صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 3258 | الإثنين 08 أغسطس 2011م الموافق 18 رمضان 1445هـ

«تقصي الحقائق» ستحقق في ادعاءات وفاة حالتين من «مسيلات الدموع»... بسيوني لـ «الوسط»:

المتهمون الـ 21 لم يحوزوا حقوقهم بالكامل وسنعرضهم على أطباء من الخارج

أكد رئيس اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق محمود شريف بسيوني أنه تبين للجنة خلال زيارتها للمتهمين الـ21 في قضية قلب نظام الحكم في سجن قرين، أن المعتقلين لم يحوزوا حقوقهم الإجرائية كما كان يجب من ناحية تمكينهم من الدفاع عن أنفسهم بصورة مبدئية، لافتاً إلى أن لجنته ستزور المعتقلين الـ 21 مرة أخرى بغرض عرضهم على أطباء شرعيين من الخارج بعد إدعاءاتهم بتعرضهم للتعذيب.

وفي مقابلة عبر الهاتف أجرتها معه «الوسط»، نوه بسيوني إلى أن لجنته ستحقق في ادعاءات بوجود حالتي وفاة نتيجة الاستخدام المفرط لغاز مسيل الدموع، موضحاً في الوقت نفسه أن تصريحاته السابقة والتي وصف فيها تجاوزات بعض رجال الأمن بـ «تصرفات شخصية»، تم تفسيرها بأسلوب خاطئ، لافتاً إلى أن ما قاله في هذا السياق جاء بحسب ما تبين للجنة حتى الآن، وأن ذلك لا يعني عدم وقوع تجاوزات، وإنما هناك تجاوزات عديدة وليست قليلة.

وفيما يأتي نص المقابلة التي أجرتها «الوسط» مع بسيوني:

تم يوم الأحد الماضي (7 أغسطس/ آب 2011) الإفراج عن عدد من المعتقلين على ذمة الأحداث الأخيرة التي شهدتها البحرين، والمعروف أن لجنتكم دعت للمطالبة بالإفراج عن هؤلاء المعتقلين، فعلى أي أساس طالبتهم بالإفراج عنهم؟

- من المفترض أنه تم الإفراج عن 137 معتقلاً، وأساس طلبنا الإفراج عنهم أنه تم القبض عليهم بتهمة جنحة، وهذه التهمة عقوبتها القصوى 6 أشهر، في حين أن هؤلاء المعتقلين كانوا موقوفين لمدة 3 أو 4 أشهر، ونتيجة للإجازة القضائية التي تمتد لشهري أغسطس وسبتمبر/أيلول، كانت النتيجة أنهم وقبل أن يحاكموا، سيكون قد مر على إيقافهم مدة ستة أشهر في السجن. ولذلك أبلغت النائب العام أنه ليس من العدالة أن يبقى هؤلاء معتقلين في السجن مدة شهرين أثناء عطلة الإجازة القضائية قبل أن يقدموا للمحاكمة، إذ إنه إذا صدر عليهم حكم قضائي، ستكون العقوبة القصوى ستة أشهر، وقد يكونون هم قد قضوا المدة أصلاً، بل من المحتمل أن تكون مدة العقوبة بين شهر وثلاثة أشهر، وهم قد استغرقوا هذه المدة في السجن حتى الآن، وبالتالي تكون العقوبة قد انقضت.

هل هناك معتقلون آخرون، بخلاف المتهمين في قضايا الجنح، طالبتم بالإفراج عنهم؟

- المتهمون بقضايا الجنح تم المطالبة بالإفراج عنهم للأسباب التي شرحتها، أما الأشخاص الذين حولوا من القضاء العسكري إلى القضاء المدني وعليهم جنايات، فطلبنا من النائب العام أن يعيد النظر في الإفراج عنهم حتى وإن كانوا قد ارتكبوا جناية بناءً على الأدلة الموجودة في ملفاتهم. وهذا يعني أنه إذا كانت الأدلة ضعيفة، فبالتالي يستحسن الإفراج عنهم بدلاً من أن يقضوا شهرين في السجن أثناء هذه العطلة، وخصوصاً أنهم كانوا في السجن قبل ذلك في القضاء العسكري.

من هؤلاء المعتقلون، وهل من بينهم أطباء؟

- عدد مختلف من المعتقلين، ولم نفرق بينهم، وإنما نظرنا إليهم بحسب التهم الموجهة إليهم.

كيف تتابعون ملف الأطباء المعتقلين؟

- هناك عدد قليل من أفراد الطاقم الطبي الذين مازالوا معتقلين، بعد أن كان عددهم نحو 48 معتقلاً، وعدد محدود منهم حوكموا عسكرياً، وأحكامهم الآن باتت تحت نظر محكمة التمييز، وذلك بعد صدور القرارين الملكيين رقم «48» و «62» اللذين يقضيان بإحالة هذه القضايا للقضاء المدني وإعطاء الحق للأشخاص الذين حكم عليهم في القضاء العسكري أن يطلبوا إعادة النظر في القضية أمام محكمة التمييز المدني، وعدد هؤلاء الأشخاص الذين حكم عليهم والذين ستنقل قضاياهم إلى القضاء المدني أقل من 20 معتقلاً.

هناك حديث عن أن عدداً من المعتقلين سيقدمون خطاباً للمسئولين يطالبون فيها بإلغاء التحقيق الذي تم معهم من قبل النيابة العسكرية، وأن تتم إحالتهم للمحكمة العادية بحضور ممثل عن لجنتكم ومحاميهم، فهل يحق لكم حضور التحقيق؟

- في حال قررت النيابة إعادة التحقيق فمن حقنا حضور جلسات التحقيق.

ما هي نتائج زيارتكم إلى سجن قرين ولقائكم بالمتهمين الـ 21 في قضية محاولة قلب نظام الحكم؟، وكيف تقيمون أوضاعهم في السجن؟، وما هي تعليقاتكم على إجراءات محاكمتهم؟

- كنظرة ابتدائية وليست نهائية، من الواضح أن المعتقلين لم يحوزوا حقوقهم الإجرائية كما كان يجب من ناحية تمكينهم من الدفاع عن أنفسهم، كما أن المحامين لم تتحين لهم الفرصة للاتصال بموكليهم وإعطائهم فرصة التقدم بالدفاع عنهم وتقديم الأدلة. إذ كان هناك نوع من العوائق الداخلية التي منعت هؤلاء الأشخاص من اتصال محاميهم بهم، ولم يتمكنوا من تقديم الأدلة قبل بداية المحاكم بفترة كافية للدفاع عن أنفسهم.

لذلك أعتقد أنه كان هناك كثير من الإجراءات التي تخالف قانون الإجراءات الجنائية المدني الذي يطبق في القضاء العسكري، وكل هذا سيقدم إلى محكمة التمييز المدنية لإعادة النظر في قضاياهم من جديد.

كانت هناك ادعاءات بتعذيب المعتقلين الـ 21، فهل تأكدتم من هذه الادعاءات أثناء زيارتكم لهم؟

- حتى الآن لم نستطع التحقيق في ذلك، ولكننا سنعيد زيارتهم مع أطباء شرعيين من الخارج للكشف عليهم والنظر في أي أضرار قد نتجت عن سوء المعاملة في السجن.

...هل سيتم عرض بقية المعتقلين أيضاً على أطباء شرعيين؟

- سنبدأ بمجموعة الـ 21، ولكن في الوقت نفسه سنمد ذلك لأي شخص معتقل يقول إنه عُذب.

هل قمتم بزيارة المعتقلين من أفراد الطاقم الطبي؟

- نعم، زارهم اثنان من فريق المحققين، وكانت ملاحظاتهم الأولية أن المعتقلين اشتكوا أيضاً من المشكلة الإجرائية وفي أنهم لم يعُطوا حقوقهم الكافية في الدفاع عن أنفسهم. ولاشك في أننا سننظر في ملفاتهم، كما أن جميع ملفاتهم ستعرض على محكمة التمييز، ولكننا لا نستطيع أن نبدي أي رأي قبل أن تبدي محكمة التمييز حكمها في الأمر.

تدخلتم قبل أيام للإفراج عن أشخاص من مركز شرطة البديع، فما هي ظروف اعتقالهم وظروف مطالباتكم بالإفراج عنهم؟

- البداية حين علمنا أن هناك تظاهرات في منطقة بني جمرة وتدخلت قوات الأمن لوقفها، وبناءً عليه ألقي القبض على عدد من الأشخاص بتهمة التظاهر. وعلى ضوء ذلك أرسلنا محققين عن اللجنة لمركز الشرطة التي كانت مسئولة عن القبض على هؤلاء الأشخاص، ووجدنا أن من تم اعتقالهم هم شباب أعمارهم أقل من 17 عاماً وعددهم ثمانية أشخاص، واستطعنا بالاتصال مع وزارة الداخلية أن يُطلق سراحهم، وكان من بينهم شاب عمره 14 عاماً، بدت على جسمه حروق بأعقاب السجائر، ولذلك تم إيقاف الضابط المسئول وصدر أمر بإلقاء القبض عليه، وأوقف جميع رجال الأمن الموجودين هناك، وتم الإفراج عن هؤلاء الأشخاص.

في تصريحات لك بثتها وكالة «رويترز»، وصفت خلالها تصرفات بعض رجال الأمن تجاه المعتقلين وممارستهم للتعذيب، بـ «تصرفات شخصية»، وهو ما أثار ردود فعل متباينة في المجتمع البحريني، واعتبره البعض بأنه توجه لعدم إدانة أية جهة فيما يتعلق بادعاءات التعذيب، وأنه بمثابة قفز على نتائج عمل اللجنة التي بدأت عملها للتو، فما تعليقك على ذلك؟

- هذا التفسير خاطئ، وما قلته في هذا الإطار كان القصد منه أنه في كل تعاملنا مع الجهات الرسمية، وخصوصاً وزارة الداخلية، لم تكن هناك أية تعليمات من القمة أو القيادة بالتعذيب، كما أنه لم تكن هناك سياسة منهجية للتعذيب، ولكن هناك حالات عديدة من التعذيب.

ويجب أن يكون واضحاً الفرق بين السياسة المنهجية للتعذيب، وهذا له معنى قانوني، وبين الأفعال الفردية. فحتى الآن في كل الحالات الفردية التي سمعنا عنها وأبلغناها لوزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، فإنه أمر بالفور باتخاذ إجراءات بالتحقيق وإيقاف الضباط الذين اتهموا بالتعذيب، وفي بعض الحالات تم القبض على بعض الضباط.

وبالتالي هذا التجاوب من وزير الداخلية يدل على أنه لا توجد منهجية أو سياسة ممنهجة من القمة بالمفهوم القانوني.

ويجب أن أؤكد هنا على أمرين، أولاً أن ما قلته في هذا السياق جاء بحسب ما تبين لنا حتى الآن، وثانياً أن ذلك لا يعني عدم وقوع تجاوزات، وإنما هناك تجاوزات عديدة وليست قليلة.

هل تم حصر هذه التجاوزات من قبل لجنتكم؟

- لا يوجد عدد معين، وإنما نعتمد على ما يرد إلينا من شكاوى.

هل سيكون للجنتكم الحق في الاطلاع على نتائج ما توصلت إليه وزارة الداخلية من تحقيق مع رجال الأمن الذين خالفوا الصلاحيات الممنوحة لهم أو مارسوا التعذيب مع المعتقلين؟

- لنا الحق بالنظر في نتائج هذه التحقيقات، ولكن ملاحظاتنا أبلغناها للوزارة خلال الأسبوعين الماضيين فقط، وما نعرفه حتى الآن أن التحقيق كان في 30 حالة، وبعد الملاحظات التي وجهناها في إطار عملنا، ارتفعت الحالات التي تحقق فيها الوزارة إلى 35 حالة.

ويجب أن أوضح أننا في اللجنة لسنا من نطلب من وزارة الداخلية القيام بعملية التحقيق، وإنما يقتصر دورنا على إبلاغهم بوقوع تجاوزات من رجل أمن معين في مكان معين.

أكدتم في وقت سابق أن ملفات وزارة الدفاع لن تكون فوق القانون، فهل بدأتم بمراجعة ملفات وزارة الدفاع؟

- نعم، بدأنا النظر في الملفات التي كانت لدى القضاء العسكري.

كيف تقيمون تعاطي الجهات الرسمية مع لجنتكم؟

- حتى الآن، تعاملنا مع وزارة الداخلية والنائب العام، وهناك تجاوب كامل من جهة النائب العام العسكري، كما أن هناك تجاوباً تاماً حتى الآن فيما يختص بطلباتنا بشأن الملفات الخاصة ممن حُكم عليهم في القضاء العسكري وفي طلب بعض البيانات الأخرى، ولكن ستتضح الأمور في هذا الشأن في المستقبل.

اشتكى عدد من أهالي القرى مما أسموه بـ «العقاب الجماعي» نتيجة معاناتهم جراء الاستخدام المفرط لغازات مسيلات الدموع، وادعوا أن هذا الأسلوب تسبب في وفاة مواطنين، من بينها حالتا وفاة على الأقل وقعتا بعد بدء اللجنة لعملها، فهل تم التحقيق في هاتين الحالتين من قبل لجنتكم؟

- بلغتنا وجود حالتي وفاة في هذا الشأن، إحداهما لسيدة كانت معوقة، تعرضت للاختناق نتيجة وصول غازات مسيلات الدموع لداخل منزلها، ولاشك في أننا سننظر في هذين الملفين اللذين سيكونان من ضمن حالات الوفيات جراء الأحداث التي سننظر فيها، والبالغ عددها 35 حالة وفاة.

هناك ادعاءات بتعرض شاب لعدة كسور وجروح في أجزاء متفرقة من جسمه، نتيجة الاعتداء عليه من قبل رجال الأمن ومن ثم رميه في الشارع، وهو الأمر الذي نفته الجهات الأمنية عبر تصريح رسمي صادر عنها، أكدت فيه أن الشاب تم الاعتداء عليه من قبل مجهولين، فما تعليقكم على ذلك، وخصوصاً مع ما تردد أن لجنتكم قامت بزيارة للشاب حيث يرقد في مجمع السلمانية الطبي؟

- من المحتمل جداً أن أعضاء فريق المحققين ينظرون في أمر هذا الشاب.

على رغم تصريحات سابقة لك أكدت خلالها أن جلالة الملك وعد بإرجاع المفصولين إلى أعمالهم، إلا أنه لم يطرأ أي جديد في هذا الشأن، بخلاف عدد من العاملين في شركة «ألبا»، وعلى رغم التصريحات الرسمية بعودتهم، إلا أن هذه التصريحات لم تُطبق بعد على أرض الواقع، فما تعليقك على ذلك؟

- هناك أمر عجيب بالنسبة لي، لأنه صدر قرار من جلالة الملك بإنهاء الفصل وإعادة الأشخاص الذين فُصلوا، وإن تطلب الأمر أن يكون هناك تحقيق في حالات الفصل، ولكن تصلنا حتى الآن بيانات من أشخاص مختلفة تبين أن الفصل مستمر، وأن الذين فصلوا قبل ذلك لم يعيدوا إلى أعمالهم، وهذا يعني أن الأمر الملكي لم ينفذ.

وصحيح أن ليس من صلاحيتنا أن ننظر في عمل الحكومة داخلياً وما إذا كانت تنفذ أوامر الملك أم لا، ولكننا من دون شك سنضم هذا الأمر في تقريرنا


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/582039.html