صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 3528 | الجمعة 04 مايو 2012م الموافق 18 رمضان 1445هـ

قاسم: الشعب متمسك بالإصلاح والتغيير... والمحمود: دول الخليج مدعوة لتحقيق المساواة التي تؤكدها المواثيق الدولية

قال إمام وخطيب جامع الإمام الصادق (ع) في الدراز، الشيخ عيسى أحمد قاسم إن: «الحلَّ الوحيد هو تحقيق مطالب الشعب، وكلّ محاولات اللفّ والدوران وكلّ أساليب العنف والشدّة والقسوة لا تجدي شيئاً».

ورأى قاسم، في خطبته أمس الجمعة (4 مايو/ أيار 2012) أن الذي أطلق الحراك السياسي الواسع في البحرين، هو الظلم للشعب «والإمعان في الاستخفاف بحقوقه، وقهر إرادته، والإعراض عن كل دعوات الحوار الجادّ المُنطلقة من شخصياتٍ وجمعيات سياسيّةٍ مخلصة من أبنائه، ونهب أراضيه والتضييق على لقمة عيشه، ومصادرة حقّه السياسي في صوغ الدستور، وانتخاب مجلسه النيابي انتخاباً حرّاً عادلاً قائماً على قاعدة: صوتٌ واحد لكلّ مواطن... وإعلامٌ رسميٌّ تحريضيٌّ يهزأ بأبناء الشعب ويُكيل لهم الاتهامات جُزافا ويبثّ الفتنة ويشقّ ويعمّق ظاهرتها، فسادٌ اقتصاديٌّ واجتماعيٌّ وإداريٌّ وأخلاقيٌّ وعبثٌ بقِيَم الدين».

وأضاف «أطلق هذا الحراك السياسيّ عذابات الشعب، معاناة الشعب، دين الشعب، ضمير الشعب، ونفاد صبر الشعب، احترام الشعب لذاته، إحساسه بتحدّي إنسانيّته».

وذكر أن «كلّ أسباب هذا الحراك كانت جاهزة محليّاً لا تحتاج إلى استيرادٍ ولا إضافة... ومضى على الحراك اليومَ أكثر من سنةٍ وشهرين، وكلّ الأسباب التي وُلد في أحضانها وألهبت شرارته لم يتغيّر منها شيء، وما أضيف إليها من انتهاكاتٍ جديدةٍ بشعةٍ في العام الماضي مازال ينصبّ على رؤوس الشعب ليحوّل حياته إلى جحيم».

وأشار قاسم إلى أنه لم يتصحّح شيءٌ على الأرض في أيٍّ من الوضع السياسي والوضع الحقوقي، على رغم كلّ ما قيل وما يُقال على لسان الإعلام و الدعاية الفارغة، وإذا بقيت العلّة بقي المعلول».

وأكد أنه «مادامت الأسباب التي انطلق منها الحراك باقية؛ فالحراك باقٍ، قيامٌ لا قعود بعده ونهضةٌ لا يعتريها فتور، هذا ما يقوله بقاء الظلم ومصادرة الحريّات وتهميش الإرادة الشعبيّة، والانتهاكات المتعدّدة وتغييب الشرفاء في السجون، وإغراق المناطق السكنيّة بالغازات السامّة، وإذلال العمّال والموظّفين والطلاب والمربّين، وقبر المسألة السياسية برمّتها، والتي لا حلّ إلا من خلال حلّها».

وأضاف «هذا ما يقوله إباء الشعب وإيمانه بضرورة الإصلاح والتغيير وما تدعو إليه الضرورة وتنادي به مصلحة الوطن وما تقف وراءه الإرادة الحديدة للشعب وإصراره وصموده وصبره واستماتته في الدفاع عن موقعه وحريّته وحقوقه، وما يتمتّع به من روحٍ تضحويّةٍ تصرّ على الحقّ ولا تعرف العدوان وتستهدف الإصلاح ولا تريد في الأرض الفساد».


المحمود: دول الخليج مدعوة لتحقيق المساواة التي تؤكدها المواثيق الدولية

من جهته، أكد إمام وخطيب جامع عائشة أم المؤمنين الشيخ عبداللطيف المحمود أن «دول مجلس التعاون الخليجي اليوم مدعوة أكثر من أي يوم آخر، إلى أن تقف مع الدول العربية والدول الإسلامية، لإعادة التوازن في الإعلانات الدولية بين حقوق الإنسان الفرد وحقوق المجتمع، الذي يعيش فيه هذا الإنسان، لنحقق لجميع البشر الحق في العيش الآمن والعدالة والمساواة والكرامة التي تدعو إليها المواثيق والمعاهدات الدولية».

وعبّر المحمود، في خطبته أمس (الجمعة)، عن وقوفه مع حقوق الإنسان وضد انتهاك حقوق المجتمع، مؤكداً «لسنا ضد حقوق الإنسان التي قررتها الأمم المتحدة وتصدق عليها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، لكننا ضد أن تستخدم المنظمات العالمية لحقوق الإنسان هذه الحقوق دون اعتبار لحقوق بقية أفراد المجتمع في العيش بسلام وأمن وأمان».

وتحدث المحمود عما وصفه بـ «استغلال بعض الدول الغربية حقوق الإنسان للوصول إلى أطماعهم السياسية»، مشيراً إلى أننا «نرى في زماننا هذا كيفية استغلال حقوق الإنسان للدفاع عن مرتكبي الجرائم في حق المواطنين والوطن ولا يأبهون بها لأنهم يريدون أن يستثمروا حقوق الإنسان للوصول إلى أطماعهم السياسية؟».

وقال: «رأينا في الفتنة التي مررنا بها موقف بعض الدول من الوقوف مع حق المعتدين في المحاكمة العادلة بدعوى تطبيق حقوق الإنسان دون اعتبار لحق المجتمع في الحصول على الأمن والأمان والاستقرار والسلم الاجتماعي».

وذكر أن «بعض الدول الكبرى اتخذت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقيات حقوق الإنسان وحقوق الطفل وحقوق المرأة للضغط على الدول التي تريد أن تفرض عليها سياساتها أو تغير من أنظمتها أو تغير من حكامها أو تغير حدودها ومصير شعوبها».

وفي سياق خطبته؛ حذّر المحمود مما أسماها بـ «الفتن المتنامية بين الدول العربية والدول الإسلامية»، مبيناً «إننا نرى هذه الأيام جماعات تستشرف لهذه الفتن وتتطلع للنفخ فيها، وتعمل على إثارتها بين أتباع الأديان وأتباع المذاهب وبين الدول العربية وبين الدول الإسلامية، كما حاول البعض إيقاع الفتنة بين مصر والمملكة العربية السعودية، في هذا الوقت الذي تحتاج كل من مصر والمملكة العربية السعودية لبعضهما بعضاً لاستقرار الوضع في مصر، ولتتبوأ مصر مكانتها التي كانت لها بين الدول العربية والإسلامية والدولية في خدمة أمتها العربية وأمتها الإسلامية».

ودعا المحمود «جميع الذين ينقلون الأخبار ويستخدمون أدوات الاتصال الحديثة أن يكونوا على وعي بأن أعداء الأمة العربية والإسلامية لن يناموا وأنهم يعتمدون على وجود من ينشر أسباب الفتنة لتحقيق مآرب الأعداء، فما يصيبنا أذى من مكر أعدائنا إلا بمقدار ما يجدون من بيننا من يعينهم على تحقيق أهدافهم».


عيد: نطالب بالإفراج عن جميع المعتقلين واحترام المواثيق الدولية

إلى ذلك، دعا إمام وخطيب جامع كرزكان الشيخ عيسى عيد بالإفراج عن جميع المسجونين والمعتقلين، واحترام جميع القوانين والمواثيق الحقوقية الدولية التي وقعتها البحرين، والعمل الجاد على تحقيق المطالب الشعبية وتخليص البلد من هذه «الأزمة الخانقة».

وقال عيد، في خطبته أمس (الجمعة): «لا نعلم وجهاً قانونيًّا ودستوريًّا لإحالة قضية سجناء الرأي إلى محكمة الاستئناف المدنية، من قبل محكمة التمييز، والتي نقضت الأحكام الصادرة إبان فترة السلامة الوطنية».

وتحدث عيد في خطبته عن يوم العمال العالمي، قائلاً: «تحتفل معظم دول العالم في الأول من شهر مايو/ أيار من كل عام بعيد العمال العالمي، وهو وإن اختلفت المناسبات والأسباب التي أدت إلى جعل هذا اليوم يحمل اسم عيد العمال من دولة إلى أخرى، إلا أنه ونتيجة لتلك الأحداث والمناسبات والأسباب؛ أصبح هذا اليوم يومًا لتكريم اليد العاملة البناءة، التي يقوم عليها بناء الدول والحضارات في جميع إنحاء العالم، وعلى مدى كل الأزمان».

وقال: «أما في البحرين؛ فإن الاحتفال بعيد العمال في هذا العام والعام الماضي، اتخذ منحى آخر مغايرًا تمامًا لما عليه بقية دول العالم، اتخذ منحى الفصل التعسفي للأيدي العاملة المخلصة، التي قام عليها بناء هذا الوطن عقودًا كثيرة من الزمن، والتي تصبب عرقها وهي تبني وتحتضن كل ما يقوّم مجد وحضارة هذا البلد، وكل ما يؤدي إلى تقدمه».

وذكر أنه «لم تبدِ الحكومة حتى الآن أي سبب قانوني أو عقلي أو شرعي، تستند إليه في هذا الأمر، سوى أن هذه الأيدي العاملة طالبت بحقوقها وعبرت عن رأيها من خلال المسيرات، والاحتفالات والاعتصامات السلمية التي شارك فيها الشعب، والتي كفلها لهم القانون الدولي والعالمي، والقانون الرسمي المحلي، بل أجيزت تلك المسيرات والاعتصامات من قبل المسئولين في الدولة، وعلى لسان كبار المسئولين».

ونوّه إلى أن «هذا الفصل التعسفي أدانته كثير من المنظمات العمالية والحقوقية العالمية، كما أدانته لجنة تقصي الحقائق، وطالبت وبإلحاح بإرجاع كل المفصولين والموقوفين إلى أعمالهم، وإعطائهم كافة حقوقهم القانونية».

وأشار إلى أنه «وإن رجع أكثر المفصولين إلى أعمالهم، إلا أنه بقيت أعداد ليست بقليلة لم ترجع، ومازالت عمليات التوقيف والفصل والإذلال مستمرة إلى اليوم»، مطالباً بـ «إرجاع بقية المفصولين إلى أعمالهم، مع ضمان حقوقهم القانونية، والاحتفاظ بوظائفهم ودرجاتهم ورواتبهم».

وفي سياق خطبته، أشار عيد إلى اليوم العالمي لحرية الصحافة، متسائلاً: «هل حرية التعبير عن الرأي حق خاص بالصحافيين المعنيين بنقل الأخبار اليومية بصدق وأمانة؟، أم أن حرية التعبير عن الرأي حق عام لجميع المواطنين في كل بلد؟. نعم هو حق لكل إنسان في كل بلد وهو الحق الذي كفلته الدساتير الدولية والقوانين العالمية والمحلية».

وبيّن أن «حرية الصحافة تعني حرية التعبير لكل مواطن، وإذا كان لا يصح أن يتعرض أي صحافي للإهانة، أو الاعتقال، أو الحبس بسبب ممارسة حقه القانوني والدستوري في التعبير عن الرأي، فلماذا صح عندهم تعرض المواطنين للإهانة والاعتقال والحبس بسبب ممارسة حقهم القانوني والدستوري في التعبير عن آرائهم».

وتساءل أيضاً: «هل بقاء هؤلاء في السجن بسبب التعبير عن آرائهم يجري ضمن عملية الإصلاح المستمرة، أم أنه تقويض لعملية الإصلاح من الأساس، ومخالفة صريحة للدستور المحلي والعالمي».


القطان: الدولة مسئولة عن تهيئة فرص العمل وتحقيق العدل

على صعيد آخر، قال إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي، الشيخ عدنان القطان، إن: «على الدولة في الإسلام مسئوليتها في تهيئةِ فُرص العمل وطرق المعاشِ، وإيجاد الوسائل والتجهيزات والإعدادات، إن وظيفةَ الدولة في دين الإسلام وظيفةٌ إيجابيةٌ واسِعةٌ شاملةٌ».

ورأى القطان، في خطبته أمس الجمعة (4 مايو/ أيار 2012) أن وظيفة الدولة «حمايةُ الذين يملِكون والذين لا يملِكون. والمُجتمعُ في نظرِ الإسلام مترابطٌ مُتماسِكٌ، جسدٌ واحدٌ، إذا اشتكَى منه عضوٌ تداعَى له سائرُ الجسَدِ بالسَّهَر والحُمَّى. والعلاقةُ بين أفراده ومُؤسَّساته ليست علاقة إنتاج، أو علاقة عرضٍ وطلبٍ، إنها أعمقُ من ذلك وأقوى، إنها علاقةُ عقيدةٍ وفكرٍ وعاطفةٍ، ووحدة نظامٍ وشريعةٍ، جسدٌ واحدٌ يُمِدُّ ويستمِدُّ، وينفعُ وينتفِعُ. والدولةُ هي رأسُ المُجتمع، وهي جهازُه الذي يرعَى هذا الترابُط ويُحافِظُ عليه ويصُونُه، ويُؤكِّدُ لُحمتَه، ويرعَى ثمرَتَه.

وأفاد «إنْ كان هناك من تنبيهٍ؛ فهو إنَّ الحياةَ الإسلامية بمناشِطِها وأعمالها ووظائفها هي حياةٌ نظيفةٌ نزيهةٌ، لا تُقِرُّ العبَثَ، ولا تسمحُ بالفساد المالي والإداري والتحلُّل، وصرفِ المالِ والطاقات فيما لا يحِلُّ، لا ليلاً ولا نهاراً، لا في لهوٍ ولا مُجونٍ ولا سُوء استغلالٍ».

وشدد على أن «الدولة في الإسلام يجب أن تُحقِّق العدلَ، وتدعُو إلى الخيرِ، وتتَّخِذ من الأساليب والوسائل والإجراءات ما يُعالِجُ الفقرَ، ويُخفِّفُ آثارَه، ويضمنُ العيشَ الكريمَ لكلِّ مُحتاجٍ، ويُحقِّق التكافُل بين المُجتمع، وهي: وسائل وأساليب وإجراءاتٌ تختلفُ باختلاف الأزمِنةِ والبيئاتِ والأحوال والنوازِل والمُستجَدَّاتِ والموارِد».

وبيّن أن «للاجتهاد وحُسن السياساتِ والإدارات في هذا مدخلاً واسعاً من الإعداد والتدريب، وتوجيه كل أحدٍ إلى ما يُحسِنُه، مع الأجرِ العادلِ وتشجيعِ المُحسِنِ ومُكافأته، ومُجازاة المُسيءِ ومُعاقبتِه، في سياساتٍ تصُونُ ثروات الأمة، وتزيدُ في إنتاجِها، وتُحسِّنُ مُستوى خدماتها، وتحفَظُ طاقاتها، وتُقدِّرُ جهودَ أبنائِها في مواهبهم، وقُدراتهم، وكفاءاتهم، ومُؤهِّلاتهم، في بناءٍ حضاريٍّ، وإدارةٍ مُنظَّمة، وسياساتٍ مُحكَمة؛ عِمارةً للأرض، وتطبيقًا للشرع، وتوظيفًاً للطاقات في توازنٍ بين حقوق الإنسان وواجباته».

وأوضح القطان أن « الفقر في نظر الإسلام بلاءٌ ومُصيبةٌ، تعوَّذَ الدين منها، ووجَّهَ بالسعي إلى التخلُّص منها، ليس في مدحِ الفقراء آيةٌ في كتاب الله. ونبَّه القرآنُ الكريمُ إلى أن الجوعَ عذابٌ ساقَه الله إلى بعض الأُمم الكافرةِ بنِعَمه».

وذكر أن حل مشكلة الفقر هو «مُطالبةُ كلِّ مسلمٍ قادرٍ، مُطالبَتُه بالعملِ، كما لابُدَّ من إيجاد فُرص العمل؛ فالعملُ هو الوسيلةُ الأولى والسلاحُ المَضَّاءُ، للقضاء على هذه المُشكلة. العملُ بتوفيق الله هو جالبُ المال، وعامِرُ الأرض. العملُ أساسُ الاقتصاد والإنتاج، والغِنَى، والعَفاف، والكفاف، والثَّراء.

وأضاف أن «العملُ مجهودٌ شرعيٌّ كريمٌ يقومُ به العبدُ من عباد الله ليعمُرَ أرضَ الله الذي استُخِلِفَ في عِمارتها بنفسه ومع غيره. إن ديننا يُقرِّرُ ويُؤكِّد أن الله خلقَ الأرضَ، وبارَكَ فيها، وقدَّرَ فيها أقواتَها، وأودعَ في ظهرها وبطنها البركات المذخُورة، والخيرات المنشورة ما يكفي جميعَ عباد الله عيشاً هنيئاً مريئاً».

وأشار القطان إلى أن «العمل في الإسلام عبادةٌ، وما تعدَّى نفعُه وامتدَّ أثرُه فهو أفضلُ عند الله وأزكَى مما كان قاصِراً نفعُه على صاحبِه، وأبوابُ العملِ مفتوحةٌ في الإسلام على كل مصاريعها، يختارُ منها الراغبُ ما يُلائمُ قُدرتَه وكفاءَته وخبرتَه وموهبتَه».


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/660726.html