صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 3997 | الجمعة 16 أغسطس 2013م الموافق 19 رمضان 1445هـ

«البهائم المفخخة»... تدخل الجنة!

الكاتب: سعيد محمد - saeed.mohd@alwasatnews.com

ربما أصبحت مشاهد النحر والقتل وسفك الدماء في بعض البؤر بالوطن العربي والإسلامي من المشاهد المحببة لدى مشايخ البترودولار وعلماء الفتنة ومن يتبعهم ويوافقهم ويطبق فتاواهم الشيطانية التي يجب أن تُرجم! لكن مصاصي الدماء «دراكولات» الاقتتال الطائفي، وأسماء بعضهم كبيرة شهيرة، لم يعملوا هكذا من تلقاء أنفسهم... فخلفهم دول تدعمهم وتمدهم بالمال... خلفهم رؤوس كبيرة تستمتع بلعق الدم.

في الأمة، لا يمكن أن تترك المؤسسات الدينية الكبرى، أيّاً يكن انتماؤها ومنطلقات تأسيسها... لا يمكن أن يترك مطلقو فتاوى التحريض والقتل والنحر الطائفي دون محاسبة ومساءلة! ويجب إيقاف بعضهم لما أثاروه في السنوات الماضية في فتاوى... مطلقين «دراكولا» الموعود بالجنة، وعلى موائد الغداء والعشاء الفاخرة في الحضرة المقدسة، لكي يستبيح الدماء بالقتل على الهوية، وتحت مسميات ودوافع لا علاقة لها بأحكام القرآن الكريم ولا بالشريعة الإسلامية.

كل زمرة مصاصي دماء متنوعة التشكيل والجنسيات والأهواء والشيكات، تتناسل مجاميع من مصاصي الدماء في المجتمع الإسلامي تحمل عقيدة واحدة... قتل المخالف في الدين أو المذهب أو حتى في الأفكار، هو بمثابة تمهيد مؤكد لدخول جنة عرضها السماوات والأرض، أما الفتاوى التي تتعالى من تلك الأفواه العفنة، فهي تجارة خسيسة لكنها مربحة دون شك... يجب علينا أن نتذكر حديث الرسول «ص»: «أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار».

ولعلني أنقل القارئ الكريم معي إلى ما طرحه الباحث بمركز الدراسات والبحوث اليمني عبده البحش بتشديده على أن «أكبر بلوى ابتلي بها العالم العربي والإسلامي هم علماء الدولار... علماء الدنيا... علماء السياسة... علماء التجارة... علماء البورصات والبنوك والأسواق المالية...علماء الاستثمارات والعقارات والأمور الدنيوية»، كل أولئك الذين ربطوا مصالحهم بمصالح أعداء الإسلام فجعلوا من أنفسهم أدوات ومعاول هدم لوحدة المجتمعات الإسلامية، فكانت الفتاوى التي صدرت منهم وحيّرت الكثير من أصحاب العقول السليمة... إذ كيف يمكن لعالم أن يفتي بوجوب الاقتتال بين المسلمين؟، وكيف لعالم أن يدعو إلى تحريض فئة من المسلمين ضد أخرى؟، وكيف لعالم أن يسعى إلى تهييج الناس وإيقاظ الفتنة بين المسلمين؟.

وبلا شك، فإن تلك الفتاوى البعيدة عن المسئولية الشرعية والإنسانية هي أفعال إجرامية تصل إلى مستوى الاتفاق الجنائي على ارتكاب الجنايات باسم الدين وتحت ستار الشريعة، وتحت وهْم ضمان وصول الجاني (المجرم والفاعل الأصلي) إلى الجنة، حتى أصبحت جنان الخلد يمكن أن تصلها البهائم المفخخة والانتحاريون بالجملة مادامت الفتاوى تسهل لهم الطريق، وتمنحهم بطاقات الدخول بأقصر الطرق، غير أن العقوبة الجنائية التي شرعتها القوانين تعاقب مطلقي تلك الفتاوى أيّاً يكن موقعهم ومنصبهم، وبأي شكل من الأشكال... وسواء كان يرتدي زي رجال الدين أو لم يكن منهم، وفي أي مذهب من المذاهب، فإن بإمكان المجتمع الدولي والشعوب التي يلحقها الضرر الأكيد من جراء تلك الفتاوى التحريضية أن يضعوهم تحت طائلة القانون، وأن بالإمكان إصدار القرارات القضائية لملاحقتهم والقبض عليهم. (انظر: فتاوى التحريض- زهير كاظم- الحوار المتمدن 1822).

باحثون ومفكرون وأكاديميون من أبناء الأمة العربية والإسلامية، اتفقوا مع مخاطر (فتاوى التحريض) انطلاقاً من أخطر نتائج الأزمة السورية الدامية، فاتفقوا على أن من أخطر نتائجها على المدى الاستراتيجي ليس الأسلحة الكيماوية ومخاطرها، وليس موت الديمقراطية أو غيابها، وليس النزوح واللجوء والتشرد على أهمية وخطورة تلك الملفات وضرورة معالجتها بالقدر الممكن والمستطاع وبوقت قياسي، لكن الخطر الحقيقي الناجم عن الأزمة السورية هو هدم الدولة السورية وتقسيم الوطن السوري... والخطر الثاني، وهو بيت قصيدنا، هو تحويل سورية وما يجري فيها من تطورات إلى الحلقة الأخيرة والحاسمة في أخذ العالم العربي والإسلامي نحو مواجهة طائفية دموية بين المذهب السني والشيعي، فبعد أن كان المشروع قد بدأ في منتصف السبعينات من القرن الماضي في لبنان على أساس مسلم - مسيحي وتمت السيطرة عليه بفعل عوامل خارجية كثيرة وبحكم أن حرباً من هذا النوع لن تبقى مشتعلة؛ لأن المكون المسيحي في لبنان لا يشكل أغلبية وكذلك في العالم العربي، جرى التفكير في البديل المناسب، فكان الحرب الطائفية داخل الدين الإسلامي بين المذهبين الأساسيين السني والشيعي.

إذن، على الدول والحكومات والرؤوس التي تدعم وتمول دراكولا الفتاوى الدموية أن تدرك أن هؤلاء لن يخيفوا الناس، لكنهم قد يعودون إلى من رباهم وسمَّنهم فيذوقون منهم الويل. إنما يجب على نفر قليل... نعم نفر قليل هو البقية الباقية من علماء الأمة الإسلامية المحترمين، أن يتحركوا، ومن خلال الأزهر الشريف، للتصدي لمصاصي الدماء بكل قوة وحزم، فالمجتمعات الإسلامية تحتاج إلى مثل هذه الحملات لتدمير حاضنة دراكولا في كل بقاع الأمة.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/801241.html