صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4120 | الثلثاء 17 ديسمبر 2013م الموافق 19 رمضان 1445هـ

الأوقاف الجعفرية وفخ مسجد البربغي

الكاتب: قاسم حسين - Kassim.Hussain@alwasatnews.com

عادت قضية المساجد الـ 38 المهدّمة إلى الساحة بقوةٍ، بعدما تكشّف وجود تخبطٍ شديدٍ في تعاطي الأوقاف الجعفرية مع ملف مسجد الشيخ البربغي.

ففي يوم الإثنين (15 ديسمبر/ كانون الأول 2013)، كشف مدير إدارة الأوقاف الجعفرية علي الحداد، في تصريح لـ «الوسط»، عن بدء العمل بإعادة بناء مسجد أمير محمد البربغي في منطقة عالي خلال الأيام المقبلة.

ورداً على الانتقادات الشعبية حول الرضوخ بشأن تغيير موقعه الأصلي، رمى الحدّاد التهمة على الإدارة السابقة، «التي وافقت على إبعاد مسجد البربغي عند إعادة بنائه بمسافة 30 متراً فقط عن الشارع العام»، حسب زعمه. وحاول التغطية على العوار الشرعي في المسألة، بالقول: «إن المساحة الجديدة للمسجد ستكون أكبر من المساحة السابقة، كما سيُضاف للمسجد مرافق متعددة وحديقة»!

كنت أتابع وأكتب عن ملفات الأوقاف لسنوات، وكثيراً ما انتقدت الإدارات السابقة لقصورها وتقصيرها معاً، وكانوا يستاؤون من الانتقادات ويغضبون، لكن الإدارة الحالية هي الأشد ضيقاً وتبرماً بالنقد، فهي تريد أن تفعل ما يحلو لها، وعلى الجميع الصمت والطاعة، وهذا ما لن يكون.

قبل سنة ونصف تقريباً، دُعيت للقاء عددٍ من مسئولي الإدارة (السابقة)، وجلست معهم لأكثر من ساعة ونصف، ووُضعت في صورة التحركات الجارية لحلّ ملف المساجد المهدّمة. واقتضت المصلحة العامة التزام الصمت عن الإدارة، دعماً لمساعيها في إعادة بناء بيوت الله التي هدمتها السلطة بقرار خاطئ.

وربما كانت فكرة إزاحة المسجد عن موقعه الأصلي مطروحةً وراء الكواليس، لكن الإدارة السابقة لم تجرؤ على تنفيذها، لأنها كانت أذكى وأرزن من التورط في هذا الجرم، وهو ما تورّطت فيه الإدارة الجديدة بتنفيذها هذه الفكرة المهزولة.

الإدارة الجديدة اعتمدت أساليب «البروباغندا» منذ أسابيعها الأولى، متوهّمةً أن التصريحات ونشر البيانات في الصحف من شأنه كسب التأييد لإدارةٍ غارقةٍ في الأخطاء. وهي تعيش وهماً مركباً، إذ تعتقد بأن الأوقاف الجعفرية «مؤسسة عريقة متجذرة في وجدان هذا الشعب». وهو تصورٌ موهوم، لأنها ببساطةٍ مؤسسةٌ مسلوبة الإرادة، وبعيدة عن قلوب وعقول الناس، بسبب آفة «التعيين»، وهذا أحد أسباب ما تعانيه من تبعيةٍ وعزلةٍ اجتماعية وسقوطِ سمعة.

الجهات الرسمية وهي تماطل منذ عامين ونصف العام في إعادة بناء المساجد التي هدمتها، روّجت إلى قصة وجود «خطر» بسبب وقوع المسجد على شارع رئيسي عام، وجاراها في هذه اللعبة السمجة مجلس الأوقاف الجعفرية.

وكلنا يعرف أن ثلاثة أرباع مساجد البحرين، في المدن والقرى، تقع على شوارع رئيسية دون أن يطرح أحدٌ وجود خطر على حياة المصلين. حتى المساجد التي شُيّدت في المدن الحديثة (مدينتي عيسى وحمد) بما فيها الجامع الجديد عند مدخل سار، كلها تقع على طرق رئيسية، حيث صُمّمت وفق أحدث طرق التخطيط العمراني.

ما يقال عن خطر مزعوم على المصلين في خصوص مسجد الشيخ البربغي، نكتةٌ سمجة. فلدينا مئات الكفاءات من المهندسين البحرينيين، في الوزارات المعنية، كالأشغال والطرق والبلديات، لن تعوزهم الأفكار لتأمين المداخل والمخارج الآمنة، إلا أن تكون هناك أهدافٌ خفيةٌ يخجلون من ذكرها.

تخبّط وتناقضات الأوقاف الجعفرية، دفعها إلى الإعلان عن اقتراح بتشكيل لجنة لمناقشة تاريخ مسجد الشيخ محمد البربغي وحدوده قبل الهدم، ودعوة كافة المختصين والراغبين للانضمام إلى اللجنة لإعداد ملف متكامل، وطلبت ممن يمتلك المعلومات عن موقع المسجد الأصلي التواصل معها لتعلن النتائج لاحقاً على الجمهور!

اقتراح يبدو هزليّاً، تنقصه الجدية والإحساس بالمسئولية... للخروج من الفخ.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/838991.html