما قيل لم يكن، كأنه أضغاث أحلام، كأنه برنامج ثقيل الدم لكاميرا لم تعد "خفية" على أحد! فقط ليتهم يتذكرون: أن التاريخ لا ينسى


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/470058.html